الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

الصفوة.. الروائية هالة البدري الفائزة بجائزة الدولة التقديرية في حوارها لـ"البوابة نيوز": الأدب العربى على مستوى تنافسى مع الآداب العالمية

الترجمة خائنة للأدب والبحث عن مترجم متخصص مسألة صعبة

الروائية هالة البدري
الروائية هالة البدري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

روائية وقاصة وصحفية، تنتمى إلى جيل السبعينيات، وتدور كتاباتها حول الهم الإنسانى والعربي. سيرتها الذاتية مفعمة نذكر منها مثلا أنها كرمت فى العديد من الدول، ودُرست أعمالها فى عدد من أهم الجامعات فى العالم منها جامعة متشجن وجامعة شيكاجو والقاهرة وعين شمس. وكانت أعمالها محورا لعدد من الرسائل العلمية منها، ودراسة مقارنة بعنوان الأنا النسوية بين امرأة ما ورواية آنا مالينا للكاتبة الألمانية انجبور باخمان للباحثة أميرة سعد من قسم اللغة الألمانية بكلية الآداب جامعة عين شمس، ولديها 25 كتاب معظمها مترجم لـ11 لغة. «البوابة» التقت هالة البدري، للحديث حول فوزها بجائزة الدولة التقديرية، وأزمة الترجمة وإشكالات النقد وأشياء أخرى

■ أعمالك الأدبية تبحث عن الخلاص.. ما إشكالات الإنسان المعاصر؟

- تبدأ من انتهاء دور الفرد، فالإنسان كان قيمة فى حد ذاته، ولكن بعد اكتشاف الآلة والضياع فى المدنية أصبح «ترسًا» ضمن الآلة الكبرى فلم يعد يشعر بذاته كسابق عهده فضلا عن الاستعباد والاستعمار الذى أتى بعد تشكيل المجتمعات الحديثة والاحتقار وكلها سلبيات الرأسمالية وعوامل كثيرة انعكست على الإنسان بشىء مخيف حتى التقدم العلمى كان له انعكاس سلبى على الإنسان كالإيجابي، ومن هنا نشأت أسئلة كبرى عن المستقبل والحرية وهى أكبر أزماته فالبحث عن الخلاص لن يتوقف أبدا. 

■ ماذا تقولين عن مفهوم «الكتابة النسوية»؟

- مفهوم الكتابة النسوية رغم أنه مفهوم حداثى وله ظروف سياسية فى الغرب ارتبطت بمطالبة حقوق النساء ووضعهم الاجتماعى ومشاركتهم فى التصويت فى الانتخابات وهنا فى مصر كنا سابقين على هذا الاهتمام الغربي، ويعتبر ثورة لاهتمامه بالنساء ومفترض أنه أعلى من شأنهم وهو أشمل من فهمه السائد، فأنا غير مقتنعة بوجود فروق جوهرية بين إبداع النساء والرجال وانتظر من يمكنه إثبات ذلك الفرق الأدبي؛ فمثلا يقال إن المرأة تكتب تفاصيل أكثر وهذا ما نجده عند أبو التفاصيل «هيمنجواي» ويقال مثلا أن المرأة مهتمة بعالمها وإبراز مشاعرها والرجل كذلك فلماذا لا نقول أن هناك كتابة خاصة بالرجال؟ فالكتابة فى الجنس عند الرجل- أحيانا غير الموظفة توظيف فني- غارقة فيما تتهم به الكتابة النسوية. 

