أترك حكاية بغدودة لاعب المصارعة الهارب والمعتذر عن فعلته لاحقا، حاول أن تنسى ذلك الوهم الذي لم يحقق أثرا يذكر في ميداليات المصارعة وكل الذي حصل عليه هي ميدالية فضية حزينة، وسوف تندهش إذا قلت لك أن في نفس البطولة حصل خمسة مصارعين من محافظة الإسماعيلية على خمس ميداليات ذهبية، يتقدم هؤلاء الخمسة اللاعب محمود عادل سليل عائلة أبطال اللعبة فهو إبن الكابتن عادل كابوريا أما عمه فهو أسطورة اللعبة على مدار تاريخها الكابتن مجدي كابوريا حاصد الذهب عربيا وأفريقيا وفي دول حوض البحر المتوسط، لو هناك ضرورة للانتباه فعلينا أن ننتبه للألعاب الفردية فهي خزان الذهب لمصر في المحافل العالمية.
نترك المصارعة ولنا عودة لها مرة ثانية قريبا ونذهب لنحتفل مع أيقونة ألعاب القوى المصرية بسنت حميدة، قبل أيام نجحت بسنت في الحصول على الميدالية الذهبية لسباق 200 متر عدو في ملتقى هانجلو لألعاب القوى في هولندا.. عظمة بسنت في هذه البطولة ليست الميدالية الذهبية وحدها ولكن في نجاحها بامتياز في كسر الرقم القياسي المصري والعربي حيث سجلت في الـ200 متر زمن 22 ثانية و41 جزء من الثانية.
الاحتفال بإنجازات بسنت حميدة اعتبره نوعًا من زراعة الأمل وبث التفاؤل، بسنت التي استطاعت تغيير قواعد اللعبة بعد أن احتكرها لسنوات طوال زعيمات أفريقيا ببشرتهن السمراء اللامعة، جاءت بسنت بنت الإسكندرية لتقلب المعادلة التشريحية في بنية أبطال العدو، صحيح لعبت الجينات الوراثية معها لعبتها المفضلة حيث والداها مارسا الرياضة المحترفة لسنوات طوال في التايكوندو والجمباز ثم خرجت بسنت لتكتشف موهبتها الخارقة في العدو السريع، ولم يقتصر نجاحها على تفوقها في الرياضة كهواية ثم احتراف، ولكنها تفوقت في دراستها العملية بكلية الهندسة حتى أنه تم تعيينها معيدة بالكلية.
كان ميلادها في عام 1996 وعندما بلغت من العمر سبعة عشر عاما كانت أصغر لاعبة تنضم إلى المنتخب القومي لألعاب القوى، في عام 2022 شاركت البطلة في بطولة ألعاب البحر المتوسط بالجزائر واستطاعت أن تحصد ميدالية ذهبية في سباق 100 متر بزمن قدره 11 ثانية و10 أجزاء من الثانية كما حققت في نفس البطولة ذهبية أخرى في سباق 200 متر عدو بزمن قدره 22.47 ثانية وهو ما يعتبر رقما قياسبا في بطولة البحر المتوسط ثم تأتي قبل أيام لتكسر رقمها بنفسها في هولندا حيث حققت في نفس سباق ال 200 متر زمن 22 ثانية و41 جزء من الثانية.
لا تتعجب عزيزي القاريء ونحن نتحدث عن أجزاء من الثانية، لولا هذه الأجزاء من الثانية ما جاءت معجزة بسنت حميدة، واعتقد إن لم تخني الذاكرة أن في بطولة البحر المتوسط 2022 شاهدنا الصورة الأشهر لبطلتنا بسنت حميدة بعد أن انتهت من مشوار العدو وحققت الميدالية وكانت مازالت داخل التراك المحاط بسياج حديدي حيث اتجهت نحو المدرج الخارجي حيث يجلس زوجها ومدربها الكابتن محمد عباس الذي ما إن رآها مقبلة حتى اندفع نحوها لينقش قبلة على جبينها رغم أنف السياج الحديدي، هذه الصورة التي أراها إنسانية ومشرقة واراها أيضا احتفالا بالانتصار رآها بعض المتسلفة أرواحهم عيبا ولم يكتشفوا في بسنت سوى شورت قصير وذراع عارٍ، هؤلاء المتسلفة هم عار على جبين البشرية، وحتى لا أكون متحاملا على فصيل بعينه فإنني من باب الإنصاف أرى أن المجتمع المصري المتدين بطبعه قد باغت مؤشرات البحث على جوجل بسؤال مفاده ما هي ديانة بسنت حميدة؟ لا أريد إفساد المقال بهذه التوابع الزلزالية لأن البطلة الموهوبة بسنت حميدة نجحت بإمتياز في اجتياز زلزال أرضية أصعب وتفوقت عكس قوانين الجاذبية حتى صارت فراشة تطير نحو الذهب.
