- استحداث بروتوكول وقائي جديد فى التأمين الصحى لعلاج المرض
- «الصحة» تعتمد خطة «التأمين الصحى» لعلاج مرضى «الهيموفيليا»
- مطالب بدمج الطفل المصاب فى المجتمع.. ومصاب يوضح خطوات استخراج كارنيه «الخدمات المتكاملة»
- استشارى أمراض دم: وجود تاريخ مرضى بشجرة العائلة يساعد الطبيب على التشخيص مُبكرًا
يعد الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالأمراض بسبب عدم اكتمال نمو جهاز المناعة لديهم، حيث لا تجد الفيروسات والبكتيريا صعوبة فى مهاجمة أجسامهم، ويوجد العديد من أنواع أمراض الدم المختلفة التى يتم تشخيصها وعلاجها من قبل أطباء الدم بعض الأمراض تحدث نتيجة اضطرابات فى الجينات المسئولة عن تصنيع معاملات التجلط فى الدم سواء كان الاضطراب فى الجينات المورثة من أحد الوالدين أو بسبب حدوث طفرات جينية أثناء تكوين معاملات التجلط فيتسبب فى كثير من الاضطرابات للشباب والكبار، ولعل الإصابة بمرض الهيموفيليا أو «الناعور» كما يطلق عليه البعض من أشهر تلك الأمراض.
«الهيموفيليا» كلمة تعنى سيولة الدم، وهو أحد أمراض الدم الوراثية الناتجة عن نقص أحد عوامل التجلط فى الدم بحيث لا يتخثر دم الشخص المصاب بمرض الهيموفيليا بشكل طبيعى؛ مما يجعله ينزف لمدة أطول.
فى أبريل الماضى، احتفل العالم باليوم العالمى للهيموفيليا، وهو اليوم الذي تم إقراره منذ عام ١٩٨٩ فى السابع عشر من أبريل من كل عام وقد بدأ تنظيم هذا الاحتفال الاتحاد العالمي للهيموفيليا الذى يتكون من جمعيات أهلية تمثل المرضى مقره مدينة مونتريال بكندا وأسسه السيد Frank Schnabel عام ١٩٦٣ وهو رجل أعمال من كندا كان مصابا بهيموفيليا A ونسبتها شديدة وقد فكر فى إنشاء الاتحاد ليضم جمعيات الهيموفيليا من الدول المختلفة.
وخلال احتفال وزارة الصحة بفعاليات اليوم العالمي لمرض نزف الدم «الهيموفيليا» ٢٠٢٣، فى ١٧ أبريل الماضى تحت شعار «الوقاية من النزيف والوصول للعلاج للجميع»، أكد الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، على دور المسئولية المشتركة والتكاتف بين المؤسسات الصحية بالقطاعين العام والخاص، وهيئات ومنظمات المجتمع المدنى والدولية، لتفعيل دور التوعية الصحية بمرض «الهيموفيليا أ»، مسلطا الضوء على اهتمام الوزارة، بأمراض الدم، والتوسع فى عدد لجان أمراض الدم، لتصل لـ ١٨ لجنة، بمختلف محافظات الجمهورية.
وبحضور عدد من قيادات وزارة الصحة والسكان، وممثلي الجهات والمنظمات الدولية المعنية بهذا الملف، جاءت الفعاليات فى إطار تبادل الرؤى والنقاشات تستهدف الخروج بتوصيات حديثة من شأنها توفير برامج وخطط علاجية شاملة وآمنة للمتعايشين، فضلا عن نشر الوعى المجتمعي بأعراض وطرق الوقاية من المرض، تخفيفًا لأعراض الإصابة بأمراض الدم.
وقد تم عرض فيلم تسجيلى قصير عن أحد الأطفال مصابي «الهيموفيليا»، يشرح رحلة علاجه مع المرض، والتحديات التي تغلب عليها بمساندة ودعم أسرته، والخطة العلاجية المتبعة بدءا بحصوله على كافة أوجه الرعاية الصحية والعلاجية داخل مستشفيات التأمين الصحى، بالإضافة إلى استضافة والدة الطفل المتعايش، لاستعراض دور الأسرة فى حياة مصابى أمراض نزف الدم، وتوجيه رسائل مباشرة داعمة لأسر المصابين، على رأسها نشر الوعى الأسرى والمجتمعى للتعايش مع «الهيموفيليا».
