ارتفعت معدلات العمليات التى تقوم بها حركة الشباب الإرهابية فى الصومال الشهر الأخير وكان آخر ضحاياها هذه المرة أحد ضباط جهاز المخابرات. وبحسب وسائل إعلام صومالية قتل ضابط بارز فى جهاز المخابرات الصومالية جراء تفجير عبوة ناسفة فى مدينة مركا بمحافظة شبيلى السفلى جنوب البلاد.
ووفق تقارير إعلامية زرعت العبوة الناسفة فى سيارة ضابط المخابرات حسن عثمان علي، الذى قتل على الفور، وأسفر الانفجار عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين وحراسه الشخصيين الذين تم نقلهم إلى المستشفى لتلقى العلاج.
تصاعد وتيرة الإرهاب فى الأراضى الصومالية.. والقوات الأمنية تتصدى للحركة الإرهابية بتوجيه ضربات قاسية للحركة ومحاصرتها اقتصاديا وأمنيا
الحركة الإرهابية خسرت القاعدة الداعمة لها وحدثت بها انقسامات داخلية وصلت إلى حد الاشتباك المسلح بين أفرادها فى بعض الأحيان
وصلت قوات الأمن موقع التفجير لكنها لم تنجح فى القبض على المشتبه بهم فى الحادث.
ولم يصدر بعد تعليق من السلطات الصومالية حول الحادث، فيما لم تعلن أى جهة مسئوليتها عنه، لكن أصابع الاتهام تشير إلى حركة الشباب الإرهابية التى تنفذ مثل هذه الهجمات.
وحسب الرواية الحكومية منذ انتخاب الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود فى مايو الماضي، أطلق حملة عسكرية أدت إلى تصدع حركة الشباب الإرهابية.
وخسرت الحركة القاعدة الداعمة لها وسيف الترهيب ضد الصوماليين، كما حدثت بها انقسامات داخلية وصلت إلى حد الاشتباك المسلح بين أفرادها فى بعض الأحيان.
الخسائر البشرية فى صفوف الحركة الإرهابية كانت كبيرة هى الأخرى، إذ قتل أكثر من ٢٠٠٠ من عناصر الحركة، من بينهم قيادات ميدانية جراء ضربات الجيش الصومالي، كما فقدت الحركة أكثر من ٧٠ منطقة، من بينها مناطق استراتيجية تشكل منافذ بحرية لها لتهريب الأسلحة والمخدرات والمقاتلين الأجانب.
كما شلت استراتيجية الحكومة اقتصاد الحركة، ما أدى إلى عجزها عن دفع الأموال لعناصرها وتمويل المعارك.
وحول حقيقة الوضع نشرت صحيفة الأندبندت مقالة بعنوان «البقاء فى الصومال أو الخروج منه» لإيان كاتوسيمي سلط فيها الضوء على احتدام النقاش حول مستقبل بعثة القوات الأوغندية فى الصومال.
وبحسب المقال، يساور إيروت القلق لأن الاتحاد الأفريقى الذى يعمل باسم أتميس فى إطار ولايته كان بطيئا جدا فى ضمان الانتقال من الجيوش الأجنبية لحفظ السلام إلى الجيش الوطنى الصومالي. ويقول زميله إنه فى أعقاب الهجوم الأخير الذى ألحق فيه المقاتلون الإسلاميون من حركة الشباب خسائر كبيرة بقوات الدفاع الشعبية الأوغندية. يجب على وزير الدفاع فنسنت سيمبيجا تقديم خطة ملموسة لاستراتيجية خروج أوغندا.
وتحدث إيروت إلى صحيفة الإندبندنت فى الوقت الذى يواصل فيه الأوغنديون الحداد على الجنود الذين فقدوا فى الهجوم الأكثر دموية الذى ألحقته حركة الشباب بالقوات الأوغندية منذ دخولها الصومال فى مهمة الاتحاد الإفريقى فى عام ٢٠٠٧. وكانت قوات الدفاع الوطنى الإثيوبية قد دخلت الصومال فى عام ٢٠٠٦ لكنها كانت تنسحب. وسرعان ما تبعت قوات الدفاع الشعبى الأوغندية القوات البوروندية فى كانون الأول/ ديسمبر ٢٠٠٧، والقوات الكينية فى عام ٢٠١٣.
