الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الأخبار

تساؤلات حول أحكام الحج.. هل تغنى عُمرة رمضان عن أداء الفريضة.. حكم من تجاوز الميقات دون إحرام.. البعض يُغيِّر بياناته الشخصية ليتمكن من زيارة البقاع المقدسة

ستاندر- تقارير
ستاندر- تقارير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الحج خامس أركان الإسلام الحنيف، فرضه الله على من استطاع إليه سبيلًا، وجعل جزاء الحج المبرور الجنة فيعود الحاج طاهرًا من ذنوبه كيوم ولدته أمه.. لكن كثيرا ممن يسعون لأداء مناسكه لا يعلمون الكثير عن أحكامه.

فى هذه السطور نرصد عددا من التساؤلات التى وردت إلى لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية حول مناسك الحج، لتكون دليلًا يهتدى به كل مسلم يريد أداء المناسك كما ينبغى ويتجنب المحاذير التى قد تفسد حجه.

معنى الاستطاعة فى الحج
قال الله تعالى «وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» (سورة آل عمران: 97)، قال أهل العلم: تتحقق الاستطاعة فى الحج بالقدرة المالية الزائدة عن حاجة الإنسان وحاجة من تلزمه نفقتهم مدة الذهاب إلى الحج والعودة منه، كما تتحقق بالقدرة البدنية.

وإذا لم تكن عنده قدرة بدنية مع وجود القدرة المالية فيمكن أن ينيب عنه غيره ليحج عنه، بشرط أن يكون النائب قد أدى فريضة الحج عن نفسه، ولا بد أيضًا للاستطاعة من توافر الأمن فى الطريق، وكذلك توافر الأمن على أهله، الذين تركهم وغاب عنهم.

كما يشترط ألا تكون هناك عقبات مثل تحديد عدد المسموح لهم بالحج، مراعاة لظروف معينة، ومن الاستطاعة عدم الديون التى تلزمه فى أشهر الحج، فلا يجب عليه الحج قبل سداد هذه الديون، فإن سددها وبقى عنده ما يكفيه للحج وجب الحج، وإلا فلا يجب.

أنواع الإحرام
للإحرام ثلاثة أنواع: الإفراد، والقِران، والتمتع، فالإفراد: هو أن يحرم الحاج بالحج مفردًا، فإذا وصل مكة طاف للقدوم، ثم إن شاءَ سعى للحج أو أخر السعى إلى بعد طواف الإفاضة، ولا يحلق ولا يقصر ولا يتحلل من إحرامه إلا بعد رمى جمرة العقبة ويحلق يوم العيد ولا يجب عليه هدى.

والقِران: هو أن يحرم الحاج بالعمرة والحج معًا، فإذا وصل مكة طاف للقدوم، ثم إن شاءَ سعى للحج أو أخر السعى إلى بعد طواف الإفاضة، ولا يحلق ولا يقصر ولا يتحلل من إحرامه إلا بعد رمى جمرة العقبة ويحلق يوم العيد ويجب عليه الهدى.

والتمتع: هو أن يحرم الحاج بالعمرة أولًا - فى أشهر الحج -، فإذا وصل مكة طاف وسعى للعمرة، وحلق أو قصر وتحلل من إحرامه، فإذا كان يوم التروية الثامن من ذى الحجة أحرم بالحج وحده، وأتى بجميع أفعال الحج ويجب عليه الهدى.

العمرة لا تغنى عن الحج أبدًا
روى الإمام مسلم أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: «عمرة فى رمضان تعدل حجة»، وفى رواية «تعدل حجة معى». ومثال ذلك ما ورد من أن الصلاة الواحدة فى المسجد الحرام بمكة تعدل مائة ألف صلاة فيما سواه. فلا يجوز أن يتبادر إلى الذهن أن صلاة يوم فى الحرم تغنى عن صلاة مائة ألف يوم، ولا داعى للصلاة بعد ذلك، فالعدل أو المساواة هنا هو فى الثواب فقط، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم، وهو سبحانه يرغب فى أداء العبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج فى الحرم الشريف، فثواب الطاعة فيه مضاعف، وعليه فلا تغنى العمرة عن الحج أبدًا.

ومثل ثواب العمرة فى رمضان ما رواه الترمذى عن أنس رضى الله عنه أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صلى الصبح فى جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة»، قال أنس: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «تامة تامة»، فالمراد من ذلك الترغيب فى الثواب، وليس جواز الاكتفاء بفريضة عن فريضة.

