الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

تعرف على عظة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي الأحد الرابع

ارشيف
ارشيف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قال البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في عظته اليوم الأحد الرابع من زمن العنصرة ،في القداس الإحتفالي لعيد الأب من تنظيم مكتب راعوية العائلة والزواج في الدائرة البطريركيّة المارونيّة بالتعاون مع اللجنة الأسقفيّة للعائلة والحياة المنبثقة من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان.
 

"ابتهج يسوع بالروح القدس وصلّى" (لو 10: 21) 
1. هذه الكلمة الإنجيليّة تكشف لنا أنّ الروح القدس يعلّم كلّ مؤمن ومؤمنة كيف يصلّي. فعلى مثال الربّ يسوع، الصلاة هي ابتهاج القلب بالروح القدس، واعتراف بأبوّة الله، وشكرٌ له على تجليّاته وأعماله من خلال الكنيسة والمؤمنين. هذا الإبتهاج بالروح يظهر على وجوه المصلّين المشاركين في الإحتفالات الليتورجيّة، وفي قمّتها القدّاس الإلهيّ أيّام الأحاد والأعياد. كما يظهر في الأناشيد والتراتيل المتقنة والمتناغمة من الجوقات والشعب. ويظهر في زينة الكنيسة ونظافتها وأزهارها النضرة، وفي ملابسها الليتورجيّة. بهذا الجوّ يعيش المؤمنون بنوّتهم لله، ويشعرون بأبوّة الله لهم، ويعرفون الآب من وجه المسيح ابنه الذي صار إنسانًا لخلاصنا. وقال:"لا أحد يعرف الآب إلّا الإبن، ومن شاء الإبن أن يُظهره له"(لو 10: 22).
2. يسعدنا أن نحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهيّة، وبأبوّة الله لنا، وبنوّتنا له. وفي المناسبة نحتفل بعيد الأب الذي ينظّمه مكتب راعويّة الزواج والعائلة في الدائرة البطريركيّة. فأحيّي منسّقه الأباتي سمعان أبو عبدو والمهندس سليم الخوري وزوجته السيّدة ريتا. كما أحيّي سيادة أخينا المطران منير خيرالله رئيس اللجنة الأسقفيّة للعائلة والحياة المنبثقة من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان والتي ينسّق معها مكتب راعويّة الزواج والعائلة.
وأودّ الإعراب عن تقديري لما يقوم به هذا المكتب من نشاط. فأذكر على سبيل المثال: التعاون مع جامعتي الحكمة والقدّيس يوسف لتأمين برامج الديبلوم في المرافقة العائليّة، وديبلوم الوساطة، ومكتب الإصغاء والمصالحة.
3. ويطيب لي أن أهنّئ كلّ أب في لبنان والنطاق البطريركيّ وبلدان الإنتشار. والمعايدة إقرار بتضحيات كلّ أب. فالأب هو جسر البيت والعائلة، يعمل في سبيلهما ويضحّي. وبعنايته يعكس أبوّة الله. وعندما يصبح جَدًّا يزداد حبًّا وحنانًا لأحفاده. إنّنا نصلّي على نيّة كلّ أب سائلين الله أن يعضده بنعمته. ونذكر في صلاتنا كلّ أب سبق عائلته إلى بيت الآب.
4. وفيما نرحبّ بجميع الحاضرين، أوجّه تحيّة خاصّة إلى اللجنة الإداريّة لوقفيّة سيّدة العناية في أدونيس-جبيل، إلى رئيسها عزيزنا الأب أنطوان خضرا وسائر أعضائها الأحبّاء، ذاكرين بصلاتنا الوجوه العزيزة التي سبقتنا إلى دار الخلود.
5. "ابتهج يسوع بالروح القدس وصلّى" (لو 10: 21). الصلاة هي ابتهاج بالروح القدس. ما يعني أنّ الروح يعلّمنا كيف نصلّي. وهو الذي ينعش صلاتنا. الصلاة ثلاثة أنواع: الصلاة اللفظيّة بالكلمات للشكر والتسبيح والطلب والإستغفار. والصلاة الـتأمليّة حول نصّ من الإنجيل، وهي ضرورة في حياتنا لكي نتقبّل كلمة الله في قلوبنا فتعطي ثمارها. والصلاة العقليّة الصامتة أمام القربان في حالة إصغاء لما يقول لنا الروح (راجع كتاب التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة، 2697-2719). 
6. صلاتنا النابعة من الروح القدس ترتوي من ثلاثة ينابيع:
ينبوع كلمة الله التي يخاطبنا الله بها، هي تعلّمنا أن نجيبه بالصلاة. من لا يسمع كلمة الله لا يصلي. لأنه لا يعرف كيف يصلي.
وينبوع الليتورجيا التي تحييها الكنيسة ونحن نشارك فيها، فتجعل صلاتنا كنسيّة وتدخلنا في شركة مع الله الواحد والثالوث، ومع الإخوة.
وينبوع الفضائل الإلهيّة: فمن باب الإيمان بصلاتنا نبحث بتوق عن وجه الله؛ ومن باب الرجاء نصلّي منتظرين تجليّات الله في حياتنا وفي التاريخ؛ ومن باب المحبّة تأخذ صلاتنا حرارة تتذوّقها وتثابر عليها.
7. كلّ هذا يعني أنّ الصلاة هي أوكسيجين النفس، فلا يستطيع أحد من دونها أن يقيم علاقة سليمة مع الله والناس، وبخاصّة إذا كان صاحب مسؤوليّة في الكنيسة والعائلة والمجتمع والدولة. فالمسؤول الذي لا يصلّي، لن يتمكّن من سماع صوت الله في ضميره، ولا أنين من هم في دائرة مسؤوليّته. أليس هذا أصل أزمتنا السياسيّة في لبنان وما يتفرّع عنها من أزمات اقتصاديّة وماليّة ومعيشيّة واجتماعيّة وإنمائيّة؟ المسؤوليّة هي نوع من الأبوّة.
8. كيف نستطيع مع شعبنا، الذي تكويه في الصميم هذه الأزمات، أن نقبل بمهزلة ما جرى في جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة الأربعاء الماضي، بعد ثمانية أشهر من الفراغ والإنتظار، حيث انتُهك الدستور والنظام الديمقراطيّ بدمٍ بارد، وتوسّع جرح الإنقسام والإنشطار، في وقتٍ يحتاج فيه لبنان إلى شدّ أواصر الوحدة الداخليّة؟ أهكذا نحتفل بمئويّة لبنان المميّز بميثاق العيش معًا مسيحيّين ومسلمين، وبالحريّات العامّة، والديمقراطيّة، والتعدّديّة الثقافيّة والدينيّة في الوحدة؟ أهكذا ننتزع من لبنان ميزة نموذجيّته، ونجرّده من رسالته في بيئته العربيّة؟ فلا بدّ من عودة كلّ مسؤول إلى الصلاة والوقوف في حضرة الله بروح التواضع والتوبة والإقرار بخطئه الشخصيّ، لكي يصحّح خطأه، ويتطلّع إلى حاجة الدولة والمواطنين من منظار آخر.