السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوادث وقضايا

حقنة بنج وجثة داخل مقبرة.. مقتل طبيب الساحل على يد صديقه بسبب الغيرة

طبيب الساحل
طبيب الساحل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

دائمآ ما يكون هناك رابط بين ارتكاب جريمة القتل بهدف السرقة أو اختطاف لطلب الفدية بالحالة المادية للمتهمين التي تكون بمثابة الدافع لارتكاب جريمتهم، فأحد الأسباب الرئيسية في زيادة معدلات الجريمة هو العامل الاقتصادي، لأن هناك نسبة طردية بين الفقر وزيادة الجريمة على مستوى العالم، فعندما تنخفض الحالة الاقتصادية تزداد معدلات الجريمة، والعكس يكون أيضًا صحيحا، والمتعارف عليه أن في أغلب الأوقات يكون الجناة من أرباب السوابق أو دون عمل دفعتهم ضائقة مالية لارتكاب الجرم، ولكن ماهو الدافع إذا كان القاتل طبيبا؟ لم تعد الجريمة بثوبها القديم والمتعارف عليها، ولكن هناك نشوزا في القاعدة ومراحل تطورها وبات القاتل غير محكوم بمادة أو طبقة اجتماعية وأصبحت الجرائم الأكثر دموية تأتي من أقرب الناس.

قاتل بدرجة طبيب

هناك في منطقة الخلفاوي بساحل القاهرة وقعت جريمة قتل قد تكون الأكثر دموية خلال النصف الأول من العام الجاري والتي تصدرت عناوين المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي بمختلف منصاتها تحت مسمي "قضية مقتل طبيب الساحل"، الدكتور "أسامة توفيق السيد صبور" الشاب الذي أتم عامه الثلاثين قبل بضعة أيام، ابن مركز هيها بمحافظة الشرقية والذي يعمل كطبيب عظام بمعهد ناصر للبحوث ويمتلك عيادة خاصة بشراكة قاتلة لنفس التخصص بمنطقة الساحل بمحافظة القاهرة، جريمة بشعة جسدت المعني الحرفي للخيانة والندالة وغدر الصديق الذي فتك بشريكه ورفيق دربه والتخلص من جثته بدفنها داخل العيادة التي بدأها سويا لتكون مقبرة لذلك الشاب علي يد الصديق الخائن.

الغيره القاتلة

 لعل الغيرة هي أحد أسباب جريمة قتل طبيب الساحل البشعة غير المعلنة، فهناك تراكمات وحقد كانتا في قلب القاتل "أحمد ش" صاحب ال32 عاما، والذي يعمل طبيبا ليس بحاجة إلي المال لامتلاكه 4 عيادات لتخصص العظام بخلاف عمله في معهد ناصر رفقة المجني عليه، حيث قادته الكراهية وسلبه الشيطان عقله وسار علي خطاه، والذي استعان ب"إيمان م" ذات ال28 ربيعا والتي تعمل في مجال المحاماة، وكذا الممرض "أحمد ف" البالغ من العمر 24 عاما، ليستدرج صديق عمره وعمله وشريكه في العيادة التي تعمل بنظام الورديات إلي ذات العيادة "تعالي يا أسامة.. محتاجك ضروري في العيادة.. في حالة عاوزك تساعدني فيها" في البداية حاول الطبيب المخدوع التنصل لكونه في أوقات العمل الرسمية بمستشفي معهد ناصر ولكن مع إصرار شريكه استأذن الطبيب نصف ساعة مع وعد بالعودة.

خرج ولم يعد

 بمجرد وصول الدكتور "أسامة" ودلوفه إلي العيادة قدم له فنجان قهوة به مادة مخدرة لم يأت مفعولها سريعا ليفاجأ بضربة علي رأسه من الخلف أسقطته أرضا، ليجتمع الجناة الثلاثة وأعطوه حقنة بينج قادته إلي الموت، الخطة لم يكن بداخلها جريمة القتل وإنما تخدير الضحية واحتجازه وطلب فدية من أهليته لعلم المتهم الرئيسي بكل تفاصيل حياة شريكه المجني عليه ويسر حالة أسرته المادية، شعر المتهم بصديقه وأن روحه تنسحب من جسده حاول إعطاءه حقنة مضادة لإفاقته "لا يا أسامة.. مش عاوزك تموت.. خليك معايا يا أسامة.. أنا مكنش قصدي أقتلك" ولكن قد نفذ قضاء الله وفاضت روح طبيب الساحل كما عرف إعلاميا فيما بعد إلي بارئها.

