قام البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي بعام 2019، في قره قوش (بخديدا)، سهل نينوى، بالعراق برسامة الخور أسقف نزار وديع سمعان، أسقفاً معاوناً مع حقّ الخلافة لإبراشية الموصل وكركوك وإقليم كردستان العراق، باسم مار نثنائيل نزار سمعان وجاء ذلك بحضور وفد من قيادة الحركة الديمقراطية الآشورية.
التقت “البوابة نيوز” المطران سمعان في العراق للحديث عن مهامه في أرض العراق في ظل الأوضاع الحالية.
بداية.. نريد التعرف على مسيرتك؟
أنا من مواليد قره قوش – العراق، في 1965، تلقّيت دروسي الابتدائية والمتوسّطة في الحويجة بكركوك، ثمّ الثانوية في إعدادية قره قوش ودرست 3 سنوات في كلّية التربية بجامعة الموصل بقسم الرياضات، وتركت الدراسة الجامعية في المرحلة الأخيرة ودخلت إكليريكية سيّدة النجاة في دير الشرفة بلبنان (1986)، وحصلت على الإجازة في الفلسفة واللاهوت من كلّية اللاهوت الحبرية في جامعة الروح القدس – الكسليك (1991)، كما حصلت علي شهادة الدكتوراه في الليتورجية المقدسة من المعهد الشرقي في روما – إيطاليا (2003)، بعدما قدّمت دراستي عن "صلاة المساء للأيّام العادية حسب التقليد السرياني الأنطاكي"، وهي مطبوعة باللغة الإيطالية وأنا أتقن اللغات: السريانية، العربية،الإنكليزية، والإيطالية.
وسيمت شمّاساً إنجيليًا في 1991، بوضع يد البطريرك مار اغناطيوس أنطون الثاني حايك، في دير الشرفة لبنان. ثمّ سيمت كاهناً في 1991، بوضع يد المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل، في كنيسة الطاهرةالكبرى في قره قوش وعُيِّنت للخدمة في رعية سيّدة البشارة - بيروت من عام 1992 حتّى نهاية عام 1994، ثمّ في كنيسة الطاهرة الكبرى بقره قوش من عام 1995 حتّى عام 1997 وخدمت منذ عام 2006 حتّى الآن رعية مار بهناموسارة السريانية الكاثوليكية في لندن - المملكة المتّحدة، وتقدمت في الوقت نفسه الخدمات الطقسية والروحية لكنيسة الثالوث الأقدس اللاتينية والكنائس الأخرى المجاورة وسيمت خور أسقفاً في 2013، بوضع يد مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، في كنيسة الثالوث الأقدس في لندن.
ماذا عن تأسيس الإيبارشية؟
تأسست الإيبارشية منذ 3 سنوات وهى تضم نسبة كبيرة من المهُجرين من مدن العراق المختلفة من بغداد والبصرة وكركوك وبشكل خاص الموصل وكراكوش.
وأكثرية المؤمنين المنتمين لهذه الإبارشية مهجرين داخليًا، ونشكر الله أنهم ما تركوا العراق لقد تهجروا إلى كردستان لأنها منطقة آمنة، والإبارشية تتكون من 1700 عائلة.
قبل 3 سنوات.. هل لم يكن هناك وجود لإيبارشية السوريان الكاثوليكية؟
وقت داعش كلهم أتوا إلى كردستان لأنها كانت آمنة، وداعش ما وصلت هنا.
وقبل 3 سنوات قسمنا الإيبارشية وأصبحت إيبارشية الموصل وإبراشية كردستان وتعتبر كردستان أكبر تجمع للمسيحيين وخاصة عنكا، والتي تتميز بتنوع الكنائس من كل الطوائف ونشكر الله أن هذه الكنائس في علاقات أخوة بينها ومحبة ومتحدة باسم المسيح.
البصرة ضعيفة جدا في عدد المسيحيين؟
نحن لا يهمنا العدد، ولكن كُثار بمحبتنا للبلد وعقلنا وقدراتنا وبشهادتنا.
ما الذي يتبع هذه الإيبارشية؟
بدأنا من الصفر وتم تجديد الكنائس التابعة لنا.
