كشف تقرير أن الأزمة الباكستانية المزدوجة السياسية والاقتصادية تجعل البلاد تدور في حلقة مفرغة، مما يتسبب في استياء شعبي في الداخل وخيبة أمل كبيرة بين مقدمي المساعدات والحلفاء في الخارج.
وأوضح تقرير نشرته صحيفة “ديركتوس” الأوربية أن السياسيين في باكستان باتوا يلعبون لعبة ذات محصلة صفرية، ويتم التحكم بهم عن بعد بواسطة الجيش الذي يرى تهديدا كبيرا من داعمي رئيس الوزراء السابق، عمران خان، الذين هاجموا المؤسسات الرئيسية في ٩ مايو، عقب اعتقال خان.
يبين التقرير أن الأزمة الاقتصادية والسياسية في الداخل تتعمق، في ظل عدم وجود جدول زمني لانتخابات تشريعية ومحافظات، لعدم وجود اتفاق بين السياسيين، ففي حين تنفي حكومة رئيس الوزراء، شهباز شريف ما تردد عن تأجيل الانتخابات إلى العام المقبل أو إلى أجل غير مسمى لتجاوز الأزمة الاقتصادية أولا، بينما يحذر محللون باكستانيون أن أي تأجيل من شأنه أن يفاقم الأزمة السياسية ويؤجل أي انتعاش اقتصادي.
وعلى الصعيد الخارجي، لا يبدو الوضع مطمئنا، فبحسب الصحيفة، حجب صندوق النقد الدولي خلال الأشهر السبعة الماضية شريحة الإنقاذ المالي التي تحتاجها باكستان بشدة، إذ أنه ينتظر مصالحة سياسية أو ظهور حكومة تصريف أعمال يمكنها التحدث إلى مسؤوليها وتحميلهم المسؤولية في المستقبل.
- خامس أكبر دولة مستدينة
يبين التقرير أن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها اسلام أباد تسببت في نقص حتى في السلع الضرورية والأساسية للمواطنين، حتى أن الوضع أجبر باكستان لطلب قرض آخر من صندوق النقد الدولي، قبل أن تنتهي من الحصول على القرض الحالي، مشيرة إلى أن هذا الطلب هو أمر غير معتاد وغير مسبوق بالنسبة للبلد.
وتعد باكستان خامس أكبر دولة مدينة لصندوق النقد الدولي، ففي أغسطس ٢٠٢٢، قدم الصندوق قرض بقيمة ١.١ مليار دولار كجزء من برنامج بقيمة ٦.٥ مليار دولار، وهو قرض تمت الموافقة عليه من يوليو ٢٠١٩، لكن توقف الصندوق عن استكمال البرنامج جعل شركاء خارجيين آخرين وقف المساعدات من جانبها.
تلفت الصحيفة إلى أن حالة الاستياء الداخلية ظاهرة في وسائل الإعلام المستقلة المحلية، إذ دعت صحيفة “داون” الباكستانية في تقرير مؤخرا، “لقد حان الوقت للحكومة لإعلان الإطار الزمني لحل المجالس والإبلاغ عن موعد الانتخابات العامة المقبلة. إنه أمر حيوي ليس فقط للديمقراطية ولكن أيضًا للتحول الاقتصادي الذي طال انتظاره في باكستان”.
وحذرت: "الوضع مريع حاليا. النمو، على كل حال، قد تقلص إلى ما يشبه بضعة نقاط المطر. لن يكون من السهل ترويض التضخم الجامح. إن العجز المالي وسداد الديون المتراكمة تجاوزا بالفعل مستويات التهديد. أدى تقلب أسواق رأس المال والسلع والممتلكات والعملات إلى زيادة القلق.
تمكنت الحكومة من تفادي التخلف عن السداد حتى الآن، لكن المستوى المرتفع للالتزامات المستقبلية وإحجام المانحين يعني أن خطر الإفلاس مستمر. قد تكون خطوات الإغاثة الجزئية للفقراء والجهات الفاعلة الرئيسية في النمو ضمن حدود ظروف استقرار صندوق النقد الدولي (IMF) غير فعالة، وفقا للصحيفة الأوروبية.
وفي الوقت نفسه، بلغ الدين المحلي لباكستان 36.5 تريليون روبية باكستانية في حين استحوذ الدين الخارجي على حصة 37.6 في المائة مقابل 22 تريليون روبية في نهاية أبريل، في حين بلغ التضخم أكثر من ٣٩٪ خلال العام المالي الحالي.
ويتوقع البنك الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2 في المائة، وليس 3.5 كما تدعي الحكومة، وفقا للصحيفة، مشيرة إلى أن السلطات الباكستانية أمرت جميع المؤسسات بالإغلاق بحلول الساعة ٨ مساءا “للحفاظ على الطاقة”.
ونقلت الصحيفة عما اختتمت به الصحيفة الباكستانية “داون”، “ليس هناك أوقات أكثر صعوبة، من الأوقات الحالية لإعداد الميزانية الوطنية، إن عدم اليقين المتعلقة بالانتخابات والتمويل الأجنبي المطلوب لتغطية فجوة تمويل الحساب الخارجي الهائلة البالغة حوالي 25 مليار دولار خلال السنة المالية المقبلة، وسط الأزمات السياسية المحلية المتفاقمة والظروف الاقتصادية العالمية غير المواتية، تعني أن سلطاتنا المالية ستبني ميزانية هذا العام على الأمل فقط وليس الحقائق”.