جثة تحت البلاط

لحظات من الصمت والحسرة عاشها المتهمون الثلاثة انتهت بصوت الطبيب القاتل الذي بادر قائلا "هنعمل ايه كده كلنا روحنا في داهية؟" ليتحول الحزن إلي تفكير وخطة محكمة للهروب بالجريمة ويقودهم شيطانهم لخلع عدد من قطع السيراميك “البلاط” الموجودة بأرضية العيادة وحفر قبر المجني عليه ووضعه بداخله ثم شراء كمية أسمنت وصبه علي مكان المقبرة ووضع البلاط كما كان وإلقاء سجادة عليها والهروب مهرولين تسابق ضربات قلوبهم أقدامهم.

الكاميرات تحل اللغز

بالتزامن مع ذلك بدأ خبر تغيب الدكتور "أسامة" ينتشر بين أسرته وأصدقائه وتحرر محضر اختفائه، بعد مرور أربعة أيام علي الجريمة وسط مخاوف تحولت لحقيقة مؤلمة، وبالتنسيق بين قطاع الأمن العام وإدارة البحث الجنائي بمديريتي أمن القاهرة والشرقية ومباحث الإنترنت تبين أن آخر مكالمة أجريت من هاتف المتغيب كانت لصديقه الطبيب القاتل يطالبه فيها بالحضور للعيادة التي يعملان بها، انتقلت قوة أمنية من ضباط مباحث قسم شرطة الساحل بالقاهرة إلي العيادة وبالدخول وجدوا طبيبا آخر نفي علمه بمكان الطبيبين "المجني عليه والقاتل" وبمراجعة كاميرات المراقبة بمحيط العيادة واسترجاع الهاردسك لأربعة أيام سابقة بالتزامن مع آخر مكالمة قبل اختفائه تبين دخول المتغيب إلي العيادة وعدم خروجه مرة أخري وخروج المتهمين الثلاثة دونه.

جريمة داخل العيادة 

عادت القوة مرة أخري لفحص العيادة بدقة حتي قام أحدهم برفع السجادة ليتبين وجود عدد من بلاط العيادة مركب حديثا وبسؤال الطبيب الموجود نفي أيضا معرفته بالأمر، رجل المباحث بحسه الأمني شعر بأنه علي موعد مع جريمة نكراء لم نعتاد سماعها في مجتمعنا وطلب الحفر بتلك المنطقة وخلع البلاط، ولم يمر كثيرا حتي تحول شعوره إلي حقيقة، ملابس بداخلها جثة متعفنة تظهر يبدو أنها لذاك الطبيب المتغيب “ أسامة”، أبلغ رجال المباحث النيابة العامة بما حدث وعلي الفور حضر فريق من نيابة الساحل يرافقه خبراء الأدلة الجنائية لرفع البصمات وتحولت العيادة إلي مسرح جريمة وكردون أمني بمحيطها لمنع الدخول إليها.

الإيقاع بالجناة

لم يكن اكتشاف المتهمين بالأمر الصعب فالمكالمة الأخيرة وكاميرات المراقبة التي رصدت خروجهم دون المجني عليه كفيله بإثبات إدانتهم ، ولكن الإيقاع بهم هو الأمر الذي كان يحتاج مزيدا من الجهد، لم تمر ساعات من العمل الشاق علي رجال المباحث والمصادر السرية لهم بالتعاون مع مباحث الإنترنت والاستعانة بالتقنيات الفنية الحديثة لتحديد مكان المتهمين، ونجحت جهودهم بالتنسيق مع قطاع الأمن العام ومديرية أمن المنيا في القبض علي المتهم الرئيسي بالتزامن مع انطلاق مأمورية ألقت القبض علي باقي الجناة، وبمواجهتهم اعترفوا بإرتكاب الواقعة على النحو المشار إليه لطلب فدية من أهلية المجني عليه ولكنه لفظ أنفاسه الأخيرة متأثرًا بحقنة البنج.

محاكاة تصويرية 

وبالعرض علي نيابة الساحل والتي واجهت المتهمين بما أسفرت عنه التحريات والضبط أقروا بصحتها؛ وعليه أمرت النيابة العامة بانتداب طبيب شرعي لتشريح جثة المجني عليه وإعداد تقرير وافٍ عن كيفية وأسباب الوفاة وصرحت بالدفن عقب بيان الصفة التشريحة لها وتسليم الجثمان لذويه لإجراء مراسم الدفن، كما أمرت النيابة بحبس المتهمين 4 أيام احتياطيا على ذمة التحقيقات وجدد قاضى المعارضات حبسهم 15 يوما، واصطحب فريقا من النيابة العامة المتهمين إلي مسرح الجريمة لإجراء معاينة ومحاكاة تصويرية وتمثيل جريمتهم وطلبت النيابة تحريات المباحث التكميلية حول الواقعة ولا تزال التحقيقات مستمرة.