"المبادرات أفكار هدفها التغلب على التحديات الصعبة "، هكذا استهل الرئيس عبد الفتاح السيسى كلمته في المؤتمر الطبي الإفريقي الثاني، الذي لخص مجهودات مصر في كل ما قامت به للنهوض بالقطاع الصحي المصري، ثم صدرت تلك السياسات الناجحة إلى القارة الإفريقية.
ولا شك أن التحديات الطبية والصحية في مصر وفى القارة الإفريقية تحديات جمّة، ولنا أن نتخيل أنه على الرغم من وجود 15 % من سكان العالم في إفريقيا، فلا تشارك القارة في تصدير الأدوية إلا بنسبة 0.2 % وهذا يعنى أن القارة الأم تعتمد بشكل كامل على استيراد الدواء من الخارج وهي واحدة من أكبر التحديات، فضلا عن التوزيع الديموغرافى والزيادة السكانية وانتشار بعض من الأوبئة والأمراض في ربوع القارة نتيجة الجهل والفقر والمرض دون حتى وجود الإحصائيات والدراسات التي توفر المعلومات العلمية اللازمة.
يأتي في المقام الثاني، غياب منظومة جيدة للبحث العلمي في القارة الإفريقية وذلك نتيجة استعمار القارة سياسيا واقتصاديا من الغرب في القرون السابقة والذي شل الحكومات الإفريقية عن قدرتها عن التفكير والابتكار والإبداع الصحي والعلمي وإقامة بحث علمي حقيقي كي تكون تابعة دائما لاستيراد الدواء، فالبحث العلمي هو الفنار الهادي لكل مصنعي الدواء، فصناعة الدواء باتت إلزاما لا رفاهية بعد إن تعرضت كثير من الأصناف الدوائية للاختفاء من الأسوا، ولا سيما تلك الأدوية التي لا غني عنها، مثل دواء الغدة الدرقية والأنسولين فصناعة الدواء تحتاج إلى كثير من العوامل المهمة منها حجم الإنفاق الحكومي في هذا المجال، رأس مال بشرى، كفاءات وكوادر بشرية جيدة، تدبير المواد الخام وما أكثر تلك المواد الخام التي يُصنع منها الدواء في القارة الإفريقية، تحتاج إلى مصانع قريبة من تلك المواد الخام لتوفر النقل والهدر، تحتاج إلى بحث علمي والذي يتطلب التمويل والدراسات العلمية الجيدة، لا يمكن أن يقوم بحث علمي جيد يساعد في صناعة الدواء بدون إتباع احدث الطرق العلمية للبحث، وتمتلك القارة الإفريقية ما يؤهلها لتخرج منها أكبر الدارسات البحثية أكثر من أوروبا، فالقارة الإفريقية لديها عدد سكان كبير، وأمراض كثيرة ومختلفة ومتنوعة، كما يزداد بها زواج الأقارب والقبائل مما يشكل ذلك مقومات كثيرة وبيئة غنية لإقامة أبحاث علمية ذات نتائج قوية عن الإمراض الوراثية والغير وراثية.
أتمنى من جلسات الحوار الوطني استهداف ذلك الملف باستفاضة أكثر، وإفراز مخرجات من ِشأنها تحرير القارة الإفريقية ومصر من استيراد الدواء وأن تكون مصر هي الرائدة في إقامة مصانع دوائية بالقرب من المواد الخام في إفريقيا وتشكيل فرق بحثية مصرية تجوب ربوع القارة من أجل رصد الأمراض والمواد الخام ومسح الأمراض وإقامة مشاريع دوائية متكاملة مثل مدينة الدواء المصرية، فرق تتكون من وزارة الصحة وأكاديمية البحث العلمي ومركز البحوث الزراعية وصناعة الدواء حتى تتربع إفريقيا يوما ما على عرش صناعة وتصدير الدواء.
آراء حرة
صحتنا في إفريقيا
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق