دعا الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش" إلى مواجهة التحديات العالمية التي تعيق تحقيق مستقبل منصف للجميع، من خلال إصلاح النظام المالي الدولي، وحل مشكلة تغير المناخ، وتوفير الوصول الشامل إلى التقنيات الرقمية، وبناء عالم أكثر عدلا على أساس مبدأ تعددية الأطراف.
وذكر مركز إعلام الأمم المتحدة، أن الأمين العام أطلق ثلاثة موجزات سياسية تمحورت حول: الهيكل المالي الدولي، وإطار عمل لتجاوز مقياس الناتج المحلي الإجمالي، والاتفاق الرقمي العالمي، تقدم هذه الموجزات السياسية أفكارا حول كيفية تنشيط النظام متعدد الأطراف؛ وتسريع الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ والحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية قريبا قدر الإمكان من حد 1.5 درجة مئوية المنصوص عليه في اتفاق باريس للمناخ.
وقال الأمين العام إن الموجزات الثلاثة تتطرق إلى بعض أخطر التحديات التي نواجهها- والتي تحدد ما إذا كنا قادرين على تحقيق رؤية عام 2030 وأهداف التنمية المستدامة، أو ما إذا كنا سنستمر في مستقبل مشوب بالانهيار الاجتماعي والمالي والسياسي والبيئي. وتهدف الموجزات السياسية الثلاثة إلى إثراء المناقشات أثناء التحضير لقمة أهداف التنمية المستدامة المقرر عقدها في سبتمبر المقبل، وقمة المستقبل المقرر عقدها العام المقبل. وتعد القمتان مناسبتين مهمتين لاتخاذ قرارات تضع العالم على المسار الصحيح نحو مستقبل أكثر عدلا وشمولا واستدامة للجميع.
أولا، الهيكل المالي الدولي، إذ يشير مصطلح الهيكل المالي الدولي إلى الترتيبات الإدارية التي تصون استقرار النظم النقدية والمالية العالمية وأداءها ووظائفها. ويقترح موجز السياسة بشأن إصلاحات الهيكل المالي الدولي طرقا لتصحيح الأخطاء التاريخية، من خلال نظام مالي فعال يدعم التنمية المستدامة.
وقال الأمين العام إن الهيكل المالي الدولي- الذي وضع عام 1945 عقب الحرب العالمية الثانية- يمر بامتحان عسير جدا يختبر قدرته على التحمل، "لكنه فشل إلى حد كبير ولم يف بولايته الأساسية بوصفه شبكة أمان مالي". ولم يوفر الهيكلُ التمويلَ الكافي اللازم لدعم الانتعاش في البلدان النامية، التي يمر العديد منها الآن بأزمة مالية عميقة. وقال الأمين العام إن 52 دولة نامية تعاني من ضائقة ديون أو توشك أن تقع فيها.
وعلى المدى القصير، يؤكد الأمين العام أن المجتمع الدولي بحاجة إلى اتخاذ خطوات عاجلة بموجب الترتيبات الحالية لتخفيف العبء عن الاقتصادات النامية والصاعدة. ويعرض موجز السياسة هذا مقترحات طموحة وملموسة في ستة مجالات لمعالجة المظالم التاريخية والتحيز المنهجي. هذه المجالات هي: الحوكمة الاقتصادية العالمية؛ تخفيف الديون وتكلفة الدين السيادي؛ التمويل الدولي العام؛ شبكة الأمان المالي العالمية؛ معالجة نهج التركيز على المشاريع قصيرة الأمد في أسواق رأس المال والتمويل المستدام؛ والهيكل الضريبي العالمي.
ويقترح الموجز تعزيز صوت وتمثيل البلدان النامية في مجالس إدارة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ويقترح إصلاحات لحصص صندوق النقد الدولي، وإجراء تغييرات على حقوق التصويت في الصندوق وقواعد اتخاذ القرار.
بشكل عام، تهدف المقترحات الواردة في الموجز إلى الابتعاد عن النظام الذي يفيد الأغنياء ويعطي الأولوية للمكاسب قصيرة الأجل، للاتجاه نحو نظام عادل يستثمر مقدما في أهـداف التنمية المستدامة، والعمل المناخي، والأجيال القادمة.
ثانيا، إطار عمل لتجاوز الناتج المحلي الإجمالي، ينظر موجز السياسة الخاص بوضع إطار عمل يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي في قياس الأشياء التي تهم الناس ومجتمعاتهم حقا. أولا، تجديد الالتزام السياسي بإنشاء إطار مفاهيمي يمكنه أن يحدد بدقة قيمة الأشياء الني تحظى بأهمية بالنسبة للناس والكوكب والمستقبل. ثانيا، إعداد عملية تقنية وعلمية متينة، تسترشد ببيانات صحيحة ومصنفة، تفضي إلى وضع لوحة متابعة للأمم المتحدة بشأن القيمة تتضمن عددا محدودا من المؤشرات الرئيسية التي تتجاوز الناتج المحلي الإجمالي. وثالثا، وضع مبادرة كبرى لبناء القدرات وتوفير الموارد لتمكين الدول الأعضاء من استخدام الإطار الجديد بفعالية.
أما الموجز الثالث، اتفاق رقمي عالمي، ويحدد موجز السياسة الخاص بالاتفاق الرقمي العالمي طرقا للنهوض بمستقبل رقمي مفتوح وحر وآمن ومتمحور حول الناس ومنصف، في وقت يتزايد فيه القلق بشأن تأثير التكنولوجيا على حياتنا.
وقال الأمين العام إن الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق والهندسة الحيوية مجرد ثلاثة مجالات للتقدم التكنولوجي تختبر قدراتنا في الحوكمة الرقمية، مشيرا إلى أن هذا التسارع يجعل التعاون في مجال التكنولوجيا أكثر أهمية مؤكدا على الحاجة الملحة لتضافر جهود الحكومات لعقد اتفاق رقمي عالمي بهدف التخفيف من مخاطر التقنيات الرقمية، وتحديد طرق لتسخير فوائدها لصالح البشرية.
وقال إن الموجز السياساتي يلبي هذه الحاجة بثلاث طرق: أولا، يقترح رؤية للتعاون الرقمي تضع الإنسانية في الصميم، مع عدم ترك أي شخص خلف الركب. ثانيا، يقدم موجز السياسة مقترحات حول كيفية تحقيق ذلك.ثالثا، الحاجة إلى متابعة مستدامة للحوكمة الرقمية.