نظم الأرشيف والمكتبة الوطنية بالإمارات العربية المتحدة ندوة "تراث وذاكرة الشعوب.. نحو حماية الأثر المادي واستدامة الموروث الثقافي" ضمن موسمه الثقافي الثاني، وذلك بهدف تسليط الضوء على تراث دولة الإمارات الغني في مجال الممارسات المستدامة، وبوصف التراث أحد ركائز الهوية الوطنية، وبوصف الموروث الشعبي جزء مهم من تاريخ الشعوب وثقافتها، وهو جسر للتواصل بين الأجيال، وله دوره الكبير في التنمية والتطوير، وفي بلورة الهوية الوطنية.
بدأت الندوة بحديث السيدة مريم الزعابي الباحث في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث- عن تجربة المركز وجهوده، وبعد أن عرفت المركز، ورؤيته ورسالته، ثم دوره في جمع التراث الثقافي غير المادي، وأساليب تهيئة فريق جمع ميداني متكامل من أجل جمع المعلومات المتكاملة عن آداب المائدة وحفظ الطعام، القلاع والحصون، والبيوت القديمة والفرجان، والطيور وطب الحيوانات، والوديان والسيوح، وأوائل المساجد في الإمارات، والخراريف والقصائد، والآبار والنخيل، والغوص، والخيل والإبل، والتعليم والطب الشعبي، والمصطلحات الإماراتية... وغيرها.
وتطرقت الزعابي إلى التعاون مع الجامعات مثل جامعة زايد، وجامعة الوصل في تنظيم البحوث والدراسات في المركز لطلبة الجامعة، والورش الخاصة بجمع التراث الثقافي غير المادي، وضرورة الاهتمام بالتراث الشفاهي واستعماله كمرجع تاريخي، وفي هذه الفعاليات تم تعريف المشاركين بعلاقة التراث الشفاهي بالتاريخ، وبأهمية المصادر الشفاهية، وإطلاعهم أيضاً على أفضل الطرق والوسائل العلمية الكفيلة بصون الموروث وحفظه للأجيال، والتعريف به على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وسلطت الندوة -التي عُقدتْ بمقر الأرشيف والمكتبة الوطنية- الضوء على مبادرة "وثيقتي" وأهدافها؛ مشيرة إلى أنها تتضمن دعوة عامة للمصادر الرسمية وغير الرسمية والمؤسسات والأفراد في المساهمة على الحفاظ على الوثائق والمقتنيات التاريخية المتوفرة لديهم، وأنواع الوثائق كالمستندات الرسمية والمخطوطات، والصور والخرائط، والسير والتراجم، والكتب القديمة والإحصائيات، والرسائل الرسمية والمعاهدات... وغيرها.
وبدورها تطرقت الأستاذة إسراء الملا -مسؤول المدرسة الدولية للحكاية وقسم الأرشيف بمعهد الشارقة للتراث- إلى استدامة الموروث الثقافي، موضحة أهمية التراث العالمي الذي يتجلى في الموروث الثقافي والتاريخي الذي يشكل ذاكرة الأوطان وهوية المجتمعات، وأن أهمية التراث تكمن في قيمته الإنسانية المشتركة، وأن التراث الإنساني هو تراث عام لكل البشرية، وهذا ما جعل دولة الإمارات تحرص على صون معالم التراث الإنساني وحفظه وحمايته من الاندثار
وتناولت الملا مرحلة تأسيس معهد الشارقة للتراث ونشأته، ورؤيته ورسالته؛ مشيرة إلى أن هذا المعهد مؤسسة علمية وأكاديمية وصرح ثقافي بارز، أسهم في تعزيز قيم التراث الإماراتي، ووسع دائرة الاهتمام به علمياً وأكاديمياً وثقافياً، من خلال تطوير المحتوى الثقافي والتراثي والعلمي. واستعرضت أهمية الحكايات الشعبية كموروث ثقافي مستدام، ودور الوثائق والأرشيف بربط الأجيال بتراث الأجداد وتاريخهم العريق.
وسلطت السيدة عائشة راشد الحصان -مديرة مركز التراث العربي بمعهد الشارقة للتراث- الضوء على اهتمام إمارة الشارقة بالتراث الثقافي؛ فأنشأت الهيئات والمراكز، وشيدت الصروح الثقافية، ونظمت الفعاليات والبرامج الثقافية، وذلك انطلاقاً من أهمية حماية ذاكرة الشعوب واستدامة التراث الثقافي؛ ولذلك فقد أولى معهد الشارقة للتراث قضية حماية التراث وصونه اهتمامه عبر مساهماته في توثيق السجلات التاريخية والتقاليد الشفوية ورقمنتها، وحفظ المواقع التاريخية وترميمها، وتعزيز التثقيف والتوعية حول التراث الثقافي وأهميته، وإشراك المجتمع المحلي في الحفاظ على التراث الثقافي، والدعوة إلى تنفيذ التشريعات والسياسات التي تحمي التراث الثقافي، والتعاون مع المنظمات الدولية المتخصصة في الحفاظ على التراث الثقافي، وتعزيز ممارسات السياحة المسؤولة والمستدامة، والدعوة لزيادة التمويل والدعم للحفاظ على التراث الثقافي.