أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الهدف من الحوار الوطني هو "أن نتحدث ويدلي كل واحد منا برأيه ووجهة نظره التي هي في النهاية تستهدف مصلحة الوطن".
وقال الرئيس السيسي في مداخلة خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات المؤتمر الوطني للشباب المنعقد بمحافظة الإسكندرية اليوم الأربعاء "إن الحوار الوطني حالة نتمنى أن تستمر".
وأكد الرئيس السيسي أن "المخرجات التي سيتم التوصل إليها في الحوار الوطني بالمحور السياسي أو الاقتصادي أو المجتمعي وداخل صلاحياته طبقا للدستور والقانون سيقوم بالتصديق عليها.
واستطرد قائلا إن "كل ما يدخل في صلاحيات الرئيس والدولة أننا نتحرك ونصدر قرارات، سيتم التوقيع عليها دون قيد أو شرط طالما هي داخل صلاحيات المسؤولية دستوريا وقانونيا".
وأضاف: "أما المخرجات التي ليست في داخل صلاحيات الرئيس سيتم إحالتها إلى البرلمان للتحرك فيها".
وقال الرئيس إننا بحاجة إلى 80 ل 90 مليار دولار لسد الطلب على العملة في مصر، مطالبا الجميع من رجال الأعمال وشباب وكل المصريين بالعمل على تقليل فجوة الدولار.
وأضاف أنه خلال الأعوام الماضية كان يجري شراء 3-4 مليار دولار لتوفيرها إلى البنك المركزي للحفاظ على 34 مليار دولار المثبت في البنك المركزي لتوفير طلبات 3 إلى 4 شهور أو أكثر وهو ما كان يزيد حجم الدين، ولذلك لا بد من المواجهة والعمل على تقليل فاتورة الاستيراد بالدولار وزيادة الصادرات بالدولار وتقليل المستلزمات المستوردة من الخارج عن طريق صناعات كثيرة يتم إدخالها.
وأوضح الرئيس أن هناك قائمة بـ 150 مستلزم إنتاج وهي توفر من 25-30 مليار دولار يتم دفعها الآن، مشيرا إلى أنه عند إدخال هذه المستلزمات في الصناعة بصورة سريعة سيزيد من الناتج المحلي، علاوة على الضرائب وتقليل مستوى البطالة الذي كان 14 % ووصل الآن إلى 7.4 % بالرغم من الظروف القاسية التي نحن فيها.. وأكد الرئيس السيسي أن الدولة لا تستطيع التقدم إلا بتحطيم فجوة الدولار.
وتابع أن هناك مستلزمات بسيطة للغاية يتم استيرادها من الخارج، وهي فرص عمل للناس لأنها ليست تكنولوجية حرجة، وناشد المصريين قائلا: "الدولة ليست ملكا للحكومة ولا ملكي وإنما ملكنا ولا بد من نجاحها بنا جميعا، وهذا الكلام ليس معنويا أو لطيفا أقوله لكم".
من جانبه، أكد وزير المالية الدكتور محمد معيط، تعقيبا على الفجوة الدولارية، أنه خلال تدبير الفجوة الدولارية السنوات الماضية كنا نعتمد على النزول في الأسواق الدولية لتوفير 3-8 مليار دولار في العام، علاوة على التسهيلات الائتمانية الدولية التي تأتينا وكل هذا كان يحاول سد الفجوة، مبينا أن الفجوة خلال السنوات الماضية تزايدت بقوة.
وأشار الرئيس إلى أن فاتورة الاستيراد قبل يناير 2022 كانت في حدود 6.5 مليار دولار في الشهر، مبينا أنه مع بداية الموجة التضخمية تضاعفت أسعار المواد البترولية، والقمح والذرة وزيت الطعام، فارتفعت الفاتورة الشهرية إلى 10 مليار دولار، كما أنه مع الموجة التضخمية بدأت حالة التشديد في السياسات النقدية حيث ارتفعت أسعار الفائدة، فارتفعت تكلفة التمويل واتجهت الأموال من الأسواق الناشئة إلى الأسواق المتقدمة ونحن تعرضنا إلى ذلك، حيث خرج من مصر خلال عدة أشهر 23 مليار دولار وهي الأموال الساخنة، علاوة على تضاعف فاتورة الاستيراد، مشددا على أن كل ذلك ضغط على العملة المصرية.