ووجه الدكتور خالد عبد الغفار، باعتماد الخطة العلاجية المقترحة من الهيئة العامة للتأمين الصحى بشأن علاج مرضى الهيموفيليا، كما كلف الدكتور محمد ضاحى رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى، باستمرار توفير البروتوكول الدوائى المجانى للمتعايشين، بجميع المراحل الدراسية وحتى الجامعية، وذلك تماشيا مع رؤية مصر ٢٠٣٠، بتحقيق التغطية الصحية الشاملة للأسرة المصرية، مؤكدا أن أطفالنا هم بناة المستقبل، وقوة واستثمار البلد الحقيقي.
واستعرض الوزير، جهود وزارة الصحة والسكان، المتمثلة فى هيئة التأمين الصحى، فى التصدى لأمراض الدم، وذلك بافتتاح أول مركز لعلاج ورعاية مرضى الهيموفيليا بمستشفى أطفال مصر عام ٢٠١٨، ويعد أحد أكثر مراكز علاج الهيموفيليا تطورا فى الشرق الأوسط، حيث يضم فريقا طبيا متكاملا ومدربا على أحدث أساليب العلاج العالمية، بما يعود بالنفع على المصابين.
كما أكد الوزير، حرص وزارة الصحة والسكان، على التعاون مع الشركاء المعنيين محليا ودوليا، لتدشين وسائل تعليمية عديدة عن طبيعة المرض وكيفية التعامل والتعايش معه وتوجيهها إلى أسر المرضى، مؤكدا على الدور الفعال والهام للأسرة والمريض نفسه، بفهم طبيعة مرضه والإلتزام بتطبيق بروتوكولات العلاج المقررة.
وفى إطار دعم مرضى الهيموفيليا أيضا، كانت قد بدأت الدراما المصرية فى تسليط الضوء على المرض فى شهر رمضان ٢٠٢٢ من خلال أحداث مسلسل بطلوع الروح بطولة الفنانة إلهام شاهين ومنة شلبى حيث أصيب ابن الفنانة منة شلبى بالمرض وهو ما طرح حالة التعاطف مع المرضى ورغبة لدى الكثيرين فى معرفة تفاصيله.
مرض وراثى
ويقول الدكتور محمد فطين، استشارى أمراض الدم والباثولوجيا الإكلينيكية بقصر العينى جامعة القاهرة، إن مرض الهيموفيليا هو مرض وراثى، حيث تكون السيدات حاملات للمرض ويصاب به أولادهن الذكور، وهو عبارة عن سيولة فى الدم نتيجة نقص أحد عوامل التجلط إما العامل الثامن أو العامل التاسع وله درجات مختلفة فى الشدة، حيث تتراوح نسبة العامل الثامن أو التاسع فى الدم بين ٧٠- ١٥٠٪ فى الدم والنقص الشديد يكون أقل من ١٪، والمتوسط من ١-٥٪، والخفيف من ٥-٤٠٪.
وأضاف لـ«البوابة» أن وجود تاريخ مرضى ومتوقع من شجرة العائلة يساعد الطبيب على التشخيص الدقيق ويزيد من احتمالية أن يكون الطفل مصابا بالمرض، مناشدا المرضى بالقيام بالتحاليل العامة باستمرار ومن الممكن حدوث نزيف فى أى جزء من أجزاء الجسم سواء الظاهر أو الباطن وتكون له أسباب كثيرة، مؤكدا أن أخطر أنواع النزيف الداخلى هو نزيف الدماغ الذي يصاحبه إغماء وتشنجات.
تطبيق بروتوكولات العلاج
وتقول شريفة أبو المجد، عضو جمعية مرضى الهيموفيليا، إن الالتزام بتطبيق بروتوكولات العلاج المقررة من أهم الخطوات فى بداية العلاج، موضحة أنه يوجد الكثير من الوسائل التعليمية عن طبيعة المرض وكيفية التعايش معه حيث تقع المسؤولية المشتركة على الأسرة والمريض نفسه من حيث تنفيذ تعليمات الأطباء وأن يستوعب ماذا عليه فعله وما هو المحظور فعله تجاه نفسه.