وترك الهجوم قيادة الجيش الأوغندى تفكر فيما كان يمكن أن يؤدى إلى الهجوم الأكثر دموية الذى شنه مقاتلو حركة الشباب ضد القوات الأوغندية أو أى من البلدان المساهمة بقوات فى السنوات الستة عشر من بعثة الاتحاد الإفريقى التى تعرف حاليا ببعثة أتميس.
وأثار العدد الكبير من الجنود الأوغنديين القتلى تساؤلات حول استمرار وجود القوات الأوغندية فى الدولة الواقعة فى القرن الأفريقى ومستقبل الحركة نفسها.
هجوم جنالي
عندما وقع هجوم مماثل من قبل حركة الشباب على القوات الأوغندية فى سبتمبر ٢٠١٥، كان هناك الكثير من الضجة من الشعب حول استمرار البعثة حيث استمرت أوغندا فى فقدان الجنود. وفى ذلك الوقت، كشف الرئيس موسيفينى أثناء قيامه برحلة فى اليابان أن ١٩ جنديا لقوا حتفهم فى الهجوم على القوات الأوغندية فى جانالي، بمنطقة شبيلى السفلى فى جنوب شرق الصومال.
ومع تزايد الدعوات من الشعب الأوغندى والمعارضة وبعض قطاعات المجتمع الدولى لأوغندا للانسحاب من البعثة، وجدت المؤسسة الأمنية نفسها فى مأزق.
ووفقا لمسؤولين عسكريين فى أوغندا والصومال، فإن الهجمات مثل الهجوم على القوات الأوغندية تحبط دائما خطط الانسحاب للجيوش الأجنبية بغض النظر عن الجداول الزمنية.
وقال الميجور جنرال ناثان موغيشا، نائب سفير أوغندا فى الصومال: «الحادث لن يشتت انتباهنا. سنواصل عمليات تحقيق الاستقرار فى الصومال، ودعم الحكومة الفيدرالية والجيش الوطنى الصومالى والشعب حتى يتمكنوا من تحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية والتحول».
وكان موغيشا، برفقة رئيس الحركة سويف محمد الأمين وقائد قوة الحركة الفريق سام أوكيدينغ، فى ٦ يونيو يزوران جنود القوات الأوغندية الجرحى فى مستشفى المستوى الثانى فى مقديشو.
وقال: «نحن نحتوى الوضع ونعيد التقييم ونمضى قدما كما هو مقرر».
وبعد أسبوع واحد فقط من إيفاد القوات الأوغندية أحد أكثر ضباطها تكريما، وهو الفريق كايانجا موهانغا، قائد القوات البرية، فى مهمة استطلاعية إلى الصومال فى أعقاب الهجوم، حذا سلفه الجنرال موهوزى كاينروغابا حذوه فى ما بدا وكأنه مهمة مماثلة.
وكان الرئيس موسيفينى قد قال فى وقت سابق فى بيان إن قائد قوات الدفاع فى قوات الدفاع الشعبية الأوغندية، الجنرال ويلسون مبادي، شكل فريق تحقيق لتعزيز التحقيق فى الهجوم.
أثناء وجوده فى مقديشو، التقى الجنرال موهوزى بالرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، فى ٧ يونيو. وحضر الاجتماع الذى عقد فى فيلا صوماليا بمكتب الرئيس نائب السفير موغيشا. وتظهر زيارة موهوزى التحقيق البارز الذى أجراه الهجوم على القوات الأوغندية. بحسب المقال.
الدور الرسمى لموهوزى هو كبير مستشارى الرئيس للعمليات الخاصة، لكنه كان أيضا قائدا لقيادة القوات الخاصة «SFC»، الحرس الإمبراطورى لموسيفينى الذى يقوم بعمليات خاصة فى أوغندا وأماكن مثل الصومال اعتمادا على مدى حساسية القضية أو استراتيجيتها.
جنود من القوات الأوغندية جرحى فى هجوم حركة الشباب على بولو مرير يتعافون فى مستشفى المستوى الثانى فى مقديشو.
وبحسب المقال، يشرف الجنرال كايانجا بصفته قائدا للقوات البرية على وحدة القوات الأوغندية وبالتالى على قوات بعثة الاتحاد الأفريقى الانتقالية فى الصومال البالغ عددها ١٨.٠٠٠ جندى نظرا لأن أوغندا هى أكبر دولة مساهمة بقوات مع ما يقدر بنحو ٦.٠٠٠ جندي. والصومال هى أيضا أرض معروفة للجنرال كايانجا لأنه خدم هناك فى فترتين فى ٢٠١١/١٢ و٢٠١٦/١٧.
