في الخامس من يونيه عام 1967، شنت قوات الاحتلال الصهيوني، حربها الثالثة علي مصر ومعها فلسطين وسوريا، وهزمت فيها الدول العربية هزيمة ناكرة، وتم احتلال سيناء و الضفة الغربية والقدس والجولان.
وتظل ذكري النكسة هي الأسوء في تاريخ مصر الحديث، والذي تم محوه في اكتوبر 1973، بعد ست سنوات من الاستعداد وحرب الاستنزاف التي كبدت العدو خسائر فادحة ولتعود الاراضي المصرية كاملة.
استمرت صدمة "النكسة " سويعات قليلة لتبدا انتفاضة الارادة المصرية، ويرفض الشعب تنحي الرئيس "جمال عبد الناصر" بعد بيانه الشهير بتحمله كامل المسؤولية عن ماحدث في الست ايام، وتكبدنا خسائر من كافة الاتجاهات.
وأعلن الرئيس جمال عبد الناصر، يوم 9 يونيه في خطابه الشهير والذي تحمل الهزيمة كاملة وقرر التنحي عن رئاسة الجمهورية، ليخرج ملايين المصريين رافضين قرار التنحي، وطبقا لشهادة الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل في كتابه "كلام في السياسة" ، "ما حدث فى 10 يونيو مليء بالمفاجآت المدهشة للدنيا كلها، خرجت كُتل من الناس فور انتهاء جمال عبد الناصر من إلقاء خطاب التنحى تطالبه بأن يبقى مكانه وأن يواصل عمله، وخرجت الجماهير في كل بلد عربي تصر على مواصلة القتال وتحت قيادة عبد الناصر، رافعة شعار "سنقاتل".
أسباب الحرب
كانت هناك عدة أسباب معلنة، منها مطالبة مصر بسحب قوات الأمم المتحدة من سيناء، وبدا الحشد الجيش في سيناء، في منتصف مايو 1967، وإغلاقها يوم 22 مايو "مضيق تيران" بالبحر الأحمر في وجه الملاحة الإسرائيلية، وهو ما اعتبرته إسرائيل بمثابة إعلان رسمي للحرب عليها.
ما دعا إسرائيل الي التخطيط لشن الحرب علي الدول العربية، وإيهام مصر أن هناك عدوان علي سوريا فقط، بعد أبلغ وفد سوفياتي مصر ، بوجود 11 لواء علي الحدود السورية.
خاصة وأن جمال عبد الناصر يساند الدول العربية في المنطقة، ضد المستعمرات الاسرائيلية علي الجبهة السورية والجبهة الأردنية، ونشاط ناصر يتحويل مياه نهر الأردن في كل من سوريا ولبنان، في مؤتمر القمة العربية عام 1964، وقرار تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1965.
سنقاتل
في الأول من يوليو 1967، كانت اولي الضربات الموجعة للعدو الصهيوني، بعد اقل من ثلاثة اسابيع فقط من هزيمه نكراء، لكن كالعادة نفض المصريون الحزن سريعا، في الساعات الأولى من الصباح بدأت معركة «رأس العش»، حين تقدمت قوة مدرعة إسرائيلية على امتداد الضفة الشرقية لقناة السويس، من القنطرة شرق في اتجاه الشمال، بغرض الوصول إلى ضاحية بور فؤاد المواجهة لمدينة بورسعيد على الجانب الآخر للقناة، كان الهدف احتلال بور فؤاد، وكانت المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم تحتلها إسرائيل، وتهديد بورسعيد ووضعها تحت رحمة الاحتلال الإسرائيلي .