■ وماذا تقولين عن غياب ترجمة الأعمال الأدبية المصرية/ العربية إلى لغات أخرى؟

- الترجمة مسألة صعبة وليست سهلة وأكثر ما يعوق حركة الترجمة هو البحث عن مترجم متخصص وهذا يأخذ من الوقت الكثير؛ لأن سمات المترجم الأدبى لابد أن يكون واسع الثقافة بعد إتقانه اللغتين وعنده علم بالبيئة التى نشأ فيها الكاتب وعمله الأدبى وبثقافته وملابسات كتابة العمل، فهى مسألة ليست بالبسيطة كما أسلفت، كل هذه العناصر وتحدث خيانة الترجمة لأن العمل المراد ترجمته فى نهاية الأمر يخرج من ذهن مختلف وله مرجعياته الثقافية لكن لا مفر من التعامل مع هذه الخيانة لنقل الأدب للغات أخرى وأكثر الأجناس الأدبية التى تنال من خيانة الترجمة هو الشعر، وهكذا تمر كل لغات العالم بهذه الأزمة لذلك ندعو باستمرار أساتذة اللغات فى الجامعات المصرية المختلفة أن يكون لديهم تدريب وورش عمل للطلبة والخرجين الجدد لإعدادهم للترجمة فى المستقبل، وأنا أدعو الدولة بتبنى ترجمة أهم الأعمال الأدبية لكبار الأدباء فلم ولن يهتم أحد بهذا الأمر فمن يهتم بنقل ثقافتنا وكان هناك مشروع هام بتفاوض الهيئة المصرية العامة للكتاب مع دور النشر العالمية الكبرى لتقديم أعمالنا الأدبية بشكل يليق بهذا الأدب الرفيع حتى لا نقع فريسة للاحتقار كما حدث مع جيلي، فكان مشروع الجامعة الأمريكية للترجمة فى غاية للأهمية لكن بعد وفاة متبنيه الذى أنشأه بعد حصول الأديب العالمى نجيب محفوظ على الجائزة ومديره «ماركلينز» بدأ فى التراجع ففكرة مشروع الترجمة جاءت من العائد المادى لروايات نجيب محفوظ ولدعم الأدب العربى وبالفعل تعاقدوا بعقود احتقار أدبى مع عدد من الأدباء وأنا منهم لترجمة أعمالى للغة الإنجليزية.

■ هل النقد الأدبى غائب؟

- النقد الأدبى فى أزمة ليس غائبا تمام ولهذه الأزمة أسباب متعددة فلا يمكن لوم الناقد قبل أن أدرك الظروف المحيطة به مثلا أغلب النقاد أكاديميين ولهم محاضراتهم وهذا يشغل الوقت والعقل بطبيعة الحال؛ ثانيا شح الإصدارات المتخصصة فى النقد الأدبى وهذه أزمة أخرى وإن وجد الناقد إصدارا متخصص لنشر مادته غالبا ما يكون بدون مقابل مادى أو ضئيل وحياة الناقد العملية مكلفة ففكرة تغييب العائد المادى للكاتب والناقد مسألة فى غاية الخطورة فلابد من وجود توازن بين ما يقدمه الكاتب أو الناقد من أعمال وبين دخله المادى والأخطر فى التجربة المصرية هو ما يحدث فى مؤتمر أدباء الأقاليم فى تكليف عدد كبير من النقاد لنقد الأعمال الأدبية التى يفرزها أدباء الإقليم، ومنها الجيد جدا ومنها ما هو أدنى من المستوى ثم نفاجأ بأن التراكم النقدى الذى ينتج سنويا في المؤتمر هو تراكم لا يمكن أن يقال عنه هو الأفضل بين المنتجات الأدبية الأخرى المتاحة فعلينا أن نتخيل إلى أى اتجاه يذهب هذا الجهد والإنتاج النقدي، وبالفعل لا وجود لنظرية نقدية مصرية لكن جهود النقاد فى التعامل مع النظريات النقدية الغربية بوصفها قالبا كان لها أثرها الجيد فى التعامل مع فكرة النقد، وأيضا ساهم النقد الثقافى فى حل أزمات كبيرة. 

■ أين يقع الأدب المصرى والعربى على خريطة الأدب العالمي؟

- أحاول متابعة الأعمال الأدبية التى تنشر فى أماكن متفرقة فى العالم بطبيعة الحال غير ملمة بكل ما ينشر لكن اللافت للنظر هو أن هناك أعمال أدبية جديدة، بداية الأدب العربى على مستوى تنافسى مع كل هذه الآداب، ولكن الإشكالية التى تخصنا فى هذا السياق ونشترك فيها مع الدول التى لم تخرج من اللغة اللاتينية الأم التى يتفرع منها عدد كبير من اللغات فإمكانية الترجمة هنا يسيرة وسهلة، وبالتالى سهل انتشار آدابها، فى حين أن اللغة العربية مثلها مثل لغات أخرى لابد من اكتشافها وترجمتها فى البداية للغة مثل الإنجليزية أو الفرنسية، لكن على المستوى الأدبى نتنافس مع أكبر الأسماء، وذلك بدون تحيز رغم حقى فيه