وقال الرئيس إنه دائما ما يسأل زملاءه في الحكومة حول الوعاء الدولاري في مصر وهل إذا ما كان يحتاج إلى تحفيز بزيادة سعر الصرف؟، فلو كانت الإجابة "نعم"، فإن تحرير سعر الصرف مطلوب ويمكن زيادته بشكل كبير، موضحا في الوقت ذاته أن تسعير كثير من منتجاتنا مرتبط بشكل مباشر بسعر الدولار.
وتابع الرئيس السيسي "كان يتم استيراد طن اللحوم بألفي دولار، ونحن ليس لدينا اكتفاء ذاتي في كل شيء، وإذا كان لدينا اكتفاء ذاتي لن تكون هناك مشكلة، لكن ما يتم تسعيره بالدولار سوف يترتب عليه تضخم في أسعار البترول" ، موضحا أن هناك فرقا في تحديد سعر الدولار بـ 8 جنيهات أو بـ 16 جنيها أو بـ 30 جنيها أو حتى بـ 100 جنيه.
وأضاف أن المواطن لن يستطيع تحمل ثمن الخدمة التي تقدمها الحكومة على أساس التسعير الجديد للدولار، مضيفا أن المواطن لن يتحمل زيادة تعديل سعر الصرف على الكهرباء مثلا، بمعنى "لو أننا نأخذ منه 500 جنيه، فسوف آخذ منه ألف جنيه".
وأشار الرئيس السيسي إلى أنه بعد أن كان يريد رفع الدعم نهائيا عن المشتقات البترولية، تم العدول عن القرار بسبب زيادة سعر الصرف، مضيفا أن كثيرا من الخدمات التي تقدم والمنتجات التي تستورد تسعر بالجنيه على أساس قيمة الدولار.
ولفت إلى أن منتج اللحوم أو الدواجن تتحدد أسعارها على أساس سعر الدولار، لأنه يتم استيراد الذرة من الخارج التي هي أساس صناعة الأعلاف، وبناء عليه يحدد سعر الكيلو من اللحوم.
وأوضح السيسي أن هناك مرونة في سعر الصرف داخل مصر، لكن عندما يتعارض الموضوع مع الأمن القومي لمصر ويكون على حساب حياة المصريين ويضيع الشعب المصري هنا نقول "لا".
وقال الرئيس "مشكلتنا إننا نريد أن نأخذ الحد الأقصى في كل شيئ، وهذا ليس ممكنا، والحوار الوطني يعتبر خطوة من الخطوات، وهو ليس نهاية المطاف، حتى العفو الرئاسي هو خطوة من الخطوات أيضا.
وقال الرئيس السيسي، إننا لا نستطيع أن ننسى الماضي وأنا لا أقصد التخويف، ولكن الله سبحانه وتعالى نجاكم في المرة الأولى وكان من الممكن أن يكون كثير من المصريين لاجئين في دول أخرى، والفضل هنا لله، وقال إن 25 يناير أفرزت حالة نتج عنها دولة مفككة وخراب، ولكي نتخلص منه تكلفنا 80 مليار جنيه فقط بعد أحداث 25 يناير، بالإضافة إلى الإرهاب، ونفاذ الاحتياطي من النقد الأجنبي في سنة ونص، وهو الذي جرى تكوينه في 20 سنة.