وعندما وصلت القوات الإسرائيلية إلى منطقة «رأس العش» جنوب بورفؤاد، وجدت قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة المصرية عددها ثلاثين مقاتلًا مزودين بالأسلحة الخفيفة. في حين كانت القوة الإسرائيلية تتكون من عشر دبابات مدعمة بقوة مشاة ميكانيكية في عربات نصف مجنزرة، وفوجئت القوة الإسرائيلية بصمود ومقاومة القوات المصرية التي أنزلت بها خسائر كبيرة في المعدات والأفراد وأجبرتها على التراجع جنوبًا، ثم عاود جيش الاحتلال الهجوم مرة أخرى، إلا أنه فشل في اقتحام الموقع بالمواجهة أو الالتفاف من الجنب، وكانت النتيجة تدمير بعض العربات نصف المجنزرة وزيادة خسائر الأفراد، وأضطرت القوة الإسرائيلية للانسحاب. بعد الهزيمة ولم تحاول إسرائيل بعد ذلك محاولة احتلال بورفؤاد مرة أخرى.
إيلات
في اكتوبر 1967، تلقت إسرائيل الصدمة الثانية، تدمير المدمرة ايلات والتي كانت تمثل نصف قوة المدمرات لديهم، مع متابعة تحركات المدمرة الإسرائيلية إيلات بالقرب من المياه الإقليمية لمصر في المنطقة شمال بورسعيد،استمرت المدمرة الاسرائيلية ايلات في العربدة داخل المياة الإقليمية المصرية ليلة 21 أكتوبر 1967 في تحد واضح للقوات المصرية وبغطرسة شديدة، مما تطلب من البحرية المصرية ضبطا بالغاً للنفس إلى أن صدرت توجيهات إلى قيادة القوات البحرية بتدمير المدمرة ايلات، وعلى الفور جهز قائد القاعدة البحرية في بور سعيد لنشين من صواريخ (كومر) السوفيتية، والجدير بالذكر أن لنش الصواريخ (كومر) السوفييتي مجهز بصاروخين سطح – سطح، من طراز (ستايكس) الذي تزن رأسه المدمرة واحد طن، وكانت إجراءات الاستطلاع والتجهيز بالصواريخ قد تمت في القاعدة البحرية قبل الخروج لتدمير الهدف، وبمجرد أن صدرت أوامر قائد القوات البحرية بتدميرالمدمرة عند دخولها المياه الإقليمية ، خرج لنشان صاروخيان من قاعدة بورسعيد لتنفيذ المهمة. هجم اللنش الأول بإطلاق صاروخ أصاب جانب المدمرة إصابة مباشرة فأخذت تميل عل جانبها ، فلاحقها بالصاروخ الثاني فتم إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات» على مسافة تبعد 11 ميلاً بحرياً شمال شرق بورسعيد بعد الخامسة مساء يوم 21 أكتوبر1967 وعليها طاقمها الذي يتكون من نحو مائه فرد إضافة إلى دفعة من طلبة الكلية البحرية كانت على ظهرها في رحلة تدريبية.
تدمير “داكار”
في التاسع من يناير عام 1968، اقيمت الاحتفالات في ميناء “بورت سميث” بمناسبة بدء إبحار الغواصتين الجديدتين «داكار» و«دولفين» من انجلترا لدعم قوات إسرائيل البحرية، وبعد بضع ساعات، تلقت الغواصة «داكار» أوامر جديدة بالاتجاه إلى الشواطئ البحرية، وتحديدا إلى ميناء الإسكندرية، للتجسس علي أحواض لنشات الصواريخ المصرية بمقر قيادة القوات البحرية المصرية، ومهاجمة قطع بحرية كان مقررا أن يستقلها الرئيس جمال عبد الناصر صباح يوم 25 يناير لمشاهدة مناورة لوحدات البحرية المصرية، وعلى الفور جنحت الغواصة الإسرائيلية إلى الشواطئ المصرية واقتربت جداً من ميناء الإسكندرية، وفي يوم 23 يناير 1968 أرسل قائدها رسالة من كلمة واحدة إلى قادته في «تل أبيب»، تقول «تمام».