■ بعد أكثر من قرن من جوائز الدولة.. هل حققت أهدافها المنشودة؟

- إذا اعتبرنا أن جوائز الدولة ذهبت لمستحقيها وعلى الجانب الآخر ضلت طريقها ليس فرضا أن نراها كارثة بقدر اهتمامنا بمعالجة الإشكالية بإعادة النظر بآليات الجوائز والترشح ونعيد النظر فى هيكلة اللجان ونضع شروط واضحة، ولابد أن تتوفر فى المحكمين، كما نعيد النظر فى قانون جوائز الدولة وعرضه على مجلس النواب، وأقترح بوضع نسبة معروفة وإجبارية لمنح الكاتبات الجائزة فيوجد تعمد للإهمال وإزاحة للكاتبات وهذا أمر سئ للغاية وتراجع لتقدم دولة بحجم مصر بتجاهل المرأة.

■ ما معايير العمل الأدبى العالمي؟ ولمن تقرأين؟

- معايير الأدب العالمى هى معايير النص الجيد فى تقديرى أن يكون دافئ وطاقة الكاتب تشع من خلاله وهذا استشعره فى الأعمال التى تنال إعجابي، فعلاقة الكاتب بأبطاله وبعالمه الكلى تصل لى أثناء القراءة، وأقرأ أى شئ وكل شئ ولو كانت ورقة مهملة، اكتسبت معرفة بالكتاب منذ الطفولة وبقيت علاقتى بهم موجودة حتى فى مراحل العمر المتباينة يضاف إلى قائمة اهتماماتى كاتب جديد لكنى لا أهمل أطلاقا كتابى الأقدم فأتابعهم وأتابع إنتاجهم الأدبى باستمرار  رغم شغفى بالجديد فأحب العمل الذى يدهشنى رغم التشبع الدرامى انتظر هذا العمل الذى يدهش وهذا أصبح من أصعب ما يكون فأنا متابعة جيدة للإنتاج الأدبى العالمى والعربى ورغم رفضى القراءة على الأجهزة اللوحية أو الكمبيوتر لكنى تصالحت مع هذا الأمر وأقرأ الأعمال فور صدورها.

■ إلى أى مدى استفادت أعمالك من الفلسفة وعلم النفس؟

- الفلسفة هى أسئلة الكون فى حد ذاته وعلم النفس يكشف التركيبات النفسية، فهى جزء من أدوات الكتاب وتأثرى بهم كبير جدا، وأتابع النظريات الحديثة وأعيد اكتشاف ما قرأته فى مراحل عمرية متباينة فأكتشف فهما جديدا لهم، ومن الممكن أن أضيف عليهم التاريخ وذلك لنمو إدراك الإنسان وتدفعه تجاربه لتوسيع دائرة الرؤية ليرى أكثر. وذلك ينسحب على الأدب أيضا.

■ عناوين أعمالك لافتة وجذابة كيف تختارين أسماء أعمالك الأدبية؟

- عناوين أعمالى تولد مع العمل نفسه فغالبا ما تكون فكرة العمل فى ذهنى باسمها  وهناك أعمال أرهقنى جدا فى اختيار عنوان لها فمثلا روايتى «نساء فى بيتي» كان اسمها الأول «هن» لكن دور النشر أقنعتنى بأنه اسم غير صالح تجاريا فمن سيشترى رواية اسمها «هن» فكتب العديد من الأسماء التى تدور فى فلك عالم الرواية ووقع الاختيار فى نهاية الأمر على آخر اسم بعد معاناة، فاسم النص مرتبط بإحساسى بالنص أكثر من أى شئ آخر ولا اهتم بأن يكون لافت للنظر بمعدلات السوق لأنى اعتبره جزء من روح وشخصية العمل قبل كل شىء.

■ ماذا تعلمت من كتابة السرد الأدبي؟

من فعل الكتابة نفسه أتعرف على نفسى والعالم، ولدى أعمال أخذت مثلا ١٤ عاما من التأصيل العلمي، وبعد الانتهاء من العمل أخرج باختلافات، وغالبا تكون أكثر مهارة، ومثلا عملى «وادى الكون» مثلا هو تاريخ الأديان القديمة والأساطير القديمة فى كل أنحاء العالم أخذ حوالى ٧ سنوات من العمل والبحث فى الأديان والأساطير فمن الطبيعى بعد كل هذا الفهم يحدث الاختلاف والتغير ليس على المستوى الأدبى والذهنى بل حياتى نفسها يطولها التغيير.