رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

عادل الضوى يكتب: الكاتب وخصائص الكتابة.. السبق والريادة واحدة من أبرز سمات الباحث وكتاباته.. المواجهة الشاملة المتكاملة للإرهاب ملمح أساسى فى رؤية عبد الرحيم على

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بمناسبة صدور الأعمال الكاملة للكاتب الصحفى عبد الرحيم علي، الخبير المتخصص فى شئون الإسلام السياسي، فى سبعة أجزاء، فى مارس الماضي، والتى تأتى كمحصلة لمواقف ورؤى ومعارك خاضها الرجل على امتداد مايقارب الأربعة عقود، نتوقف فى السطور التالية أمام أهم المحطات، التى تلقى الضوء على "ملامح" الكاتب، وخصائص كتاباته، نجملها فى نقاط:
١ – سنوات التكوين الأولى والتنشئة على يد أب أزهري، مهتم ومنخرط بفاعلية فى هموم وطموحات، وقضايا الشأن العام (سياسيا ونقابيا).. أسهم ذلك المناخ فى تكوين "شاب" منفتح على تنوع ثقافى وفكري، فيه التواصل الواعى مع المفاهيم والمرجعية الدينية التى ترتكز على الاعتدال والتسامح ونبذ العنف والكراهية، وتواصل آخر واعٍ أيضا مع ثقافات وعلوم ومعارف حديثة ومعاصرة.
٢- شهدت تلك النشأة– فى مدينة المنيا على بعد ٢٤٠ كيلومترا جنوب القاهرة– معايشة عن قرب لأبرز الجماعات الراديكالية الجهادية، التى تشكلت فى منتصف سبعينيات القرن العشرين، فى الحى الذى كان يسكنه وقتها، وكان الكثير من قياداتها زملاء دراسة، بل إن بعضهم كان من أصدقاء شبابه الأول، الأمر الذى ساعده على تفهم أفكارهم ومخططاتهم.
٣- وكما يقال "ليس من رأى كمن سمع"، كان الرجل فى طليعة المبادرين والمحذرين من مخاطر مشاريع ومخططات جماعات وفرق الإسلام السياسي، وشرع فى تسليط الضوء وكشف المستور والمخادع والمراوغ فى "خطابها" وأفكارها وممارساتها. وهنا تكمن واحدة من أبرز سمات الباحث وكتاباته، أعنى السبق والريادة. (بالطبع كانت هناك كوكبة من المفكرين والكتاب – لايتجاوز عددهم وقتها، فى نهاية السبعينيات، أصابع اليد الواحدة، أشاروا وحاولوا لفت الانتباه لتلك المخاطر).
٤- من بدايات انشغال الباحث بملف "جماعات الإرهاب" ألزم نفسه بالأخذ بمنهج بحثى فى الرصد والتحليل والاستقراء، يخضع لشروط ومحددات المنهج العلمى الرصين. ولذا سعى من البدايات لامتلاك الأدوات والوسائط التى تمكنه من التصدى لمسئوليات وشروط معركة مواجهة الإرهاب.
٥- المواجهة الشاملة المتكاملة للإرهاب.. ملمح خاص وأساسى فى رؤية عبد الرحيم علي. حيث الفكرة/ الكلمة هى بداية الفعل الإرهابي/ الرصاصة، من هنا كانت دعوته لأهمية التصدى الحاسم والمبكر للأفكار التى تنتج القنبلة والرصاصة والحزام الناسف.
٦- ونأتى لملمح أصيل ومائز فى المكون الفكرى للكاتب وفى رؤيته الشاملة لمواجهة الإرهاب، فبقدر اهتمامه بتفنيد وكشف عالم الإرهاب الأسود، بقدر ماكان مدافعا عن "مشروع العدل الاجتماعي"، ومطالبا بتوفير مناخ سياسى نظيف، تحكمه قيم الديمقراطية والتعددية الحزبية، واحترام حقوق الإنسان، وحرية الرأى والتعبير، ومحاربا للفساد، وداعيا لتمكين الشباب والفئات المهمشة، ومطالبا بالنهوض وإصلاح وتطوير منظومة التعليم والإعلام، والفنون والثقافة... باختصار تعزيز بناء "الدولة المدنية" وإعلاء قيم المواطنة، وتعزيز ثقافة ومفاهيم الحوار وقبول الآخر.. تلك الأفكار التى صدر بها برنامجه الانتخابى كمرشح لمجلس النواب– بعد ثورة ٣٠ يونيو – ودافع عنها وطالب بها فى مداخلاته تحت قبة البرلمان.


٧- ومن أهم مرتكزات العمل البحثى التى حرص الرجل على امتلاكها وتطويرها حيازة "ترسانة أسلحة نوعية متعددة الوسائط"، تمثلت في:
أ) مكتبة ضخمة، حرص على تكوينها على مدار أربعين عاما، تحوى آلاف الكتب.. وتشمل قسما للكتب التراثية المؤسسة للعلوم والمعارف الإسلامية، على تنوع مدارسها ومذاهبها فى الفقه والتفسير والفلسفة والتاريخ الإسلامي، يجاورها قسم يشمل الكتب والكتابات الحديثة والمعاصرة فى ذات المجالات. لأبرز المفكرين والعلماء المختصين بالفكر والفلسفة والتاريخ الإسلامي.
ب) أرشيف وثائقى (ورقى وإلكتروني) يضم مئات الآلاف من الوثائق والمؤلفات والحوارات والشهادات وملفات محاضر التحقيقات فى قضايا متعلقة بالتنظيمات والعمليات الإرهابية، ومكتبة سمعية وبصرية تتضمن آلاف الساعات لمواد تمثل مرجعية ورصيد زاخر وضرورى لدعم مشاريع البحث والرصد والقراءات المستقبلية فى ملفات الإسلام السياسى وجماعات العنف والإرهاب.
ج) فريق من الخبراء وشباب الباحثين فى ملف الإسلام السياسي: بدأب وجهد مؤسسى منظم، ومنذ ربع قرن أسس عبدالرحيم على مركزا بحثيا متخصصا فى دراسة الإسلام السياسى على تنوعه العقيدى والفكرى والحركي.. وعمل على تدريب وتأهيل فريق من شباب الباحثين على جمع وتصنيف وأرشفة تلك الكتب والوثائق، لتكون بمثابة "بنية تحتية" يمكن الاعتماد عليها فى خوض غمار البحث والرصد والتحليل الاستباقى والقراءات المستقبلية فى ملف الإسلام السياسى وجماعات العنف والإرهاب.
٨- اعتمد الباحث فى كتبه– والتى حوتها المجلدات السبعة– على ثوابت وتقاليد علمية منهجية، يأتى فى مقدمتها أنه يقدم للقارئ موقف أو رؤية صاحب/ أصحاب الفكرة، التى يعتزم مناقشتها أو نقدها، وذلك من خلال "نص"/ كتابات مرجعية معتمدة لتلك الجماعة، ويحرص أيضا على "ثبت" النص/ المشار اليه وفقا لتقاليد البحث العلمى الأكاديمي.
٩- ومن أبرز خصائص المنهج الذى اتبعه المؤلف فى كتب موسوعته، وبشكل خاص عند تصديه لكشف حقائق غائبة، أو مواقف أحاطها بعض الغموض أو الانكار، أو بعض القضايا "التى تعمد الجماعة فى التعامل معها لاطلاق خطابات متعددة ومتباينة قد تصل أحيانا حد التضاد (ما يطلق عليه ازدواجية الخطاب الإخواني) فى قضايا مثل الموقف من الغرب وأمريكا/ الموقف من الأقليات الدينية/ الموقف من فوائد البنوك.
ومثل: انكار جماعة الإخوان تورطها وضلوعها المباشر فى عمليات عنف وإرهاب واغتيالات، أو عند مناقشته لقضية غياب الديمقراطية الداخلية داخل التنظيم، وبطشها الشديد بأى مختلف أو ناقد لموقف أو سلوك، من داخل الصف الإخواني، أو عند استعراضه "للمسكوت عنه" فى ملفات الفساد والافساد المالى داخل الجماعة، ومصادر وسبل إدارة اقتصاديات تلك الجماعات.. أو ما قدمته وتقدمه "الجماعة الأم" من دعم مادى ومعنوى ولوجستى لجماعات الإرهاب التى خرجت من فكر ونهج الإخوان.
ونقول فى الرد على نفى أو إنكار أوصمت أو ازدواجية الخطاب الإخوانى يحرص المؤلف فى كتب موسوعته على أن يأتى بالردود الحاسمة والكاشفة، من خلال ماورد فى كتب ومذكرات وشهادات قيادات إخوانية بارزة وتاريخية، وبعضهم كان مسئولا بشكل مباشر عن إدارة تلك الملفات... ولعل نهج المؤلف فى موسوعته "وشهد شاهد من أهلها" قد يفسر بعضا من أسباب العداء والكراهية والانزعاج من شخصه وقلمه ولسانه، وبالتالى استهدافه بحملات التشويه والسباب التى تطلقها عليه المنصات والمواقع الإعلامية التابعة للجماعة أو الدائرة فى فلكها... ولعل فى ذلك أيضا ما يفسر ورود اسم عبد الرحيم علي– وعلى مدار العقود الثلاثة الماضية– فى مقدمة قوائم الاغتيالات التى تطلقها جماعات الإرهاب الأسود، والتى شملت معه أسماء قامات فكرية كبيرة، مثل فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، والشهيد فرج فودة، والأديب نجيب محفوظ، والشاعر أحمد عبد المعطى حجازي، والمؤرخ والسياسى رفعت السعيد.
١٠ –كتابة "خنادق المواجهة"... والقصد هنا أن مشروع الكتابة عند عبد الرحيم على لايتوقف عند دور الباحث والكاتب، يقول كلمته ويمضي، إنها حالة اشتباك فاعل، يتجاوز الإسهام "الفكرى المعرفي".. أو دور "الشاهد" الراصد... إنها كتابة/ ممارسة التصدى والمواجهة الميدانية العملية..كتابة/ ممارسة المواقف الواضحة... حيث لا مسافة بين الرجل وأفكاره... مواقفه... أفكاره.. يدعو لها.. ينزل بها إلى الشوارع والميادين... يهتف بها فى حشود المتظاهرين... يطوف بها ربوع وطنه.
إن كتابة عبد الرحيم لم تكن يوما كتابة مجانية.. إنها كتابة "خنادق المواجهة" والتمركز فى طليعة المدافعين عن صحيح الدين والتصدى لمحاولات "خطف الإسلام" التى تسعى لها جماعات وقوى وأفكار تستتر بشعارات ورايات زائفة.
ثم يحملها وتحمله- كتاباته وأفكاره - ليطوف بها عواصم وبلدان ساعيا ومساهما فى مد جسور التفاهم وبناء الثقة والحوار الهادف لتعزيز قيم "المشترك الإنساني" بين الشرق والغرب لتسود قيم التسامح والإخاء والمساواة. وتلك أهم خصائص كتابات عبد الرحيم و"موسوعته".