يستمر ترديدنا للأمثال الشعبية وحفاظنا عليها كإرث لا نستطيع الاستغناء عنه إذ أننا بحاجة له دوما كوسيلة نهتدى، وعليه فإن مثلنا اليوم " يوم لك ويوم عليك " يحمل معانى مهمة، فتعالى نتعرف على قصته، ولماذا قيل.
أولا عن سبب قوله:
قاله اجدادنا لتوجيه نصيحة لكل من يعيش الحياة سدى وأنها ليس لها رقيب شاهد على كل شئ وان الغلبة ليست لك وحدك فكما لك فأنت عليك، ولنتعلم بأن خلقنا لكي يكون علينا ولنا "بمعنى أننا كما لنا حقوق وعلينا واجبات "كما قالها اجدادنا.
وايضا نبهونا إلى أنه كما يوجد غالب فهناك مغلوب فالدنيا بكل ما فيها لها رقيب يشاهد ويعلم ويحاسب وهو " الله سبحانه وتعالى " فتذكر دوما انه كما لك يوم انت فيه غالب وهو لك فايضا عليك فاحذر تلك الدائرة.
عن قصة المثل
تعود إلى رواى القصة إذ يروى أنه كانت توجد فتاة جميلة الاخلاق والعشيره، وقد تزوجت من احد الرجال الاثرياء اذ انه تاجر ويمتلك متجر يبيع فيه الملابس والقماش.
ذات مرة عاد الرجل إلى بيته كعادته منهكا من العمل حامل معه دجاجتين وطلب من زوجته بأنها تعده لها كوجبه للغداء وعنها قامت الزوجة بإعداد الطعام وجهزت الدجاجة و اعدت وجبة الغداء وجلسوا الزوجين الطعام، وأثناء تناولهم للطعام سمعا طرق الباب، فطلب الزوج من الزوجة أن تفتح الباب ففتحت الباب واذ بها تجد رجل فقير الحال هزيل البنيه ورقيق الحال يطلب طعام ويردد قوله " اريد طعام مما فضل الله به عليكم فانا جائع " فما كان من الزوجة الا ان بلغت زوجها، حضر زوجها على الفور ونهر الرجل وسبه واغلق الباب فى وجهه قائلا " اذهب ايها الفقير لا يوجد طعام وسبه ".
اليوم التالي
جاء اليوم التالى استيقظ الرجل الغنى صاحب المتجر إلى عمله كعادته وإذا به يفاجئ بحريق داخل المتجر وقد حرق كل القماش والملابس الموجودة والتى تقدر بأموال كثيرة.
عاد الرجل إلى البيت وهى فى حاله من الحزن العميق واليأس ما كان من زوجته أن اندهشت لحاله، فسألته ماذا حدث يا زوجى اراك حزينا بائسا.. أجاب الزوج لقد حرق المتجر وفقدت كل بضاعتي، فنظرت إليه الزوجة نظرة حزن عميقة حانية قائلة: يا زوجى لا عليك فهذا اختبار من الله فعليك بالصبر وسوف يعوضك الله خيرا وانا اليه واليه راجعون والحمد لله رب العالمين على كل صنعة، فنظر إليها الزوج نظرة غضب وقال لها: اذهبي إلى أبيك حتى أرى ماذا أفعل وطردها.
ذهبت الزوجة إلى بيت أبيها ومرت على فراقها لزوجها خمس شهور وبعدها طلقها. مرت خمس سنوات على طلاق الزوجة حتى جاء لطلب يديها رجل آخر وكان ثرى ومعروف عنه بأخلاقه فوافقت عليها وتزوجها وفى يوم عاد إلى بيته حاملا معه ثلاث دجاجات، طلب منها ان تعد وجبة الغداء وتعد الثلاث دجاجات للغداء.
أعدت الزوجة وجبة الغداء وطبخت الدجاج وأثناء تناولهم للطعام سمعا طرق الباب فطلب الزوج من زوجته أن تفتح الباب وفتحته واذا بها ترى رجل هزيل البنية رقيق الحال فقير فنظر إليه لتسأله عما يريد فقال اريد طعاما ما أعطاك الله فأنا جائع.
نظرت إليه الزوجة ثم عادت لزوجها وكادت الدموع أن تسقط من عينها فسألها زوجها عن السبب فقالت: اتعرف ما السبب قال لها ماذا حدث يا زوجتى ، أجابت ورددت قولها سبحان الله.. اتعرف من الرجل الطارق على بابنا قال لها من اجابت ؟
أنه زوجى الاول يطلب طعام، فقام الزوج وذهب اليه وقدم إليه دجاجتين وقال له أتريد شئ أخر، عاد الزوج إلى زوجته وهو فى حال اصعب بكثير من زوجته، مرددا قوله سبحان الله.. هذه الدنيا يوم لك ويوم عليك فاندهشت الزوجة لكلماته فقالت له ماذا عن تلك الكلمات، فقال لها زوجتى انا زوجك الثانى اما زوجك الأول فهو الطارق ويا عجب الدنيا صحيح، يوم لك ويوم عليك فالدنيا لها رقيب.
وبذلك ضرب هذا المثل للدلالة على أن الدنيا لها رقيب بصير وهو الله سبحانه وتعالى “ في الدنيا لم تخلق لبنى آدم سدى فيوم لك ويوم عليك”.