وأشار الرئيس إلى استهداف الكنائس والمساجد والمحطات الكهرباء وكل شيء، بعد 30 يونيو، وقال ردا على سؤال حول العفو الرئاسي "نحن الآن في مرحلة إنقاذ وطني وأنا مسؤول أمام الله عن هذا الشعب وهو الذي سيحاسبني إذا تشرد في كل مكان، وأنا لا أخاف أبدا ولو خفت، لكانت مصر في خراب ودمار.
وأوضح إن "الدولة المصرية تحتاج إلى 2 تريليون دولار في السنة حتى تستطيع أن تقدم الخدمات الأساسية للمواطنين، وتسائل: هل نحن نملك هذا المبلغ؟ .. بالطبع لا نملك هذا المبلغ حتى أكون صادقا معكم".
وأضاف الرئيس أن التعليم الأساسي وحده يحتاج إلى أكثر من 400 أو 500 مليار جنيه لنحو 25 مليون طالب وهو مبلغ لا نستطيع توفيره في الوقت الراهن، وهو ما ينطبق على مجال الصحة، مطالبا الجميع بالتواجد على أرض الوقع.
وقال الرئيس السيسي إن "الحديث شيئ والعمل التنفيذي شيئ آخر، وهذا ليس معناه أننا على صواب أو قمنا بعمل كل شيئ صحيح كدولة، لا.. وإنما هي خطوات نسير فيها ولو لم نصبر على بعضنا البعض وتفهمنا هذا الواقع ستطالبنا بمطالب لم استطع تلبيتها، وأنتم تظنون أنني متقاعس، متسائلا لماذا سأتقاعس كحكومة أو كمسؤولين؟".
وأشار إلى أن أي طالب في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية يمكنه التحدث عن السياسة المالية والنقدية ويضع خريطة طريق للحل وهذا الكلام ليس خطأ ولكن عند تنفيذه سيواجه صعوبات، ضاربا مثالا على ذلك في وزارة الصحة قائلا: "أنا كقدرات دولة من منظور الإمكانيات المتاحة لا استطيع توفير الأرقام التي تطلبها وزارة الصحة طبقا للمعايير الطبية لعدد السكان الموجود، مضيفا أننا لدينا 700 مستشفى وهذا يساوي نصف العدد المطلوب، للـ 105 ملايين مصري الذيم بحاجة إلى ضعف هذه المستشفيات وبالتالي ضعف الأطقم الطبية، والرقم المطلوب ليس موجودا وسيحتاج إلى فترة لتوفير الأموال المطلوبة لتنفيذ الاستحقاق".
وتابع أنتم تتحدثون عن مغادرة أطباء من مصر، لأنه لا يحصل على أجر جيد وبالتالي ذهب للبحث عن فرصة أخرى، مضيفا "تحدثت مع وزير الصحة عن زيادة عدد خريجي كلية الطب لأننا لا نستطيع القول للناس لا تسافروا لأن هذه حريات، ولا استطيع تقييد حريته داخل البلد".
ومضى يقول: "إن القضية التي بيني وبينكم في الحوار، وفي أي تحدي أو أي موضوع نطرحه أنت تطالبني بالحد الأقصى، أو بالنموذج المثالي وهذا لا استطيع عمله ولا أحد استطاع عمله.. أنت في حراك مستمر، والدولة والشعوب في حياتها في حراك مستمر؛ من أجل الأفضل والخطوات لا تنتهي".
وأردف قائلا: "أنا قلت من ناحيتي أن كل ما تطلبونه مني سأقوم به.. وما تطرحونه ننظر له بكل تقدير واحترام وجهد متواصل ونقاش متواصل بغض النظر عن اختلاف وجهات النظر، وفي النهاية يجمعنا مصلحة وطن".