يجوز للمسلم الذى يحج عن غيره أن يدعو لنفسه فى العمرة والحج ولمن حج عنه ولمن شاء من المسلمين
يجوز للمسلم الذى يحج عن غيره أن يدعو لنفسه في العمرة والحج، ولمن حج عنه ولمن شاء من المسلمين، لأن المقصود أن يأتي بأفعال العمرة والحج، لمن أراده له.

أما مسألة الدعاء فإنه ليس بركن ولا بشرط فى العمرة والحج، فيجوز أن يدعو لنفسه، ولمن كان له هذا الحج، أو كانت له هذه العمرة، ولجميع المسلمين.

والمسلم الذى أحرم بالعمرة أو الحج وعجز عن الوصول إلى المسجد الحرام يبقى على إحرامه حتى ينشط، إلا إذا كان قد اشترط عند الإحرام «إن حبسنى حابس فمحلى حيث حبسني» فإنه يحل ولا شىء عليه، لا عمرة ولا طواف وداع، أما إذا لم يقل ذلك ولم يرج زوال ما به فإنه يتحلل ويذبح فدية إذا كان واحدًا، لأن الله تعالى يقول: «وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْى وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْى مَحِلَّهُ» (البقرة: 196). والنبى - صلى الله عليه وسلم - عندما احصر عن إتمام عمرة الحديبية ذبح هديه وصلى.

حكم من تجاوز الميقات دون إحرام وهو يريد العمرة
الحج له ميقات مكانى كما أنه له ميقات زمانى، ومواقيت الحج المكانية: ذو الحليفة: ميقات أهل المدينة وتسمى اليوم بأبيار على، والجحفة: ميقات أهل مصر والشام ومن مر بها، ويسمى بـ «رابغ»، وقرن المنازل: ميقات لأهل نجد والطائف ومن مر به، ويعرف الآن بالسيل الكبير، ويلملم: ميقات لأهل اليمن ومن مر به، ويعرف الآن بالسعدية.

وقال ابن عباس: إن النبى وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، وقال: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غيرهن، فمن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة» متفق عليه، والبعض جعل ميقاتًا خامسًا لأهل العراق (ذات عرق).

فيجب على الحاج أن يحرم منها أو بمحاذاتها،  ففى الحديث: «يهل أهل المدينة من ذى الحليفة» (البخارى)،  وكلمة (يهل) خبر بمعنى الأمر، وعلى هذا فيجب على من أراد الحج أو العمرة إذا مر بالميقات أن يهل منه، ولا يتجاوزه، فإن فعل وتجاوز وجب عليه أن يرجع ليحرم منه، وإذا رجع وأحرم منه فلا فدية عليه، فإن أحرم من مكانه ولم يرجع فعليه عند أهل العلم فدية يذبحها ويوزعها على فقراء مكة، ثم يتم سائر نسكه.

ليس للإحرام صلاة تخصه
ليس للإحرام صلاة تخصه، لكن إذا وصل الإنسان إلى الميقات، وهو قريب من وقت الفريضة، فالأفضل أن يؤجل الإحرام حتى يصلى الفريضة ثم يحرم، أما إذا وصل إلى الميقات فى غير وقت الفريضة فإنه يغتسل كما يغتسل من الجنابة ويتطيب ويلبس ثياب الإحرام، ثم يصلى صلاة الضحى أو سنة الوضوء أو تحية المسجد، ثم يحرم بعد ذلك، ولكن ليس للإحرام صلاة خاصة، فإن ذلك لم يرد عن النبى - صلى الله عليه وسلم.

من شرب من ماء زمزم لحاجة الشفاء أو غيرها نالها
شرب ماء زمزم لشيء، أو بنية شيء يحصل إن شاء الله تعالى مع اليقين، وآداب الشرب والإخلاص في الدعاء، وروى ابن ماجة والحديث حسن: «ماء زمزم لما شرب له»، وفى صحيح الحديث: «طعام طعم وشفاء سقم»، وقد ورد فى الاستشفاء بزمزم روايات وأخبار كثيرة منها: عن عبدالله بن الإمام أحمد قال: رأيت أبى يشرب من ماء زمزم يستشفى به، ويمسح به يده ووجهه»، وذكر الحافظ بن حجر أن أحمد بن عبدالله الشريفى الفراش بحرم مكة، لما عمى شرب من زمزم للشفاء من العمى فشفى، وروى عن أمير المؤمنين عمر - رضى الله عنه - أنه قال: اللهم إنى أشربه لظمأ يوم القيامة، وكان سيدنا عبدالله بن عباس - رضى الله عنهما - إذا شرب من ماء زمزم قال: اللهم إنى أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاء من كل داء.

