كشف الدكتور صلاح جعفر المُتحدث الرسمي، باسم تجمع الصيادلة المهنيين في السودان؛ عن كواليس الأزمة الطبية والدوائية الحادة التي تُعاني منها البلاد؛ بعد 7 أسابيع من الصراع المسلح الغاشم المندلع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وأكد في حديثه لـ "البوابة نيوز" تردي الوضع الصحي والطبي في السودان جراء الحرب؛ لافتًا إلى أن القطاع الطبي في الخرطوم بات الأكثر تضررًا منذ الأزمة الأخيرة، وهو ما يُنزر بكارثة إنسانية ويُهدد حياة آلاف المدنيين الذين لا يزالون "محشورين" في الـ 3 مدن بولاية الخرطوم.
ويقول "جعفر" إن أكبر الكوارث والأزمات التي تواصل زلزلة ما تبقى على قيد العمل من القطاع الطبي بالخرطوم هي احتلال الدعم السريع للمراكز الصحية والمستشفيات في مناطق عديدة وتحويلها لثكنات عسكرية؛ ورغم النداءات الإنسانية لا يزال "الدعم" يرفض عودة المستشفيات للخدمة مرة أخرى؛ رغم حوجة آلاف المرضى والمدنيين الماسة للعلاج وخاصة مرضى السرطانات وغسيل الكلى والولادات والأمراض المزمنة.
نهب الصيدليات في الخرطوم وتهشيم محتوياتها يُزيد من "الطين بلة"
ويُضيف، أن ما يُزيد من سوء أوضاع القطاع الصحي في السودان؛ الاستهداف المُتعمد من قبل الدعم للمنشئات الصحية والصيدليات العاملة في المناطق؛ فقد تم نهب عدد كبير من الصيدليات وتهشيم محتوياتها بالكامل والاعتداء على العاملين بها والاستيلاء على الأدوية؛ وهي كارثة جديدة تضاف لكوارث القطاع الصحي في زمن الحرب؛ بعد قطع الامدادات الدوائية إثر احتلال "الدعم" لمركز الصندوق القومي للامدادات الطبي الحكومي؛ والسيطرة على المستلزمات الطبية المنقذة للحياة.
اقرأ أيضًا:
الدكتور صلاح جعفر المُتحدث الرسمي، باسم تجمع الصيادلة المهنيين في السودان
ويُكمل الطبيب قائلًا: إن الأزمات السابق ذكرها تُعيق تقديم الحد الأدنى من الخدمات الطبية والصحية لكل السودانيين بما فيهم مُصابي الحرب؛ ولكن ما يُزيد من تعثر وتأزم المنظومة الصحية والطبية في السودان؛ اصطياد الدعم السريع لكل الامدادات الطبية المُرسلة من الولايات الأخرى للخرطوم ونهبها والاستيلاء عليها، ما يُزيد من تفاقم وتأزيم الوضع الصحي والطبي في الخرطوم؛ خاصة في ظل الانتشار المكثف للارتكازات الأمنية التابعة للدعم ما يعيق وصول أي أنواع الامدادات الطبية كما يُحد من حركة وصول المرضى للمستشفيات العاملة "إن أتيح تحركهم".
وردًا على تساؤل "البوابة نيوز" بشأن كيفية توفر الأدوية للمرضى في ظل اختفاؤها من الصيدليات وتعثر وصول الامدادات الدوائية من خارج الخرطوم؟، أجاب المُتحدث باسم تجمع الصيادلة المهنيين في السودان قائلًا: بأن السبب الرئيسي في ندرة الدوائية تعمد الدعم السريع استهداف الامداد الدوائي واحتلال الصندوق القومي للامدادات الطبية، وهي أكبر مُسببات الندرة الدوائية وخاصة لأصناف أدوية الطوارئ ومرضى غسيل الكلى والسرطانات ومرضى السكري؛ ولكن يتم التعامل مع هذه الأزمة من خلال فقط مُحاولة الاستفادة من الأدوية المُخزنة في بعض الصيدليات المتفرقة في عدد من المناطق الجغرافية عبر التواصل مع الصيادلة الموجودين في هذه المناطق، ومحاولة تقديم الحد الأدنى والأساسي للخدمات الدوائية في المراكز الطبية غير المُحتلة من الدعم، والتحاول جاهدة الاستمرار في تقديم الحد الأدنى من الدعم الطبي المتعدد لأصحاب الأمراض المزمنة.