وبما أن تفاصيل تقريره إلى القائد العام للقوات المسلحة لم تحدد بعد، فإن القوات الأوغندية لا تزال فى حالة تأهب قصوى.
تقارير استخباراتية جديدة
وبحسب المقال أودى الهجوم على القوات الأوغندية فى الصومال من قبل حركة الشباب الإسلامية فى ٢٦ مايو بحياة ٥٤ جنديا من القوات الأوغندية بحسب ما أعلن الرئيس موسيفيني.
وقع الحادث فى قاعدة بولو مرير للعمليات المتقدمة، على بعد حوالى ١٢٠ كيلومترا من مقديشو، العاصمة الصومالية، حيث تعرضت سرية تابعة للقوات الأوغندية لكمين بدا وكأنه مهمة مخطط لها بعناية على مدى أشهر.
وقال موسيفينى إن سرية جنود القوات الأوغندية فى بولو مارير ارتكبت أخطاء عملياتية منحت العدو مزايا حاسمة. ووفقا لموسيفيني، فإن استخدام الأسلحة الخفيفة مثل دبابتين ومدفعين مضادين للطائرات عيار ١٤.٥ ملم وقاذفة صواريخ كاتيوشا عيار ١٠٧ ملم لم يكن كافيا لصد المسلحين الغزاة وقت الهجوم. بحسب المقال.
وقال فى بيان يحلل فيه الحادث «بعض الجنود هناك لم يؤدوا كما هو متوقع وأصيبوا بالذعر مما أدى إلى إرباكهم واستغلت حركة الشباب ذلك لاجتياح القاعدة وتدمير بعض المعدات».
وأضاف: «المفجرون الانتحاريون أو أيا كانوا، أجبروا على تفجير أنفسهم قبل دخولهم القاعدة. علاوة على ذلك، كانت طائراتنا بدون طيار تراقب السيناريو بأكمله من أعلى فى السماء وتوجه النيران». «كان الإرهابيون كثيرين، حوالى ٨٠٠ أو نحو ذلك وفقا للطائرات بدون طيار. ومن ثم، كانت فرصة ضائعة لإبادتهم».
كما تساءل محللون أمنيون واستخباراتيون عن تقييم موسيفينى لوجود ٨٠٠ مقاتل من حركة الشباب. وحركة الشباب، جماعة إرهابية، تستخدم تكتيكات حرب العصابات التى لا تختلف كثيرا عن تلك التى استخدمتها تلك التى كانت تحت قيادة موسيفينى فى حرب الأدغال، معروفة بمقاتليها المنفردين، الذين يفجرون العبوات الناسفة والخطف والمفجرين الاستشهاديين. بحسب المقال.
كما لم تعرف حركة الشباب بجمع مقاتليها بأعداد كبيرة سواء لشن هجمات أو فى قواعدها الدفاعية، بل تقوم بعمليات من خلال الخلايا والإشارات. بحسب المقال.
ولا تزال الصور المروعة من هجوم بولو مرير غارقة فى وسائل التواصل الاجتماعي. تظهر جنود القوات الأوغندية الذين أخضعهم المسلحون بينما لا يزال آخرون يتعافون فى المستشفيات الصومالية. وتعيد الحكومة جثث الذين لقوا حتفهم. بحسب المقال.
ومع ذلك، هناك مخاوف من وقوع المزيد من الإصابات غير المعروفة. وقالت بعض المصادر لصحيفة الإندبندنت إنه بسبب ارتفاع عدد القتلى فى الهجوم، قام الجيش بالفعل بإعادة جثث الجنود الذين سقطوا إلى أوطانهم كوسيلة لإدارة حساسية القضية.
وكانت حركة الشباب قد أكدت مقتل أكثر من ٢٠٠ من القوات الأوغندية.
وقال مصدر إن نحو ٧٠ جثة شوهدت فى الجزء القديم من مطار عنتيبى فى ليلة أخيرة رغم أن صحيفة الإندبندنت لم تتمكن من التحقق من دقة الرقم.
وتقول مصادر إن الجثث نقلت جوا ليلا قبل أيام عبر المطار القديم مما أثار مخاوف من أن أوغندا ربما فقدت المزيد من الجنود فى الهجوم الذى وقع قبل الفجر قبل أسبوعين.
وقال مصدر يعمل فى مجال الطيران «من المعتاد» إعادة جثث الجنود الذين سقطوا عبر المطار القديم لتجنب الدعاية غير المرغوب فيها.