وأضافت لـ«البوابة»، أن على الأسرة أن توصل رسالة للمجتمع عن طريق دمج الطفل المصاب فى المجتمع وذهابه للمدرسة وانضمامه للجمعيات الأهلية والدفاع عنه وتوضيح نوع المرض لدى زملائه ودعمه نفسيا.
وأوضحت، أن الاحتفال بيوم عالمى لمرض الهيموفيليا من كل عام حيث يلقى الضوء على المرض، ويعرف بالمرض للمجتمع ككل من خلال احتفال المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية ويكون لها تغطية من وسائل الإعلام ومشاركة للمسئولين والكوادر الطبية مع المرضى وأسرهم وهذا يتيح نوعا من الوعى وزيادة الاهتمام بالمرض وفى نفس الوقت هو يوم احتفالي للمرضى الأطفال ليشعروا فيه بالدعم من المجتمع لهم ولأسرهم. وأكدت، أن مرضى الهيموفيليا يحظون فى الوقت الحالى باهتمام الدولة، وأنه تم بالفعل موافقة رئيس هيئة التأمين الصحى على الطلب المقدم من الشئون الطبية بالهيئة بإدراج علاج وقائى لكل مريض هيموفيليا من خلال كارت متابعة دون ضرورة ذهاب المريض بذاته لصرف العلاج. كارنيه الخدمات المتكاملة لمريض الهيموفيليا.
ويستعرض أحمد مهتدي، مصاب بمرض الهيموفيليا، خطوات استخراج كارنيه الخدمات المتكاملة لمرضى الهيموفيليا، متمنيا من الله أن يشفي كل المرضى.
وأوضح، أنه على المريض أن يدخل على موقع وزارة الصحة والسكان السجل القومى للإعاقة، وتختار حجز موعد كشف طبي من قسم نظام حجز مواعيد الكشف الطبى لراغبى الحصول على بطاقة إثبات الإعاقة والخدمات المتكاملة تم تستكمل البيانات الشخصية ورقم الموبايل حتى تستقبل عليه موعد الكشف التاريخ والوقت.
وأضاف، أنه يتم طباعة الاستمارة لأن مدون بها بعض التعليمات والإرشادات وينصح المريض أن يستكمل كل الإجراءات المطلوبة قبل موعد الكشف المحدد، وعلى المصاب أن يستكمل كل الأوراق عليها ختم النسر حتى لا يتعطل فى استرجاع أى ورقة أو عدم قبول الملف، وفى خلال أقل من شهر سيتم استخراج كارنيه الخدمات المتكاملة لعلاج مرضى الهيموفيليا.
وأشار إلى أن المجالس الطبية تختص بتسديد وتغطية تكلفة العلاج للمريض، مؤكدا أنه لا يوجد ثقافة لدى المرضى لأخذ الجرعة العلاجية بأنفسهم فى المنزل، وأنه من الممكن خلال الفترة القادمة تفعيل خدمة إعطاء المريض جرعة علاجية فى المنزل.
ويقول أحمد عبد المعطى، مصاب بالمرض، إنه لم يعلم إصابته بالمرض من قبل، إلى أن تعرض لحادثة وتم نقله على إثرها للمستشفى، وتبين للأطباء إصابته بمرض الهيموفيليا.
وتابع: «اتخذت كل الخطوات من التقدم للتسجيل واستخراج الكارنيه ومعرفة نوع العلاج وتقديم الكارنيه مع التقارير الطبية، حتى إننى علمت أن هناك معاشا يمكن صرفه للمساعدة وإعانة المريض على الحياة، ويمكن تقديم الكارنيه مع التقارير الطبية لطلب الإعفاء من الخدمة العسكرية مع حصول حامله على تخفيضات فى وسائل المواصلات العامة بموجب كارنيه الإعاقة الذى يحصل عليه من التضامن وكذلك فى المدارس يوضح الكارنيه حالة الطالب المصاب حتى لا يتعرض لأنشطة قد تتسبب فى إصابته بالنزيف».
ويشير لـ«البوابة» إلى أنه أحيانا تكون نسبة المرض بسيطة وغير معروفة للمريض قد لا تظهر إلا أثناء العمليات الكبرى أو الحوادث، فيظل المصاب فترة طويلة على قيد الحياة ولا يعلم بما أصابه من مرض حتى يتعرض لنزف أعلى من المعدل الطبيعى، أما الحالات الشديدة من الهيموفيليا فتظهر أعراضها مبكرا وبشكل تلقائى.
