" يشير معدل الخصوبة إلى متوسط عدد الأطفال لكل امرأة خلال فترة ما وإذا كان هذا الرقم أقل من ٢.١، فإن ٠.١ يمثل وفاة عدد من الأطفال بمرور الوقت وبشكل غير قابل للعلاج فإن عدد السكان يتناقص على المدى الطويل"
“المخاوف تكمن فى إمكانية استبدال الإنسان بالذكاء الاصطناعى وسيؤدى انخفاض الخصوبة بسرعة إلى نقص فى الأيدى العاملة مما سيتطلب استخدام جميع موارد الذكاء الاصطناعى لمواجهة هذه المشكلة”
يجب ألا نخلط ما بين معدل الخصوبة ومعدل المواليد، ذلك أن معدل المواليد هو تلك النسبة ما بين العدد السنوى للمواليد (الأحياء) ومتوسط إجمالى السكان خلال فترة معينة فى مكان معين.
ويتم تحديد معدل الخصوبة من خلال حساب النسبة بين عدد المواليد وعدد النساء: فى الواقع يشير معدل الخصوبة إلى متوسط عدد الأطفال لكل امرأة خلال فترة ما وإذا كان هذا الرقم أقل من ٢.١، فإن ٠.١ يمثل وفاة عدد من الأطفال بمرور الوقت وبشكل غير قابل للعلاج فإن عدد السكان يتناقص على المدى الطويل بصرف النظر عن التقدم الطبى الذى يمكن أن يكون له تأثير فقط على إبطاء معدل الوفيات.
وعلى ذلك فإن معدل الخصوبة هو الذى يجب أن يؤخذ فى الاعتبار لأنه هو الذى يقرر ما إذا عدد السكان فى حالة زيادة أو انخفاض. وقد أعلن صندوق الأمم المتحدة للسكان وهو وكالة الأمم المتحدة المسئولة عن قضايا الصحة الجنسية والإنجابية، أعلن فى عام ٢٠٢٣ أن معدل الخصوبة العالمى يبلغ ٢.٣ لكل امرأة مما يعبر عن أن عدد سكان العالم فى تزايد طفيف.
الأمر الثانى وهو الأكثر ديناميكية، ما يتعلق بتطور معدل الخصوبة. كان معدل الخصوبة العالمى ٥.٣ طفل لكل امرأة فى عام ١٩٦٣ (حسب تقريرالبنك الدولي) بينما كان ٣ أطفال لكل امرأة فى عام ١٩٩٣ وكان ٢.٣ طفل لكل امرأة فى عام ٢٠١٣. مما يعنى أن هذه النسبة تنخفض بانتظام مع انخفاض فى منحنى الخصوبة الذى يتراجع، كما قد يتوقع البعض.
والسؤال الآن، متى سيصل معدل الخصوبة العالمى إلى ٢.١ مما يشير إلى انخفاض مستقبلى لا رجعة فيه فى عدد سكان العالم. لا يمكن علاجه، لأن عدد سكان العالم لن يتزايد فى فترة ما إلا من خلال إطالة متوسط عمر السكان بسبب الغذاء الصحى أو الرعاية الطبية أو الظروف المعيشية لكن هذه الإطالة فى متوسط عمر السكان لها حدود يفرضها متوسط العمر المتوقع للإنسان.
ولكى نتنبأ بالسنة التى سيصل فيها معدل الخصوبة إلى ٢.١ قبل الاستمرار فى الانخفاض ليس لدينا إلا وسيلة واحدة فقط وهى إطالة منحنى معدل الخصوبة بغض النظر عما نتوقعه من العوامل التى يمكن أن تؤثر على هذا المنحني. لذلك نجد أن معدل الخصوبة العالمى فى حالة ركود مؤخرًا فى الفترة ما بين عام ٢٠١١ إلى عام ٢٠١٧ بمعدل ٢.٥، قبل أن ينخفض الي٢.٣ فى خلال ست سنوات فى عام ٢٠٢٣.
وبهذا المعدل يمكن الوصول إلى ٢.١ ما بين عامى ٢٠٣٠ و٢٠٤٠، إيذانا بفترة غير مسبوقة لسكان العالم، وهى مرحلة الشيخوخة المستمرة أى نقص فى الأطفال وفوارق كبيرة حسب المناطق. والهجرات المؤقتة، لأن هذا المعدل المتناقص فى الخصوبة سيعم تدريجيًا جميع مناطق العالم.
مما لا شك فيه أن نتائج ذلك ستكون شديدة الحساسية بالنسبة للإنسانية جمعاء إذ أن الأمر يتعلق ببقاء النوع الإنسانى خلال فترة ما بين عشرات إلى ثلاث أو أربعمائة سنة على الأكثر. قبل التعرض لآثار الانخفاض فى معدل الخصوبة سوف أعرض قضيتين فقط، القضايا البيئية والذكاء الاصطناعي.
بمجرد أن ندرك أن البشرية مهددة بخطر انخفاض معدل الخصوبة فى غضون عقد من الزمان تقريبًا سنجد أن القضية البيئية تفرض نفسها على الفور. ذلك أن الأمر لم يعد يتعلق بإعطاء الأولوية لتقليل البصمة البشرية على الأرض لأنها ستميل بطبيعة الحال إلى الانخفاض بالتوازى مع عدد السكان.
باختصار لم يعد الأمر يتعلق بالكفاح من أجل الوصول على بيئة مواتية، ولكنه الصراع من أجل استمرار الجنس البشرى على الأرض.
أما فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعى (AI) فإن المخاوف تكمن فى إمكانية استبدال الإنسان بالذكاء الاصطناعي. سيؤدى انخفاض الخصوبة بسرعة إلى نقص فى الأيدى العاملة مما سيتطلب استخدام جميع موارد الذكاء الاصطناعى لمواجهة هذه المشكلة. وعندئذ سنجد أنفسنا أمام حقيقة مرة نحن المسئولون عنها لأننا لم نتوقع الموقف بشكل كافٍ حقيقة تجعلنا مضطرين للاستثمار بشكل أكبر فى استخدامات الذكاء الاصطناعى هذان نموذجان لما يمكن أن نواجهه على المدى القصير خلال عشر سنوات. وقبل معالجة عواقب هذا التطور الديموغرافى علينا تحديد الأسباب التى ندركها جيداّ!.
معلومات عن الكاتب:
أندريه بوير.. أستاذ جامعي، مهتم بقضايا التنمية البشرية والصحة العامة، ينضم للحوار بهذا المقال الذى يحذر من خلاله من خطر يواجه البشرية فيما يتعلق.