تحت عنوان "تطوير التعليم في ظل مقترحات الحوار الوطني" نظم أمس حزب مصر الحديثة برئاسة الدكتور وليد دعبس ندوة لمناقشة قضايا التعليم بإعتباره أحد أهم الملفات الإستراتيجية التي توليها الدولة المصرية اهتمامًا كبيرا.
وقال الكاتب الصحفي رفعت فياض خلال الندوة أن مصادر بناء الشخصية تبدأ من الأسرة، ثم المدرسة، ثم وسائل الإعلام والجامع والكنيسة.
وأضاف خلال الندوة أن غياب دور المدرسة وإنشغال المدرسين بالدروس الخصوصية وبالتالي غاب دورهم أيضا أثر بالسلب علي المجتمع كله، فضعفت التنشئة الصحيحة والتوجيه والتثقيف ومن ثم التعليم.
وأكد فياض- الخبير في شؤون التعليم- أن التعليم والصحة هما أساس بناء أي دولة، وأن أي خلل في أي منهما يؤثر سلبا على عملية البناء والتنمية بالكامل.
وقال إنه لولا المدارس الحكومية والتعليم المجاني، لما استطاع هو وجيله أن يكملوا تعليمهم، مشيرا إلى أن الطلاب المتميزين كانوا يفخرون بالذهاب إلى المدارس الحكومية.
كما أن الوضع تغير حاليا، حيث يتسابق الأوائل والطلاب المتميزين على الذهاب إلى الدروس الخصوصية والمدارس الخاصة، التي تقوم بترويج نفسها على أساس عدد الطلاب الذين دخلوا كليات الطب والهندسة. وطالب فياض بإعادة النظر في منظومة التعليم الخاص في مصر، والارتقاء بجودة التعليم الحكومي، لضمان بناء جيل قادر على خدمة الوطن والتنافس عالميا.
وأكد الكاتب الصحفي رفعت فياض، أن التعليم الخاص سبق التعليم الحكومي في كثير من المجالات، سواء بالنسبة للتعليم العام أو معظم الجامعات، وأن ذلك حدث بعد 1967، عندما توقفت الدولة عن بناء مدارس جديدة، وتركت المجال للقطاع الخاص كبديل.
وقال إن الدولة تواجه خيارات صعبة في تطوير التعليم، خاصة بعد أن أصبحت الدروس الخصوصية والمدارس الخاصة سوقا رائجة، وبات إنفاق الأسر المصرية على التعليم يتجاوز ميزانية وزارة التربية والتعليم بواقع 136 مليار جنية.
وقال فياض خلال الندوه، أن ذلك نتج عنه تراجع كبير في مستوى التعليم الحكومي بعد عام 1967، عندما انخفضت قدرة الدولة على الإنفاق على التعليم، وتوقفت عن بناء مدارس جديدة، وزادت كثافة الطلاب في نفس المدرسة.
وأشار فياض إلى أن الدولة قامت بإطلاق مشروع لتوظيف 150 ألف معلم على مدى خمس سنوات، بضوابط مختلفة عن المعتاد، لسد العجز في المدارس الحكومية. وطالب فياض بإنشاء مجلس أعلى للتعليم والتدريب على المستوى القومي، يضم مختلف المهتمين بالشأن التعليمي، لوضع استراتيجية شاملة لتطوير التعليم في مصر، والارتقاء بجودة التعليم الحكومي والخاص على حد سواء.
وقال الكاتب الصحفي رفعت فياض: على القطاع الخاص أن يحمل جزء من الضغط على التعليم الحكومي” مشيرا إلى أن عدد الجامعات الخاصة يكاد يكون مساويا لعدد الجامعات الحكومية، ولكن عدد الطلاب فيها لا يزيد عن عشرة في المئة مما تقبله الجامعات الحكومية.
وقال فياض، إن هذه النسبة تأتي بسبب وجود ضوابط من قبل مجلس الأعلى للجامعات الخاصة، وأيضا بسبب ارتفاع رسوم التعليم في هذه الجامعات.
وقال فياض، إن تكلفة التعليم الحكومي للطالب لا تقل عن عشرة آلاف جنيه في السنة، وأنه من المستحيل أن تطالب الدولة أولياء الأمور بدفع هذه التكلفة، خصوصا في المناطق الريفية والفقيرة. وطالب فياض بإيجاد حلول عملية وإبداعية لتحسين جودة التعليم في مصر، والتخفيف من آثار التروث التربوي، والتغلب على التحديات المادية والبشرية.
وتابع فياض " إن نموذج ألمانيا في تمويل التعليم يستحق الدراسة والتطبيق في مصر، مشيرا إلى أن ألمانيا تقدم التعليم مجانا لجميع طلابها، رغم كونها من أكبر الدول الاقتصادية في العالم.
وقال فياض، إن تكلفة التعليم في ألمانيا يتحملها ثلاثة جهات: الدولة على المستوى القومي من خلال عائد الضرائب، والشركات والمصانع والهيئات المختلفة من خلال ناتج أرباحها، والولايات المحلية من خلال الضرائب التي تحصلها من أبناء الولاية.
وأضاف فياض، أن هذه الجهات تشارك في تحديد احتياجات سوق العمل من نوعية التخصصات والخريجين، وأنها تقدم للطالب منحة دراسية يجب أن يستحقها بالتفوق والنجاح. وقال فياض، إن هذه الطريقة تساهم في الارتقاء بجودة التعليم وإعداد جيل قادر على التنافس عالميا. وطالب فياض بإتخاذ قرار جاد وشامل للنهوض بالتعليم في مصر، مستفيدا من تجارب دول أخرى نجحت في هذا المجال، مثل دول جنوب شرق آسيا، التي كانت متخلفة عن مصر قبل عشرات السنين.
وتابع فياض، إن التعليم الجامعي يعاني من تشوه في التمثيل بين القسمين العلمي والأدبي، مشيرا إلى أن غالبية طلاب الثانوية العامة يتجهون إلى القسم الأدبي، لتجنب صعوبة القسم العلمي وارتفاع تكلفة التعليم الخاص به. وقال فياض في تصريحات له، إن هذا التوزيع يؤدي إلى نقص في عدد الطلاب المتقدمين لكليات ومعاهد الهندسة والطب والصيدلة، سواء في الجامعات الحكومية أو الخاصة أو الأهلية، وزيادة في عدد الطلاب المتقدمين لكليات التجارة والحقوق والآداب.
وأضاف فياض، أن هذا التشوه ينعكس سلبا على احتياجات سوق العمل من نوعية التخصصات والخريجين، وأنه يجب إصلاح هذه المشكلة من جذورها، بتحسين جودة التعليم قبل الجامعي، وتشجيع الطالب على اختيار التخصص المناسب له. وطالب فياض بإتخاذ قرار جاد وشامل للنهوض بالتعليم في مصر، مستفيدا من تجارب دول أخرى نجحت في هذا المجال.
وأشار " إن المجلس القومي للتعليم والتدريب هو مجلس أعلى يجمع بين الحكومة والقطاع الخاص والخبراء، لوضع استراتيجية شاملة لإصلاح العملية التعليمية. وقال إن هذا المجلس يهدف إلى تحقيق التنسيق بين مختلف مجالس التعليم الموجودة، وتحديد احتياجات سوق العمل من نوعية التخصصات والخريجين، ورصد تنفيذ الخطط والبرامج والمشروعات. وأضاف فياض، أن هذا المجلس يضم ممثلين عن الحكومة، من بينهم رئيس الوزراء وثلاثة عشر وزيرا، وممثلين عن مجالس التعليم المختلفة، من بينهم مجلس التعليم قبل الجامعي والأزهر والجامعات الحكومية والخاصة والأهلية والدولية، وخبراء من خارج هذه المؤسسات، يقدمون رؤى واقتراحات مستندة إلى خبراتهم.
وقال فياض، إن هذه الخطوة ضرورية لإصلاح الكثير من المشكلات التي تواجه التعليم في مصر، مثل نقص المدارس والمعلمين، وانتشار الدروس الخصوصية، وانحراف الطالب عن المدرسة، وانخفاض جودة التدريس والامتحانات.
وأكد إن التعليم الفني هو أساس بناء الدولة ويجب تطويره وتشجيعه، مشيرا إلى أنه يوفر فرص عمل لخريجي المدارس الفنية ويساهم في تنمية الصناعة والاقتصاد.
وقال فياض في تصريحات له، إن التعليم الفني يعاني من انخفاض نسبة المتقدمين له، بسبب نظرة المجتمع المتدنية له، ويجب تغيير هذه النظرة وإظهار أهمية التعليم الفني.
وأضاف فياض، أنه يجب إنشاء جامعات تكنولوجية توفر فرصة لخريجي المدارس الفنية لإكمال تعليمهم الجامعي في نفس تخصصاتهم، وأن يكون هناك تنسيق بين مختلف مجالس التعليم لتحديد احتياجات سوق العمل من نوعية التخصصات والخريجين. وقال فياض، إنه يستلهم من تجربة ألمانيا التي قامت على اكتاف خريجي التعليم الفني بعد الحرب العالمية الثانية، وأنه زار هذه الدولة مرتين للاطلاع على نظامها التعليمي.
وإختتم فياض مؤكدا إن نظام التدريب المزدوج هو نظام يربط بين المدرسة والورشة، وينمي مهارات الطلاب الفنيين، مشيرا إلى أنه يوفر فرص عمل للطلاب وتدريب عملي لهم.
يذكر أن حزب مصر الحديثة برئاسة الدكتور وليد دعبس وتحت رعية اللواء أحمد فهمي الأمين العام للحزب قد عقد ندوة للكاتب الصحفي الكبير رفعت فياض الخبير في شؤون التعليم تحت عنوان " تطوير التعليم في ظل مقترحات الحوار الوطني " وذلك مساء أمس الاثنين، بمقر الحزب بالقاهرة،، ،شارك في الندوة عدد من قيادات وأعضاء الحزب، وخبراء وأكاديميين في مجال التعليم.