وعد الرئيس النيجيري الجديد، بولا أحمد تينوبو، بجعل الأمن أولوية قصوى لإدارته، ففى خطاب تنصيبه وعد، من بين أمور أخرى، بتزويد أفراد الأمن بتدريب ومعدات وأجور وقوة نيران أفضل.
وهذا دلالة على أن الرئيس الجديد قرأ المزاج العام فى البلاد جيدا، بعد أن أظهر استطلاع حديث أن ٧٧٪ من النيجيريين يشعرون بعدم الأمان فى بلدهم.
ولقد تدهورت الحالة الأمنية فى نيجيريا على مدى السنوات الثمانى الماضية. وتتأثر كل منطقة من مناطق البلاد، حيث تظهر البيانات التى تم جمعها، من مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاع المسلح، أن هناك ٥٩.٢٧٩ حالة وفاة بسبب الحوادث المتعلقة بالأمن بين ٢٩ مايو ٢٠١٥ عندما تولى الرئيس بوهارى منصبه و١٨ مايو ٢٠٢٣، وهذا يعارض تسجيل ٣٤.٠٦٦ حالة وفاة من هذا القبيل بين ٢٩ مايو ٢٠٠٧ و٢٨ مايو ٢٠١٥.
كانت بوكو حرام، التى كانت موجودة بأشكال مختلفة منذ تسعينيات القرن العشرين، لسنوات عديدة أكبر تحد أمنى فى البلاد، وتركز إرهابها، الذى بدأ فى ولاية بورنو، فى المنطقة الشمالية الشرقية، ولكن الآن، تنشر جماعات مسلحة أخرى العنف فى جميع أنحاء نيجيريا.
وكان نتيجة هذا الانتشار أن قتل ما لا يقل عن ٧.٢٢٢ نيجيريا واختطف ٣،٨٢٣ نتيجة لـ٢.٨٤٠ حادث عنف بين يناير ويوليو ٢٠٢٢.
وقدم بخارى عددا من الوعود لمعالجة المشاكل الأمنية المزمنة فى نيجيريا، لكنه فشل فى معالجتها بشكل فعال.
ومن هنا كانت أهمية تحديد الخطوات العاجلة التى يجب على إدارة تينوبو اتخاذها لتحويل تيار انعدام الأمن، وهى بحاجة إلى مراجعة مخصصات الميزانية الأمنية لسلفها وإلقاء نظرة فاحصة على تنفيذها، سيساعد هذا فى تحديد مجالات عدم الكفاءة والفساد، وهناك أيضا حاجة إلى تعزيز الرقابة والتنسيق بين الوكالات الأمنية.
علاوة على ذلك، تحتاج إدارة تينوبو إلى معالجة العوامل الاجتماعية والاقتصادية الأساسية التى تسهم فى انعدام الأمن، إن الاستثمار فى التعليم والرعاية الصحية وتطوير البنية التحتية أمر بالغ الأهمية، وكذلك خلق فرص العمل، والتخفيف من حدة الفقر، والنمو الاقتصادى الشامل.
تدهور الوضع
بدأت إدارة بخارى بداية قوية فى عام ٢٠١٥ لأنها كانت قادرة على تأمين الأسلحة من الولايات المتحدة، وكان لذلك أثر على قدرة الجماعات الإرهابية والمتمردة فى الشمال الشرقى، ولكن خلال فترتى ولايته، ساءت الأمور فى كل جزء من البلاد.
وفى شمال شرق نيجيريا، حافظت ولاية غرب أفريقيا التابعة لتنظيم الدولة (ISWAP)، على وجه الخصوص، على مرونتها من خلال التغيير المستمر لاستراتيجياتها التشغيلية - باستخدام المركبات الجوية غير المأهولة، على سبيل المثال.
وقد هاجمت الجماعة أهدافا عسكرية ومدنية فى شمال غرب نيجيريا ولا تزال تشكل تهديدا فى الشمال الشرقى.
وفى الحزام الأوسط: ويشمل ذلك ولايات فى شمال وسط نيجيريا وأجزاء من شمال غرب وشمال شرق نيجيريا، وفى ولاية بلاتو وولاية بينو وجنوب كادونا، تواجه المجتمعات الريفية هجمات من الميليشيات العرقية التى حددها الناجون على أنهم من الفولانى.
ويتم تنفيذ معظم الهجمات لتهجير السكان المحليين. إنهم يدمرون المحاصيل والأراضى الزراعية، ويقتلون الناس والحيوانات، ويحرقون المنازل، ويجعلون الناجين يخشون العودة.