واستطرد قائلا: "إذن لا استطيع القول لوزير الصحة أنني لن أوفر لك الرقم المطلوب لعلاج 105 ملايين شخص طبقا للمعايير الطبية الحقيقية، وضرب مثال على التأمين الصحي أو التكلفة الطبية في الولايات المتحدة الأمريكية وهي 3 تريليون دولار، وأن أعدادهم 400 مليون نسمة، إذن كل 100 مليون شخص يحصلون على 75 مليار دولار، ونحن ليس لدينا غير الفكرة؛ حيث إنني أطلب عمل مبادرات على سبيل المثال للفيروس "سي" ومبادرة للكشف عن الأمراض السارية، ومبادرة للكشف عن السرطان، ومبادرة لضعف السمع.
وأشار إلى أن الكشف المبكر لأمراض السرطان للسيدات لا تدخلك في تكلفة للعلاج أو معاناة للمريض، مضيفا أنه في الدولة التي ظروفها مثل مصر ليس لدينا غير الأفكار التي تواجه بها نقص قدراتك.
وأعرب الرئيس السيسي عن سعادته لكل ما تم تداوله في جلسة الحوار الوطني، مرحبا بالأفكار التي طرحها النائب عبد المنعم الإمام رئيس حزب العدل، ودعاه للعمل مع الدولة، قائلا: "نحن نرحب بأي شخصية تضيف لمصلحة البلد، وأي فرد يستطيع وضع حجر على الأرض سأصفق له".
وأضاف أن "الله سبحانه وتعالى أراد أن أكون بينكم وليس أنا على الإطلاق لأنني كنت على دراية بحجم المشاكل التي تمر بها مصر وأعلم أن قدرة الناس على التحمل لها مدى أيضا.. وكنت أتصور أن المصريين لن يتحملوا، لكن الحكمة العجيبة أنهم تحملوا"، وأقسم الرئيس السيسي أن "المصريين أثبتوا خلال العشر سنوات الماضية شهامتهم وتحملهم"، مشيدا على وجه الخصوص بعائلات الشهداء الذين قدموا التضحيات للوطن، وقال "عندما التقي بأم شهيد تقول لي لدي شاب آخر أريد أن أقدمه فداء للوطن".
وتابع: "أنا لم أقل لكم كلاما معسولا بأن الأمور ستكون خضراء.. أنا قلت إن هذا البلد بحاجة إلى عمل دائم، ونريد العمل ليل نهار، وإن ما تحقق بالنسبة لظروف مصر وإمكانياتها كبير جدا"، مشيرا إلى أن مسؤولين في دول كثرة سألوه عن كيفية عمله في ظل هذه الظروف، منوها بأن الموضوع كله أفكار.
وضرب الرئيس مثلا بالعاصمة الإدارية، وقال إنها فكرة، وأقسم الرئيس بأن "الدولة لم تتحمل جنيها واحدا من الموازنة للعاصمة أو جنيها واحدا من الموازنة لمدينة العلمين".. وتابع: "إننا ليس لدينا غير الفكرة لحل المسائل في ظروف اقتصادية صعبة لدولة بها 105 ملايين نسمة".
وشارك في الجلسة الحوارية ضمن فعاليات المؤتمر الوطني للشباب، المستشار محمود فوزي رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني، والمهندس بهاء ديمتري مقرر لجنة الصناعة بالحوار الوطني وعضو الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والدكتور باسل عادل مؤسس ورئيس كتلة الحوار، والنائب عبد المنعم الإمام رئيس حزب العدل، وإيمان أبو غزالة أمينة أمانة العلاقات الخارجية بحزب حماة الوطن، والدكتور أحمد علاء الدين الأمين العام المساعد للأمانة المركزية للشباب لحزب مستقبل وطن، وعهود وافي رئيسة مجلس أمناء مؤسسة حياة كريمة، والدكتور محمد شادي الباحث الاقتصادي، والدكتور عبد الرحمن أيمن الشريك المؤسس ورئيس العمليات بشركة "إيدي كيتلي".
وعقب ذلك تم عرض فقرات غنائية، خلال فعاليات المؤتمر الوطني للشباب، تتمثل في مواهب برنامج الدوم وكورال شباب الجامعة و كورال قصر ثقافة الأنفوشي.