توفير علاج وقائي لمنع حدوث النزيف
ويقول الدكتور محسن صالح الألفى، أستاذ أمراض دم الأطفال بجامعة عين شمس ورئيس الجمعية المصرية لأمراض دم الأطفال والأورام، إنه تم توفير العلاج الوقائى لمرضى الهيموفيليا وتوفير كافة الأدوية العلاجية المستخدمة لوقف النزيف من خلال منظومة التأمين الصحى.
وأوضح لـ«البوابة» أن توفير العلاج الوقائى للمصابين تأخر كثيرا وخاصة للأطفال حيث تكمن أهمية علاج الهيموفيليا فى منع حدوث النزيف وتوفر مصر أحدث البروتوكولات العلاجية الحديثة المتبعة في تخفيف معاناة المرضى.
وأكد أن مصر تسعى بكل قوة للتصدى لأمراض الدم وذلك بافتتاح أول مركز لعلاج ورعاية مرضى الهيموفيليا بمستشفى أطفال مصر عام ٢٠١٨، ويعد أحد أكثر مراكز علاج الهيموفيليا تطورا فى الشرق الأوسط حيث يضم فريقا طبيا متكاملا ومدربا على أحدث أساليب العلاج العالمية بما يعود بالنفع على المصابين.
النزيف ليس خارجيًا فقط
تقول «ع. س»، فتاة مصابة بالهيموفيليا، إن المريض يجب أن يحصل فورا على العلاج حتى يتم وقف نسبة النزيف ويمكن أن يحتاج المريض إلى أكثر من جرعة، موضحة أن مشكلة النزيف ليست خارجيا فقط بل من الممكن أن يحدث نزيف داخلى حول المفاصل ولا أحد يستطيع تحمل الألم الناتج عنه ويتسبب فى تآكلها فيضطر بعض المرضى لتناول المسكنات التى تدخل ضمن جدول المخدرات.
وأضافت لـ«البوابة»، أنه يجب على مريض الهيموفيليا أن يحصل على الجرعة المناسبة من العلاج خلال أقل من ساعة من حدوث النزيف للحفاظ على سلامة المفاصل، حيث إن عامل الوقت هو الأهم في علاج مرضى الهيموفيليا.
وأوضحت، أن الألم لا يمكن لشخص أن يتحمله، وإن لم يتم إسعاف المريض فى وقت قصير من الممكن أن يتسبب فى حجزه فى العناية المركزة وخاصة لو به نزيف فى البطن أو المخ وهو الأخطر على الإطلاق.
وأفادت، بأن التوعية المجتمعية لها أهمية قصوى للتخفيف عن كاهل المرضى وأسرهم وفى تحسين حياة المصابين، مطالبة بدمج المصابين فى المجتمع حتى يستطيعوا أن ينعموا بحياة طبيعية خاصة الأطفال منهم.
نقل مشتقات البلازما
وتتحدث لنا والدة الطفل أيمن المصاب بالمرض: «يشاء القدر أن يولد ابننا أيمن مصابا بمرض الهيموفيليا لأن أنا وزوجى أقارب وأبناء عم، وأيمن يحتاج إلى نقل مشتقات البلازما بصورة منتظمة إلا أنه قد يحدث بعض الاضطرابات من تسارع فى ضربات القلب وإصابته بالإغماء».
وأضافت لـ«البوابة»، أنها حريصة على إعطاء بروتوكول العلاج لابنها أيمن بصورة مستمرة دون الإخلال، لأنه أحيانا لا يتحمل الألم.
وقالت إنه ذات مرة قد حصل على جرعة العلاج الخاص به متأخرا عن موعدها المعتاد، فعملت من الأطباء أن النزيف وصل لكل الأعضاء «الكبد والطحال والقلب»، ودخل الرعاية المركزة وخرج منها بعد ١٠ أيام أفضل وبدأ يتحسن. وتابعت: «كان بيرجع ولا يأكل شيئا وبدأ يتحسن، فقررت أن استقيل من عملى لخدمة ابنى، ورغم مرضه فهو مصدر السعادة فى البيت، وهو السند لنا جميعا، ووجوده عندى بالدنيا وما فيها».