ليتم تحديد مكان الغواصة بدقة، ومحاصرتها دائريا، وصدر أمر الي المدمرات بإلقاء قذائف الأعماق داخل نطاق الهدف، وبدأت المدمرات بإلقاء القذائف واحدة تلو الأخري وبأعداد كبيرة، وهبطت «الغواصة داكار» إلى أقصى عمق ممكن لتفادي الصدمة الإنفجارية، لكن هذه الإجراءات لم تفلح كمحاولة للهروب من العبوات الانفجارية المصرية، وتوقفت قطع البحرية المصرية عن القاء حممها بالمياه بعدما تأكدت ردارات الرصد السمعية بأنه لم يعد هناك أصوات أو إشارات لاسلكية تصدر من الغواصة والتي بدأت بالانزلاق إلى أعماق بعيدة تتكفل وحدها بسحق الغواصة ومن فيها، وبعد عدة ساعات شوهدت بقع زيتية ومخلفات تطفو علي سطح المياه مما قطع الشك باليقين أن الغواصة قد قضي عليها، وتحولت إلى مقبرة حديدية تضم 78 ضابطا وبحارا إسرائيليا.
وفي مساء 25 يناير 1968 أي بعد 48 ساعة كاملة من اختفاء «داكار»، وقف وزير الحرب الإسرائيلي أمام الكنيست ليقول : «بكل الحزن والأسف أبلغ الشعب الإسرائيلي بفقدان الغواصة داكار!!وكان طلب المساعدة في البحث عن الغواصة داكار أحد المطالب الأساسية التي تقدمت بها إسرائيل إلى الرئيس المصري الراحل أنور السادات، خلال مرحلة التفاوض التي أدت في ما بعد إلى توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 بين السادات ومناحيم بيجين رئيس الوزراء الاسرائيلى الأسبق. وبالفعل سمحت القيادة المصرية لإسرائيل بالبحث ست مرات على الأقل عن حطام الغواصة المفقودة شاركت في إحداها وحدات تابعة لقوات البحرية الأمريكية «المارينيزۛ»..دون جدوى.
بعد انتصار إسرائيل في الحرب، اضطر ما بين 300 و400 ألف عربي بالضفة الغربية وقطاع غزة والمدن الواقعة على طول قناة السويس (بورسعيد والإسماعيلية والسويس) على الهجرة من ديارهم، وخلقت مشكلة لاجئين فلسطينيين جديدة تضاف إلى مشكلة اللاجئين الذين أجبروا على ترك منازلهم عام 1948. كما أجبرت قرابة مائة ألف من أهالي الجولان على النزوح من ديارهم إلى داخل سوريا
وبعد أن وضعت الحرب أوزارها كانت إسرائيل تحتل المناطق التالية الأرض المحتلة 1967
نهب آبار النفط لسد احتياجاتها المحلية
الاستفادة من المطارات والقواعد الجوية التي كانت موجودة آنذاك
وضع أجهزة إنذار على الجبال والمرتفعات
إقامة خط دفاعي على الضفة الشرقية لقناة السويس عرف باسم خط بارليف
هذه الأمور مجتمعة أفادتها عسكريا وإستراتيجيا فحسنت من قدرتها على المناورة بقواتها، وأصبح بمقدورها مهاجمة مصر في العمق فطالت طائراتها الكثير من المنشآت العسكرية والمدنية والاقتصادية (مطارات، مصانع، مدارس،.. إلخ) إلى أن تمكن الجيش المصري من الحد من هذه الهجمات وذلك بعد تمكنه من بناء حائط صواريخ على القناة بمساعدة الاتحاد.
احتلال وتهويد والحال نفسه تكرر على الجبهة الأردنية، فقد احتلت (إسرائيل) الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقلصت حدودها مع الأردن من 650 كلم إلى 480 كلم (من بينها 83.5 كلم طول البحر الميت).
استولت إسرائيل على 1158 كلم 2 من إجمالي مساحة هضبة الجولان البالغة 1860 كلم 2. وحقق استلاؤها على تلك الهضبة مزيدا من المكاسب الإستراتيجية التي كانت تحلم وسهلي الحولة وطبريا