كم كنيسة لديكم هنا؟
بعنكا كنستان، وبزاخوا وكركوك وسنجار وهنا ما كان لنا كنائس وكانت كرفانات للمهجرين وهذه ليست منازل ثابتة وأول ما وصلت فضلت محو الفكرة الداعشية بأننا مهجرون، وإنما نحن سكان هذه البلد وأحببت تغيير هذه الأفكار للأجيال بأننا نبنى المستقبل بخطوات راكزة لهذه الإبراشية ونتمنى أن يكون الإقليم آمنًا حتى نمارس حياتنا المسيحية بحرية، وهذا بالتعاون مع كل إخوتنا اليازيدين والمسلمين وبالنسبة لنا كمسيحين نستطيع العيش مع الجميع ونحترم الكل وما نفرض معتقداتنا على أحد.
ونحن موجودون هنا لنبنى المستقبل وعندنا أمل فيه، وزيارة البابا فرنسيس منذ سنتين زرعت فينا الأمل والرجاء في المستقبل.
ما الأشياء التى لمستها من زيارة البابا؟
لقد تجدد فينا الأمل والرجاء للمستقبل، فرأس الكنيسة أتى لزيارتنا وهذا معناه مدى أهميتنا ووجودنا مهم ويعطينا علامة أن المستقبل أمامنا.
هل يوجد تناغم بينك وبين الطوائف الأخرى بكردستان؟
نعم، علاقات محبة مع الإسلام واليازيدين وليس لدينا مشكلة مع أحد فنحن لا نبحث عن المشاكل فنحن جزء من الحل ولسنا جزءا من المشكلة.
ما الخطة المستقبلية للإيبارشية؟
لدينا مسارات مهمة، أولا الاهتمام بشعبنا على المستوى الروحى والمعيشي والصحى، والمستوى الثاني هو البناء أي بناء المؤسسات التى تخدم شعبنا فنحن بدأنا من الصفر وصار لنا وجود وكيان وهذا هو نقطة تحول لأننا نخطط للمستقبل ونضع خطة خمسية وأول اهتمامنا ماذا نقدم لشعبنا ليبقى هنا.
ماذا فعلت للمهجرين سابقا هل تواصلت معهم ليعودوا؟
لا، لأن الهجرة قرار شخصي، وليست مهمتى إرجاع الناس، ونحن ككنيسة نعمل للأولاد الموجودين وإذا أحبوا الهجرة لا نقف أمامهم وعلينا خدمة الموجودين وتقديم الأفضل لهم.
ماذا تحتاج العراق الفترة القادمة؟
استقرار أمنى وسياسي، هذه أهم الأشياء، لأنه بدونها هناك مشاكل وقتل وسرقات، ونحن نتمنى الاستقرار السياسي بكل أنحاء العراق.
هل تخطط لبناء مدرسة؟
نعم قريبًا، ولدينا خطط مستقبلية لهذا.
هل تعتمد على تبرعات من منظمات خارجية؟
نعم، وليس لدينا أملاك خاصة استثمارية ونعتمد على المنظمات التى تدعمنا وتساعدنا وتفتح لنا آفاق المستقبل.
هل تتابع وضع استقرار المسلمين والمسيحيين بمصر؟
نحن مهتمون بكل الوطن العربي مسلمين ومسيحين، كل مشكلة بمصر هى مشكلتنا فنحن لسنا منعزلين عن العالم ونظرتنا ليست ضيقة في رؤية الأمور.
- كيف ترى الوضع في مصر؟
مصر تسير في الاتجاه الصحيح.
كيف كان شعورك تجاه المسلمين بعدما عرفت أن داعش يقولون أنهم منتمون للإسلام؟
نحن نتعامل مع الإنسان كإنسان وليس الدين والانتماء واللون والعرق ولا نعطي قاعدة عامة.
ما رأيك في وثيقة الأخوة الإنسانية بين الأزهر والكنيسة الكاثوليكية؟
دائما الكنيسة الكاثوليكية تسعى لهذا بسرعة، ولا يصح أن تنغلق على ذاتك وتنعزل عن العالم، ونحن نعيش بعالم يحتم علينا احترام وقبول الآخر.