وقال المصدر الذى فضل عدم الكشف عن هويته «لذلك يتم إحضار الجثث فى الليل وتسليمهم إلى الأقارب على الفور لدفنهم».
وأضاف «إن (الرئيس موسيفيني) لم يعلن حتى عن أولئك الذين اعتقلوا كأسرى حرب وهو ما كان واضحا على وسائل التواصل الاجتماعى التى نشرتها حركة الشباب».
ويقول جوناثان أودور، وزير الدفاع فى حكومة الظل، إنه إذا كانت الحكومة متأكدة من الجنود الـ ٥٤ الذين لقوا حتفهم، فعليها أيضا أن تكشف عن أولئك الذين نجوا.
قال إيروت لصحيفة الإندبندنت ردا على سؤال حول الحديث عن عدد أكبر من الضحايا: «ليس لدى دليل ملموس ولكن يجب على الحكومة أن تأخذ فى الاعتبار أولئك الذين نجوا أيضا. على سبيل المثال، إذا تم نشر حوالى ٢٠٠ جندى هناك فيجب أن يظهر الـ ١٤٦ الآخرين».
وقال إيروت: «لم تكن الحكومة لتكرم أولئك الذين لقوا حتفهم فى الهجوم إذا لم توفر المساءلة الكاملة عن الجنود القتلى».
هجمات
فى يوم الجمعة الماضية ٩ يونيو ٢٠٢٣، قتل أكثر من ٢٩ عنصرا وأصيب عدد أكبر فى الحصيلة الأولية للهجوم الانغماسى الذى شنه مقاتلو حركة الشباب المجاهدين على فندق «بيرلىبيج» الحكومى بمديرية «عبد العزيز» بالعاصمة مقديشو. بحسب بيان للقيادة العسكرية لحركة الشباب المجاهدين.
واستمر الهجوم لأكثر من ١٠ ساعات، حيث تمكن الانغماسيون من صد ٧ هجمات شنتها القوات الأمنية المتنوعة للحكومة الصومالية فى محاولة منها لاستعادة الفندق.
والفندق المستهدف يرتاده مسئولون وضباط من الحكومة الصومالية، ممن لهم دور بارز فى الحرب ضد الشريعة الإسلامية وفى نهب أموال المسلمين فى الصومال، بحسب بيان القيادة العسكرية الذى وعد بنشر مزيد من التفاصيل لاحقا.
وعادة ما يشن مقاتلو حركة الشباب هجمات انغماسية على فنادق حكومية فى قلب العاصمة مقديشو وفى أشد المناطق تحصينا فيها حيث يستهدفون المسئولين الحكوميين الذين يرتادون هذه الفنادق المعروفة بالحراسة المشددة كأنها ثكنات عسكرية.
ولمزيد إحراج للحكومة الصومالية المدعومة من الغرب والقوات الدولية المتحالفة معها يتعمد الانغماسيون إرسال رسائل مباشرة من موقع الهجوم، وخلال هذا الهجوم أكد الانغماسيون سيطرتهم على الفندق وأن جثث القتلى منتشرة فى كل مكان فيه وأنهم قاموا بتصفيات ميدانية، حيث أكد أحد المهاجمين أنه رأى بنفسه ١١ قتيلا، وقال فى رسالة أرسلها من موقع الهجوم:«نحن نذكر الله فى المكان الذى كان مركزا للكفر والفسق والفحش»، وطلب من المسلمين الدعاء للانغماسيين الذين يؤكدون للمسلمين فى كل مكان على أنهم سينقلون لهم البشائر حتى يلقوا الله مقبلين غير مدبرين. يذكر أن هذه الرسالة وصلت والهجوم مستمر منذ ساعتين.
وفى رسالة جديدة من أحد الانغماسيين بعد مضى ٤ ساعات من سيطرتهم على الفندق الحكومي، قال فيها: «أين هى تلك القوات التى تدربت فى أوغندا ومولتها الإمارات والتى سلمتم لها مقاليد الأمن فى العاصمة مقديشو وكنتم تتفاخرون بها على أنها أمنت العاصمة؟ هل حفظوا الأمن فيها؟ نحن تجاوزنا حواجز أمنية كثيرة حتى وصلنا إلى مناطقكم التى تعتبرونها محصنة وذلك بفضل الله تعالى علينا، وأنتم لم ولن تستطيعوا أن تحسموا المواجهة معنا، ونطلب من المسلمين الدعاء لنا، ونقول للكفار وأعوانهم لا تحلموا بالأمن».