وقال الحافظ بن حجر كما روى عنه: شربت ماء زمزم لأصل إلى مرتبة الإمام الذهبى فى الحفظ، قال الإمام السيوطى: فبلغها وزاد عليها، وذكر الإمام السخاوى فى ترجمة ابن الجزرى: أن أباه كان تاجرًا فمكث أربعين سنة لا يولد له، ثم حج فشرب ماء زمزم بنية ولد عالم، فولد له ابن الجوزى بعد صلاة التراويح من ليلة السبت خامس عشر من رمضان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، ومعروف أن ابن الجزرى من علماء القراءات.

وعليه فمن شرب من ماء زمزم لحاجة الشفاء أو غيرها نالها، وقد جربه العلماء والصالحون لحاجات أخروية ودنيوية، فنالوها بفضل الله تعالى وحمده.

لا يجوز تغيير البيانات الشخصية للتمكين من الحج
الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام قد فرضه الله مرة فى العمر على المستطيع، والاستطاعة تتحقق متى كان المسلم قادرًا بدنيًا وماليًا على أداء فريضة الحج، فإن عجز عن أداء أعمال الحج لمرضه أو شيخوخته أو ما يشبه ذلك، وكانت عنده القدرة المالية، وجب عليه أن يرسل غيره ليؤدى عنه الحج، وإن لم تتوافر له الراحلة والزاد فليس عليه الحج.

فالمسلم ما دام غير قادر على أداء فريضة الحج، فإنه لا حج عليه، لأنه غير مستطيع وغير قادر، فلا داعى إذًا للتغيير فى الأوراق للذهاب إلى الحج، لأن هذا مخالفًا للوائح والقوانين فى الدولة ويسبب الزحام الشديد، وإن كان الحج صحيحًا إلا أنه فيه مخالفة ولى الأمر.

لا يجوز الاقتراض من أجل الحج
إن شريعة الإسلام تقوم على اليسر والسماحة ورفع الحرج، قال الله تعالى: «يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» (البقرة: 185)، «وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» (الحج: 78)، وبالنسبة لفريضة الحج فقد بين الله بيانًا واضحًا أنها على المستطيع لأدائها حيث قال: «وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا» (سورة آل عمران: 97). 

فسر النبى صلى الله عليه وسلم - هذه الاستطاعة والقدرة على أداء فريضة الحج بالتملك للزاد والراحلة، أى: بأن يملك المسلم البالغ العاقل من المال ما يكون فائضًا عن نفقته الضرورية، ونفقة من هم تحت ولايته، مدة ذهابه وإيابه وإقامته لأداء مناسك الحج، وعليه فلا ينبغى للمسلم أن يستدين لأداء فريضة الحج لأن الله هو القائل: «لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا» (البقرة: 286).
ومع ذلك قال كثير من الفقهاء إن الإنسان إذا اقترض من أجل الحج وأدى هذه الفريضة وكان عنده ما يستطيع أن يسدد به هذا القرض، وسداده على شهور بعد أداء الفريضة لا يؤثر على نفقته هو ومن تحت ولايته، فالفرض جائز، والحج صحيح بإذن الله، وتسقط فريضة الحج عنه.

حكم من يرتدى حفاضات بها خياطة واستيك بسبب التبول اللاإرادي أثناء الحج
من كان عنده عذر واحتاج إلى ارتكاب محظور من محظورات الإحرام غير الوطء، وفعل هذا المحظور للضرورة كحال السائل، اقتضت الضرورة استعمال بعض الملابس المخيطة فى الإحرام، فقد أباح له الشرع ذلك، بل يجب عليه هذا الشىء صيانة للمسجد ولكن عليه كفارة، وهى فعل شىء من ثلاثة: 1- أن يذبح شاة. 2- أن يطعم ستة مساكين، كل مسكين نصف صاع، والصاع يعادل 2.5 كيلو جرام من الأرز أو نحوه. 3- أو يصوم ثلاثة أيام. وهو مخير بين هذه الأمور الثلاثة ولا يبطل الحج بارتكاب شىء من المحظورات سوى الجماع.

روى البخارى ومسلم عن عبدالرحمن بن أبى ليلى، أن رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - مرَّ به زمن الحديبية فقال: «قد آذاك هوام رأسك»، قال «نعم»، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -  «احلق ثم اذبح شاة منسكًا، أو صم ثلاثة أيام، أو أطعم ثلاثة آصاع من تمر على ستة مساكين».