في الفترة السابقة البابا فرنسيس اعتذر عن الحروب الصليبية وتوعد أى كاهن يتحرش جنسيا.. كيف ترى ذلك؟
هذه علامات القوة والصحوة بالكنيسة، واللسان القوى يعتذر حتى يصلح، واللسان الضعيف ما يعتذر وإذا اعتذر يكون ليحمى حاله وهذا فرق كبير، والبابا قوي ولهذا يعتذر فنحن نريد وجها مشرفا للكنيسة وكل مسيحى، وما نريد مسيحيتنا مشوهة بحروب واغتصاب والبابا عظيم لأنه اعتذر.
كيف تفسر حياة التقشف والاهتمام بالفقراء للبابا؟
ذلك ليحافظ على كرامة الفقير فاهتمام الكنيسة بالفقر هو حفاظ على كرامة الإنسان كمخلوق الله.
كيف تواجه تحديات الوقت الحالي كالمثلية؟
نحن نحترم الإنسان ولا نحترم أخطاءه، وليس مهمتنا أن ندين أحدًا أو نحكم على أحد، لكن نعلم أن الله خلق الإنسان رجل وأنثى ونحترم هذه الطبيعة، وإذا كان أحد لديه غير هذا الانتماء لا يخصنا.
إذا كان هناك وثيقة لتوقيع الكهنة والمطارنة لقبول المثليين بالكنيسة أي قبول زواجهم هل تقبلها؟
لا طبعا، هذا ليس شيئًا شخصيًا، فالكنيسة لديها قانون وتعاليم لا يمكن أن تحيد عنها، واحترام الإنسان شىء وقبول ما يريده الإنسان شيء آخر.
يقال عندنا في مصر إن كنيسة الكاثوليك غربية وليست شرقية ولماذا البابا ليس عربيا؟
لا هى كنيسة عالمية لأفراد من الغرب والشرق فهي ليست غربية ولا شرقية.
هل من الممكن أن نرى يوما ما بابا عربيا؟
ممكن يكون كل شيء وهذه القضايا إدارية وتنظيمية وليس له علاقة بتسمية الكنيسة غربية أو شرقية.
سابقا لم يكن هناك صلاة على المنتحر ولكن الآن سمح بذلك فما تفسيرك؟
نحن نؤمن بالله أنه يغفر للإنسان لآخر دقيقة ونحن لا نقدر أن نحكم على المنتحر وما الدقائق الأخيرة له ولقائه مع الرب كيف كان، فلماذا أمانع أن أصلي عليه.
نحن وظيفتنا من وصية المسيح كونوا رحماء، فالرحمة هى قبول الآخر وتعاطف مع الآخر ومعاملة الآخر برفق وليست وظيفتى أن أدين أحدا أو أحكم عليه.
أين دور الكنيسة من دعم الحالات الطارئة؟
الكنيسة أُم، والأُم تسهر على أولادها دائماً في كافة الظروف والحالات، وبالطبع، بهذا الوقت الصعب ساعدت الدولة ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية من خلال المبادرات التي قامت بها، كدعم العوائل المتضررة جراء أي ضرر يقع عليهم على سبيل المثال: تأمين وتوزيع سلات غذائية على العوائل المحتاجة فأبواب الكنيسة مفتوحة أمام أبنائها وتعمل بقدر ما تستطيع به لأبناء رعيتها.
أين تكمن قوة الكنيسة في مواجهة التحديات؟
قوة الكنيسة بإيمانها، خاصةً هذه الظروف الصعبة تتطلب إيمانا قويا وثقة بالله فهو قادر على أن يُزيل الغيمة السوداء عن العالم لتعود الحياة إلى طبيعتها لا تخافوا” هكذا قال الرب، ونحن لا نخاف.
ما الذي قدمته الكنيسة للكل من مختلف الأديان؟
لا تُميز الكنيسة في المُساعدات الإنسانية بين دين وآخر أو طائفة وأُخرى، كل إنسان لديه قيمة كبيرة عند الكنيسة، وكل من هو بحاجة عليه أن يطرُق باب الكنيسة فلا يتردد لأنه لن يعود خاوي اليدين.
حدثنا عن دور الكنيسة في تثقيف المجتمع خلال هذه الأزمة؟
من مهام كنائسنا حث المؤمنين على الالتزام بتعليمات وشروط السلامة الصحية الصادرة عن المؤسسات الطبية المعنية، في كل مواعظنا وأحاديثنا ولقاءاتنا نشدد على أهمية التقييد بهذه التعليمات، وساهمنا في نشر هذا الوعي عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية المتعددة.