في عام 1994 قامت شركة مايكروسوفت برنامج متصفح الإنترنت إكسبلورر الذي يستخدمه حوالي 80% من مستخدمي الإنترنت حول العالم السنوات التي تلت أصبحت ثمار هذا الإبتكار هي النواة التي أثرت العالم بثورة معلوماتية وتقنية هائلة.
فإذا كان اكتشاف الأمريكيتين والثورة الصناعية في أوروبا بالقرن 17 واختراع المصباح الكهربائي والهاتف والقنبلة النووية أحداث غيرت من شكل العالم، فإن الثورة التقنية والرقمية التي حدثت في مطلع الألفية الجديدة ستصبح العلامة البارزة عندما ينظر لنا الأحفاد بعد قرون قادمة.
لم يعمل هذا التقدم التكنولوجي والتقني على تطوير اقتصادات الدول أو حركة التجارة حول العالم أو أنظمة الحرب والسلام أو الطب والهندسة والعلوم المختلفة فقط بل أثرت بشكل كبيرعلي العلاقات الاجتماعية واستحوذت على القدر الأكبر من العوامل الأكثر تاثيرًا علي المجتمع وطبيعة كل فرد وجماعة.
وفي مطلع القرن العشرين أخذت معظم الدول التي كانت تعرف باستخدام العبيد شوطًا كبيرًا بالاستغناء عن هذه التجارة والعادة غير الإنسانية بل إن دساتير البلدان أعلنت ذلك وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الانسان، وهذا يعني أن كل إنسان على وجه هذه الأرض أصبح حرًا طليقا بإمكانه الاختيار كعصفور علي مجري النهر.
لكن هذا لم يحدث مطلقًا، لم يحدث أن حصل الإنسان على حريته الكاملة ولم يحدث أن انتهت تجارة الرقيق؛ فبدلًا من أن كان مصطلح الرقيق مرتبط في أغلب الأحيان قديمًا بتجارة العبيد تغيرت الاسم إلي تجارة الرقيق الأبيض بنفس الأسلوب هو هو بيع البشر لمن يدفع أكثر. وظل تطور الأمر مع تطور التكنولوجيا ؛ فبدلًا من الحاجة في الماضي إلي شخص يجلب لك ما تريده أو الذهاب بنفسك للاصطياد أصبح الأمر يسيرًا مع تعدد مواقع وشبكات التواصل الإجتماعي ؛ فقد أتاحت شبكات التواصل لراغبي المتعة المحرمة والهوس الجنسي آلاف الفرص والبضائع في الدقيقة الواحدة يمكنهم إشعال سيجارة وشرب كأس من العصير والمكوث لبضع دقائق أمام شاشة الهاتف والإستمتاع بالاختيار بين مواصفات ما يطمح له لهذا اليوم.
قد يلجأ العديد إلي أن الفقر هو المسبب الرئيسي لهذا التفشي الكبير لتلك الرذيلة.
نعم ذلك صحيح، إذا كنت تتحدث عن مجاعات أفريقيا الذين يقومون بذلك من أجل الطعام ودون استخدام التكنولوجيا ولكن ماذا عن البلدان المتقدمة ألم تكن التكنولوجيا مسببًا كبيرًا لتفشي هذه التجاره وتيسير الحصول عليها !
أما عن بلداننا العربية فقد أصبح الوضع سيئا للغاية فأكثر ما كان يميزنا وسط الأمم المختلفة هو تماسكنا الأسرى والمجتمعي والثابت الديني والأخلاقي الذي كنا نتمسك به طوال الوقت ونعمل جاهدين علي التصدي لأي ظاهرة من شأنها زعزعة استقرارنا المجتمعي.
فبدلا من أن نستخدم تلك التكنولوجيا والمعلومات في تنمية شبابنا علميًا ومعرفيًا وثقل قدراتهم كدولة مثل الهند التي تدر عليها البرمجيات التي تصنعها مليارات الدولارات، لم تول الحكومات العربيه الاهتمام الكافي بضرورة توجيه شبابنا بالاستخدام الأمثل للتكنولوجيا فبدلًا من الفراغ الشاسع الذي يجدونه ويتيح للشيطان فرصًا أكبر للتفاوض معهم لفعل كوارث وخطايا جديدة كان على المجتمع والحكومات إيجاد الحلول لا توفير النصائح فقط.
بل والأدهي أن بعض الشياطين قد غلفوا دنائتهم وخستهم بغلاف ديني؛ فكثير من مرضي قلة الدين والخلق أصبحوا يلجؤون للمواقع التي تسمى باسم مواقع الزواج لفعل ما يريدون واقتناء ما يشاءون وتبرير هذا الفعل أنهم يفعلون ذلك من باب التخفيف والترفيه عن الذات فيتعارفون وقد يتطور الأمر لنشأة علاقات غير شرعية بين الطرفين تحت مسمي التعارف والتقارب من أجل الزواج وهذا لا يحدث وإن حدث فتصبح النهايات مأساوية للغاية؛ فما بني على الخداع والمشاعر الحيوانية والفراغ لا يمكن أن يصمد وينجح ويستمر، ومن إحدي النهايات المأسوية لمثل هذه العلاقات هي انتقال الأمراض المعدية من أشهرهم مرض الإيدز والذي يسبب في مراحله الأخيرة سرطان خبيث يتمكن من كامل الجسد حتى الموت وغيرها من الأمراض الجرثومية والطفيلية والفيروسية التي لا تشفي حتى إذا تم إكتشافها مبكرًا؛ ومن الممكن بل والأكيد أن الكثير من جرائم الابتزاز تتم من خلال هذه المواقع او من خلال مواقع التواصل الاجتماعي علاوة على برامج اختراق الخصوصية التي تكون مصاحبة لهذه العمليات.
لذلك أوجه رسالتي الآن إلي ذلك " الشملول "، سواء كان شابا تمكن الشيطان من عقله في وقت فراغه فأقنعه بالتجربة أو زوج خائن لا يشعر بمسئولية تجاه أسرته إذ يعرض ذويه لمخاطر جسيمة بسبب سوء خلقه وتصرفاته الهمجية مبررآ لنفسه تلك التصرفات المشينة بأنه وقت فراغ أو بنية الزواج، أو شخص فارغ مهمش غير قادر علي إثبات ذاته في مجتمعه، هناك العديد والعديد من الطرق التي تساعدك علي قتل فراغك أو إحساسك بالملل غير أن تقتل مبادئك وخلقك وسمعتك والأخطر هو الشرخ الذي تحدثه بينك وبين ربك بارتكابك مثل هذه الفواحش، إذا كان هدفك هو الزواج فلم تطالع مواقع بها النساء يعرضن أجسادهم للبيع ألا تعلم بأنه حينما تسمح المرأة بكشف نفسها وجسدها أمام رجل فإنها بذلك ممتهنة لمهنة العهر معك ومع مئات بل وآلاف من المغفلين والجهلة أمثالك.
اتق الله وابحث عن أسباب لإسعاد نفسك، ولكن بعيدًا عما حرمه الله ؛ فليس كل ممنوع مرغوب كما تظن.. إقرأ.. مارس الرياضة.. انشغل بمتابعة أخبار العالم من حولك..اخلص في عملك.. فكر بمستقبلك.. قم بكافة فروضك وواجباتك في الحياة تجاه من تحبهم.. سافر لأماكن تحبها.. وليكن محور حياتك هو الاستمتاع بحياتك ولكن بطرق ترضي الله.. قال تعالي " ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن "، صدق الله العظيم.
آراء حرة
إلفيرا أوليفيا.. و"الشملول"
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق