بينما يُشير بعض الباحثين إلى أن «أمنمحات الأول» مؤسس الأسرة الثانية عشرة، يحتمل أن يكون هو نفسه «أمنمحات» الذي كان وزيرًا للملك «منتو حتب الرابع»؛ حيث من المرجح أن سلطان الوزير أخذ يتعاظم، ونفوذه يزداد ويقوى في عهد «منتو حتب»، حتى تمكن في النهاية من الاستيلاء على العرش عنوة. وقد قوّى هذا الظن لدى عدد من الأثريين أن «منتو حتب الرابع» بدوره كان مغتصبًا للملك، ولم يكن صاحب حق وراثي فيه؛ فيما رأى آخرون أنه من الجائز أن يكون «أمنمحات» تولى العرش بعد وفاة «منتو حتب» مباشرة، بفضل ما كان له من قوة ونفوذ في البلاط.
أيضا، تُشير مصادر تاريخية إلى وجود صلة دم بين «أمنمحات» مؤسس الأسرة الثانية عشرة وبين ملوك الأسرة الحادية عشرة، وفق موسوعة "مصر القديمة"، حيث أشار الأثري الكبير الراحل سليم حسن، في الجزء الثالث الذي تناول "تاريخ الدولة الوسطى ومدنيتها وعلاقتها بالسودان والأقطار الآسيوية والعربية" أنه "على الرغم من وجود صلة الدم هذه فإن «أمنمحات الأول»، على ما يظهر، أراد أن يبرر اعتلاءه عرش الملك أمام الشعب المصري بطريقة روحية مبتكرة، تختلف عن الطريقة التي اخترعها ملوك الأسرة الخامسة عندما أرادوا أن يثبتوا مراكزهم أمام الشعب المصري".
وكانت قد جرت التقاليد في التاريخ المصري القديم ألا يتولى عرش الملوك إلا من كان يجري في عروقه الدم الملكي الخالص "فإذا اتفق أنه ظهر رجل عظيم في البلاد ولم يكن من دم ملكي وأراد أن يؤسس أسرة جديدة أو يغتصب الملك بما لديه من قوة ونفوذ بدون حق شرعي، فإنه كان يلقى في سبيل تنفيذ مآربه عقبات جسامًا؛ وذلك لأن الشعب المصري كان يميل إلى التمسك بأهداب القديم، ويحافظ على ما وجد عليه آباءه وأجداده؛ وبخاصة فيما يتعلق بالبيت المالك الذي يرتفع في نظر المصريين إلى مرتبة الآلهة".
من أجل ذلك لم يعتمد «أمنمحات الأول» في استوائه على العرش على القوة وحدها، بل قرنها بحيلة تدل على الحذق والمهارة. يقول سليم حسن: "استمال أبناء الشعب مثقفين وغير مثقفين، تلك هي أسطورة، حرص على إذاعتها بين القوم قوامها نبوءة لحكيم قديم، رأى فيها أن الويلات التي حاقت بالبلاد ستنجاب على يد رجل عظيم يصلح عوجها، ويبرئ بحكمته عللها، وذلك المخلِّص المنتظر هو «أمنمحات»، آمن بها الدهماء؛ لأنها نبوءة تنبأ بها حكيم من قديم الزمان منذ آلاف السنين".
النبوءة التي صاغها الكاهن المرتل «نفرروهو» في قالب أدبي جذاب تبريرًا لاعتلاء «أمنمحات» عرش الملك، قال عنه فيها: "إنه المخلِّص المنتظر، الذي سيخلص البلاد مما أحاق بها من ويلات ونكبات ظلت قرونًا متوالية، وآمن بها المثقفون".
وعلى الرغم من أن «أمنمحات» قد نجح في رفع شأن آمون -إله «طيبة» المحلي وهي مسقط رأسه- وجعله يُعبد في كل البلاد من أقصاها إلى أقصاها، فإن حالة البلاد عندما أخذ بزمام الأمور فيها لم تسمح له أن يجعل «طيبة» عاصمة ملكه، وقد كانت حاضرة الملك في عهد الأسرة الحادية عشرة؛ لأنه كان يريد أن يجعل كل البلاد في متناول قبضته.
وتروي الموسوعة: رأى -أمنمحات الأول- بثاقب نظره أن مقر الملك يجب أن يكون في نقطة تكون كواسطة العقد بالنسبة لبلاده، فضرب صفحًا عن «طيبة» مقر أسلافه واختار بقعة بعيدة عن «إهناسية» عاصمة الملك في خلال الأسرتين التاسعة والعاشرة، كما أحجم عن اتخاذ «منف» عاصمة الملك في عهد الدولة القديمة؛ والظاهر أنه كان يرمي من وراء إبعاد الحكم عن هاتين العاصمتين أن يكون مجدِّدًا في كل ما يقوم به، وفي الوقت نفسه معيدًا للبلاد عظمتها وسمعتها".
هكذا، وقع اختيار الملك الجديد على بقعة تدل شواهد الأحوال على أن قرية «اللشت» -التابعة لمركز العياط بمحافظة الجيزة- قامت على أنقاضها. لكن، تذكر الموسوعة أن الموقع الحقيقي قد ضاعت معالمه. لكن من المعروف أن الملك أقام في هذه البقعة مدينة محصنة كانت تحتوي على القصر الملكي، ومركز القيادة العامة للجيش؛ وقد أطلق على العاصمة الجديدة اسم «اث تاوى»، ومعناها «مراقبة الأرضين». وقد وصف القصر بأنه محلى بالذهب وأبوابه من نحاس، وأقفاله من الشبه، وكان كل بنائه قد أتقن إتقانًا عظيمًا، غير أن يد التخريب لم تبقِ منه أي أثر.
ولم يكن نشاط «أمنمحات الأول» منحصرًا في داخل بلاده فحسب، بل وجه همه لمنع هجرة الأسيويين عن طريق ما عُرف بـ «أسوار الحاكم»، والتي بناها أمنمحات الأول في المنطقة الرابعة عشر من الوجه البحري لحماية المداخل الشرقية لمصر، والتي سبقتها أسوار سنفرو. وقد ذُكِرَت أسوار الحاكم في قصة "سنوحي" وفي نبوءة "نفرتي"، لكن لم يُعْثَر لها على بقايا. وأظهرت رسوم الدولة الحديثة الحصون التي كانت تحتوي على إمدادات آمنة من المياه، وكانت محاطة بخنادق مياه مملوءة بالتماسيح تمتد عليها الجسور. كما اتخذ كذلك تدابير فعالة ضد بدو الصحراء الشرقية، وتدل على ذلك النقوش التي تركها لنا «نسومنتو» وهي محفوظة الآن بمتحف اللوفر.
أمّا في بلاد النوبة فإن «أمنمحات الأول» قد وطد سلطانه فيها، وقد لمح بذلك في التعاليم المنسوبة إليه، وهي التي ألقى فيها على ابنه دروسًا في الحياة، فيقول: «لقد أذللت الأسود، واصطدت التماسيح، وقهرت أهل «واوات» وأسرت قوم «المازوي» »؛ وقد وُجدت كذلك نقوش مختصرة على صخرة في «كرسكو» تدل على وصول جيوش الملك إلى هذه البقعة «في السنة التاسعة والعشرين من حكم ملك الوجهين القبلي والبحري «سحتب إب رع» «أمنمحات الأول».