وفى عام ٢٠١٨، أودت هذه الهجمات بمقتل مدنيين أكثر بستة أضعاف من الإرهاب فى الشمال الشرقى.
وقد احتلت جماعات الفولانى أكثر من ١٠٠ مستوطنة فى ولاية بلاتو وجنوب كادونا وأعيدت تسميتها بعد تهجير المجتمعات المحلية.
وقد أثيرت هذه المسألة فى الجمعية الوطنية، وفى عام ٢٠٢٠، سنت حكومة ولاية بلاتو قانونا ضد الاختطاف والاستيلاء على الأراضى والطائفية وغيرها من أعمال العنف، لكن الهجمات استمرت فى مجتمعات ولاية بلاتو.
وفى المنطقة الشمالية الغربية، ظهرت موجة جديدة من اللصوصية فى المنطقة خلال إدارة بخارى. فى البداية بدا أنها مدفوعة بالخلافات العرقية بين جماعات الفولانى والهاوسا. لكن يبدو أن جماعات الميليشيات التى لجأت إلى الغابات متورطة أيضا.
وهاجم قطاع الطرق مواقع عسكرية واختطفوا مئات من طلاب المدارس واختطفوا المسافرين، حتى أنهم قصفوا قطارا واختطفوا الركاب.
ويوجد الآن العديد من جماعات قطاع الطرق فى جميع أنحاء المنطقة الشمالية الغربية وولاية النيجر، هذه المجموعات مدفوعة اقتصاديا، وعندما لا يختطفون للحصول على فدية، فإنهم يستغلون عدم وجود الدولة لفرض الضرائب ورسوم الحماية على المجتمعات الريفية.
ويعد الاختطاف للحصول على فدية حاليا مشروعا إجراميا مزدهرا عبر المناطق الحضرية فى نيجيريا وعلى شبكات الطرق الرئيسية.
فى الجنوب الشرقى، هنا أيضا تدهور الوضع فى عهد بخارى، وأدت تعييناته غير المتوازنة - المعروفة باسم ٩٧٪ مقابل ٥٪ لبخارى - إلى تغذية تهديد انفصالى عنيف فى المنطقة.
دافع السكان الأصليون فى بيافرا (IPOB) عن القضية، وتم القبض على زعيمهم، نامدى كانو.
لكن الجماعة ظلت صامدة، ومن خلال التهديدات والعنف، فرضت أياما من الاعتصام فى المنزل فى أجزاء من الجنوب الشرقى.
الهروب من السجن، مكنت إحدى عشرة عملية ناجحة بين عامى ٢٠١٧ و٢٠٢٢ ٦.٣٥٥ سجينا، بمن فيهم إرهابيون وقطاع طرق بارزون، من الفرار. وتكشف النتائج التى توصلت إليها أنه تم إعادة اعتقال ٧٥٨ شخصا فقط.
حدثت ٤ عمليات ناجحة خلال نظام الرئيس جودلاك جوناثان، حيث هرب ٩٣٠ وأعيد اعتقال ٢٧٤ أو إعادتهم.
قائمة مهام الإدارة الجديدة
ويجب مراجعة ميزانية الأمن وتنفيذها لتحديد أوجه القصور والفساد، ومن شأن عمليات التدقيق المنتظمة ومشاركة المواطنين وحماية المبلغين عن المخالفات أن تحسن الشفافية والمساءلة.
تحتاج الأجهزة الأمنية إلى إشراف وتنسيق أفضل، إلى جانب مراقبة الأداء والمساءلة. ويمكن لهذه التدابير أن تحسن أثر الميزانيات الأمنية.
من الضرورى أيضا معالجة العوامل الاجتماعية والاقتصادية التى تساهم فى انعدام الأمن. وتحتاج البلاد إلى خلق فرص العمل والتخفيف من حدة الفقر وتحقيق نمو اقتصادى شامل، لا سيما فى المناطق المتأثرة بالارهاب وانعدام الأمن.
ومن شأن الاستثمار فى التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية أن يخلق فرصا تثبط الأنشطة الإجرامية.
الحكم الشامل ضرورى للتعايش السلمى والشعور بالانتماء يجب على الحكومة أيضا معالجة أزمة النزوح والاحتلال العالقة فى الحزام الأوسط، والتحريض الانفصالى فى الجنوب الشرقى.
التواصل الفعال بين المجتمعات والأجهزة الأمنية أمر ضرورى، يجب أن يستجيب قطاع الأمن بشكل أسرع لعلامات الإنذار المبكر، وأخيرا، يجب محاكمة مرتكبى العنف ورعاتهم.
سياسة
بسبب تمدد «داعش».. الوضع الأمني في نيجيريا يزداد سوءًا
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق