الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

أوليفييه دوزون يكتب: روح «باندونج» تهب مرة أخرى!.. الجنوب العالمى يعود من جديد دون انحيازات للقطبية الثنائية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

وراء فكرة الجنوب العالمي، هناك بالضبط قوى استبدادية تسعى إلى بسط نفوذها، لا سيما فى إفريقيا، التى من المتوقع أن يتضاعف عدد سكانها بحلول عام ٢٠٥٠ ليصل إلى حوالى مليارى شخص.
الاتحاد الروسى والمملكة الوسطى "الصين" وتركيا، وأيضا الهند وإيران: السباق على "الأفارقة" يتم خوضه بأقصى سرعة وفى غضون ذلك، تراجع واشنطن استراتيجيتها وباريس تكافح من أجل الإقناع وتسعى جاهدة لاستراتيجيتها، فى حين أن نفوذها يمر بتطور مثل هزيلة، خاصة فى فنائها الخلفي.
فى هذا السياق، يبدو أن عدم الانحياز هو رغبة "الأفارقة".. فى الواقع، "باندونج ٢" يعود بقوة كبيرة على المستويات الدبلوماسية فى ضوء القرارات التى كان على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تتبناها بشأن النزاع الأوكراني.. ألم تختر ٤٠ دولة الامتناع عن التصويت؟
لكن ما هو معنى ذلك؟ لها معنى مزودج؛ أولًا، رفضت هذه الدول الانحياز إلى المتحاربين، كما فعلوا بالفعل فى باندونج.. وثانيًا، وهذا جديد، تريد هذه الدول الآن أن تلعب دورًا فاعلًا على الساحة الدبلوماسية، رافضة الانخراط فى حرب هم غرباء عنها.
أخيرًا، تم نزع الاستقطاب مما يعنى أن ميزان القوى لم يعد يحكم العالم. وعلى العكس من ذلك، فإن الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، لا يريدون الانجرار إلى الاستقطاب الجيوسياسى وعلاوة على ذلك، انعكس هذا فى سياق الحرب فى أوكرانيا من خلال رفض فرض عقوبات على الاتحاد الروسي.
من هذا المنظور، فهم ينظرون إلى ظهور الإمبراطورية الوسطى كفرصة للمناورة من أجل زيادة استقلاليتهم فى اتخاذ القرار.
على هذا النحو، سوف نوضح هذا التنقل فى صنع القرار الذى يتطور على حساب الجغرافيا السياسية للكتل تحت منظور تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران الذى يتم تحت رعاية الوساطة الصينية؛ وتطور العلاقات بين أنقرة وموسكو.
ماذا عن الموقف الإيرانى / العربي؟
للتسجيل، كانت طهران والرياض فى صراع لعدة سنوات ومنذ عام ٢٠١٣، بهدف مواجهة نفوذ تركيا وقطر وأيضًا لمعارضة إيران.
واشتدت المواجهة بين الرياض وطهران منذ عام ٢٠١٥ فى ظل الحرب فى اليمن التى قوضت مصداقية العم سام والتزاماته الدفاعية تجاه حلفائه الخليجيين ولم ترد واشنطن على الهجوم الأول على منشآت النفط التابعة لشركة أرامكو السعودية العملاقة فى ٢٠١٩.
وهذه هى الطريقة التى تجلى بها هذا التحول النموذجى فى المملكة العربية السعودية من خلال سياسة جديدة تمامًا تهدف إلى تخفيف المواجهة الإقليمية مع تنويع الشراكات، بهدف الحفاظ على مصالح الرياض على أفضل وجه وإذا ظلت واشنطن شريكًا متميزًا للرياض، فإن التوترات السياسية لا تزال قائمة. وفى الوقت نفسه، عززت الرياض شراكتها مع روسيا، حيث ذهبت إلى حد رفض الموافقة على الطلبات الأمريكية لزيادة إنتاجها النفطى والاتفاق مع الاتحاد الروسى على التخفيض.
وفى الحقيقة، هذا النهج يهدف إلى الحد من التوترات الإقليمية وتعزيز أشكال التقارب وتصالحت الرياض مع أنقرة، التى يُنظر إليها على أنها منافس إقليمى منذ عام ٢٠١١. لكن التطور الأكثر إثارة كان تعزيز العلاقات مع الإمبراطورية الوسطى، الشريك التجارى الأول للسعودية، وموافقة الرياض على الوساطة الصينية فى الملف الإيراني.
تطور مخالف لمصالح العم سام
بقبول الرعاية الصينية لاستعادة العلاقات مع طهران، تهمش الرياض واشنطن، التى لعبت تاريخيًا دورًا سياسيًا بارزًا فى الشرق الأوسط وبالتالى فإن هذا التطور يتعارض مع مصالح العم سام لأن المصالحة بين الرياض وطهران تتم فى سياق إعادة تعريف العلاقات الدولية.
فى الواقع، تعتزم الصين إعادة بناء نظام دولى جديد من خلال الدبلوماسية الفعالة بشكل متزايد، ودور الوسيط فى القضايا الإقليمية، ومضاعفة الاتفاقات وهياكل التعاون الإقليمى والاجتماعات السياسية عبر منتديات بريكس، وآسيان، ومنظمة شنغهاي، والعلاقات مع الدول العربية والقمم الصينية الأفريقية التى تميل إلى تآكل احتكار واشنطن للقيادة.
تركيا - روسيا: طريقة مؤقتة للراحة
هاتان الدولتان تقومان بمقاربة براجماتية للطرفين وتأخذان فى الاعتبار ضرورة تقارب المصالح المتبادلة، وهذا على الرغم من التناقضات التى تقاوم.. ولا يجب أن ننسى، تبلورت العداوات بين موسكو وأنقرة فى سوريا، وفى ليبيا، دون أن ننسى أيضا فى القوقاز.
فى الوقت نفسه، أكدت أنقرة علنًا دعمها لوحدة أراضى أوكرانيا وساعدت فى تسليحها ومع ذلك، فقد رفضت دائمًا فرض عقوبات على الاتحاد الروسى ومن المفهوم أن أنقرة تعتمد على روسيا فى إمدادات الغاز ليس هذا فقط بل هناك المزيد؛ فعلى الرغم من أن تركيا دولة عضو فى الناتو، فقد اختارت الحصول على صواريخ S-٤٠٠s الروسية لنظام الدفاع الصاروخي، الأمر الذى أثار استياء واشنطن.
أخيرًا، وافقت أنقرة على الدخول فى حوار بناء مع دمشق، برعاية الاتحاد الروسي، وهذا مخالف لنصيحة واشنطن. لذلك يمكن تصور تطبيع محتمل فى المستقبل القريب للعلاقات الثنائية التركية السورية.
مجرد التفكير فى الأمر، فإن انتشار الشراكات الاستراتيجية لحلفاء واشنطن التاريخيين ورغبتهم فى بناء تقاربات تماشيًا مع تمثيلهم الخاص لمصالحهم الاستراتيجية يعملان اليوم على اتجاه أساسي: التغلب على منطق الاستقطاب الجيوسياسى الضرورى لمواجهة الهيمنة الأمريكية.
على هذا النحو، تشجع الصين بالفعل هذا التطور الذى يضع حدا لهمينة العملة الأمريكية على الصفقات والحركات التجارية العالمية. وفى هذا السياق، سنشير بكل سرور إلى أنه فى مارس ٢٠٢٣، أثارت صفقة شركة توتال TotalEnergies مع شركة النفط والغاز الصينية العملاقة CNOOC مفاجأة حقيقية نظرا لتقييم هذه الصفقة باليوان وهناك ما هو أكثر من ذلك، فإن بوينس أيرس أيضًا على وشك اتخاذ قرار بدفع ثمن وارداتها الصينية من اليوان بدلًا من الدولار.
معلومات عن الكاتب: 
أوليفييه دوزون.. مستشار قانونى للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى، من أهم مؤلفاته: «القرصنة البحرية اليوم»، و«ماذا لو كانت أوراسيا تمثل الحدود الجديدة؟» و«الهند تواجه مصيرها».. يستعرض فى مقاله العديد من التحركات التى يراها تشير إلى عودة روح باندونج لتهب على العالم من جديد.