الدعم السريع يُزيد من خطة الأوجاع الإنسانية بالسيطرة على المنشئات الطبية
ويسرد "جعفر" حديثه عن مأساة القطاع الطبي والدوائي في زمن الحرب، قائلًا: إن سيطرة الدعم السريع على المراكز الصحية "الخاصة والعامة"، وقطع الامدادات الطبية والدوائية، ونهب الصيدليات والاعتداء على الطواقم الطبية المُختلفة، يُؤكد خطة "الدعم" على زيادة تكلفة الأوجاع الإنسانية على الأصعدة المختلفة، ووضح ذلك بشدة بسبب تعمد استهداف المنشئات الصحية ومراكز الامدادات الطبية، رغم علمهم بأن ولاية الخرطوم هي مستقر ومستودع لـ 95% من الإمداد الدوائي والطبي لكل ولايات السودان، مؤكدًا أن الدعم السريع ينتهج "سياسة العصابات" من انتهاكات متعمدة لـ "حرمة المرضى والمنشئات الصحية والطبية"، وليست فلتات كما يُشاع ولكن خطة مُتعمدة حسب ما رصده تجمع الصيادلة المهنيين في السودان في المدن الـ 3 لولايات الخرطوم "أم درمان وبحري والخرطوم".
السودان.. أزمات بعضها فوق بعض| الصليب الأحمر لـ«البوابة»: الصحة تعمل في ظروف مُستحيلة
وأوضح، أن الدعم يستخدم المدنيين في ولايات الخرطوم كدروع بشرية وورقة ضغط للحصول على مكاسب تفاوضية في خضم احتلال المراكز والمستشفيات الصحية والهجوم على الصيدليات ونهبها؛ ومع وصول الحد الأدنى من الامدادات الدوائي والطبية للمستشفيات، وهو ما تسبب في فجوة كبيرة وعجز شديد لأدوية مرضى الضغط والسرطان والسكر وغسيل الكلى والمحاليل الوريدية وأدوية الإسعافات الأولية المنقذة للحياة.
وعن استمرار مسلسل انتهاكات المنظومة الصحية، يؤكد "جعفر" رصد تجمع الصيادلة المهنيين في السودان؛ العديد من الانتهاكات الجسيمة ضد القطاع الصحي والطبي في السودان وخاصة في الخرطوم فأكثر من 80% من المرافق الصحية في العاصمة تم مُهاجمتها واحتلالها واستخدامها كثكنات عسكرية ونقاط ارتكاز وتم إخلائها بصورة مُهينة بعد الاعتداء على كوادرها الطبية؛ ما ترتب عليه حرمان آلاف المواطنين في مناطق السيطرة من تلقي العلاج والخدمات الصحية؛ إلى جانب نهب الصيدليات والاعتداء على العاملين بها وتهشيم محتوايتها ما ترتب عليه إغلاق هذه الصيدليات؛ يأتي ذلك بالإضافة إلى تخريب مُتعمد للمنطقة الصناعية للأوية بمنطقة بحري والتي تنتج الأدوية المحلية في السودان.
أمنية الناس في السودان الحصول على الخدمة الطبية وليس الشفاء
وحول أبرز التحديات التي تواجه الكادر الطبي والصيدلي في زمن الحرب في السودان؛ أكد المُتحدث باسم تجمع الصيادلة المهنيين، أن "توفير مراكز علاجية" لتقديم الخدمات وتلبة احتياجات المواطنين باتت أصعب الأزمات والتحديات التي تواجه الأطقم الطبية، وباتت أغلب المناطق غير آمنة بعد تحويل الأحياء السكانية لثكنات عسكرية يسيطر عليها الدعم السريع، وتحويلها لنطاق ارتكاز واستخدام المدنيين كدروع بشرية؛ ما حد من حركة الكادر الطبي وتأزم تقديم الخدمة للمواطنين، وباتت أمنية الناس الحصول على الخدمة الطبية وليس الشفاء.
اقرأ أيضًا:
وفي ختام حديثه مع "البوابة" دق الصيدلي السوداني جرس الانذار حول وشوك البلاد على أزمة دوائية حادة وتعثر القطاع الطبي بشكل كامل؛ حال نفاذ الأدوية بشكل نهائي ما يُهدد حياة آلاف المرضى؛ خاصة وأن الكادر الطبي يعتمد بشكل أساسي في الوقت الحالي على الأدوية التي لا تزال في "أرفف" الصيدليات أو مخازن الشركات في ظل انعدام الامدادات الخارجية منذ اندلاع الحرب وتوقف التصنيع المحلي واستمرار نهب ما تبقى في الصيدليات ومُستودعات شركات الأدوية.