الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

ديفيد فالا يكتب: السجلات الأفغانية.. المخابرات الباكستانية وسط أسلاف «داعش»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى ذلك اليوم، كان من المقرر أن أغادر معسكر خلدن أحد معسكرات تدريب القاعدة فى أفغانستان قبل صلاة الفجر. وقد تدربت بجميع وحدات التدريب بدايه من وحدة المسدسات إلى تلك الخاصة بالمتفجرات مرورًا بالتدريب الأيديولوجى والسياسي.
ومع آخر يوم لى فى التدريب تم إعفائى من الدروس النظرية الصباحية ومن الدروس التدريبية بعد الظهر وفى الصباح تم توزيع جميع المجموعات على وحدات التدريب التى يتبعونها وسوف أقوم بتسليم سترتى التكتيكية المكونة من ثلاث شواحن وAK٤٧ الصينية الصنع إلى مستودع الأسلحة.
الشتاء فى أفغانستان خاصة فى شهر ديسمبر شديد القسوة.. لتسليم عهدتى يجب أن أذهب إلى خيمتى الموجودة على جانب الجبل، وأن أتسلق المنحدر الذى يؤدى إلى سريرى دون إحداث أدنى ضوضاء ذلك أن حقيبتى موجودة عند مدخل الخيمة على اليمين.. كل هذه التفاصيل ستكون على قدر من الأهمية خلال بضع ثوان.. وعندما عدت إلى الخيمة وجدت شخصين يجلسان القرفصاء أحدهما يحمل سماعة رأس والثانى معه صندوق به لوحة مفاتيح وهوائى صغير يدور على نفسه.
وبجانبهما يوجد صندوق من الألومنيوم به رغوة سوداء تحمى الترس الموجود فيه.. قبل أن يستديرا لمعرفة من يدخل الخيمة توجهت نحو فراشى وقلت «السلام عليكم» وأخذت مصحفًا صغيرًا من تحت وسادتى ثم خرجت متظاهرًا بأننى لم ألاحظ شيئًا، وقد تظاهر الرجلان كأنهما لم ينزعجا ولم يسألنى أحد إذا كنت لاحظت شيئا أم لا.


أدركت حينئذ أن الوقت قد حان لمغادرة خلدن، إذ يبدو أن المخابرات الباكستانية لديها الآن مكتب هناك، وقد استنتجت أنهما يتبعان المخابرات الباكستانية إذ إنهما وصلا من أسبوع ووجدت سبب مجيئهما إلى «المعسكر» أمرًا غريبًا. وعندما سألتهما عن السلاح الذى يريدان التدرب عليه أجابا باقتضاب أنهمل جاءا من كشمير للتدريب على قذائف هاون من عيار ٨٢ و١٢٠ مل.
لم أبد استغرابى لهما ذلك لأن قذائف الهاون سلاح يستخدم للقتال فى الجبال كما أن جهاديى كشمير على حد علمى لا يفتقرون إلى قذائف الهاون ولا الذخيرة ولا المدربين.. لقد كانا مثل اثنين من البلجيكيين سافرا إلى الخارج لتعلم صنع رقائق البطاطس وعلى الفور ومض فى ذهنى «ضوء أحمر» تجاه هذين «الرجلين» القادمين من كشمير.
لا شك أنهما من باكستان لأن الأفغان الموجودين والقائمين بالخدمات اللوجستية كانوا يبلغون الزعيم الإسلامى بحكمتيار ولأن مسعود بالتأكيد لديه أيضًا عينان وآذان هناك. وربما يكونان من ضمن الطلاب الذين ترسلهم بعض الدول للاستخبار. كل وسائل الاتصال والكاميرات والفيديو ممنوعة فى خلدن إلا بموافقة الأمير.
جاء وجود هذين العميلين فى نفس الوقت الذى أقتحمت فيه الشرطة «بيت الشهداء» فى بيشاور والتى أعلنت أن الظروف غير مواتية للمرشحين الأجانب للجهاد فى أفغانستان. ولإثبات حسن النية للولايات المتحدة بدأت باكستان باعتقال الجهاديين على أراضيها باستثناء الأفغان والباكستانيين.
لذلك أتصور أن الرجلين كانا هناك لمعرفة عدد الطلاب الذين سوف يمرون بمنزل الشهداء فى باكستان.
فى اليوم التالى عند وصولى إلى بيشاور، داهمت الشرطة المكان يوم وصول الضابطين إلى خلدن لاعتقال المتواجدين فقط فى حرم المنزل. وأعلنت أنها ستعتقل فى المرة القادمة من بداخل المنزل.
وفى نفس اليوم كنت دخلت «البيت الجزائري» فى ضاحية بابى وهو المنزل الوحيد الذى لم تقترب منه الشرطة وذلك بعد أن ذهب القائد أبو مخلوف ليثنى عمدة بيشاور عن اعتقالنا.
وقد أكدت المخابرات الباكستانية أنه تم تنحية الجزائريين جانبا حتى فى منطقة الجهاد.. ومع ذلك أعتقد أن هذه الحكاية تعتبر إهانة لأجهزة المخابرات الباكستانية لأنها تفترض أن باكستان لا تعرف ما يجرى فى أفغانستان.
 

معلومات عن الكاتب: 
ديفيد فالا.. جهادى فرنسى تائب. اعتنق الإسلام فى شبابه، وقام بمحاولة فاشلة للانضمام إلى صفوف المجاهدين الأجانب الذين ذهبوا لدعم مسلمى البوسنة خلال حرب البوسنة والهرسك، ثم غادروا للتدريب فى معسكر جهادى فى أفغانستان. ولدى عودته، شكل خلية إسلامية وتم تفكيكها فى سياق هجمات عام 1995. وفى عام 1998، حكم على فالا بالسجن ست سنوات. خلال السنوات التى قضاها فى السجن، قرر الانفصال عن الأيديولوجية الإسلامية ثم عاود الاندماج فى المجتمع الفرنسي. فى عام 2010، قرر الخروج من الصمت للإدلاء بشهادته حول تجربته.