قالت عنه الكاتبة والأديبة الدكتورة نعمات أحمد فؤاد إنه فتح عينيه يوم مولده على بيت ناغم فكان صاحب البيت جميل للصوت عذب للغناء بيته لا يخلو من عازف أو مغني من أصدقائه هواة الموسيقى هذه الأنغام كانت تغدو مسراها الى مهد هذا الغلام الوليد الجديد زمنذ صغره كان طروبا وكأن الطبيعة تعرف أن الطرب بعض وسائله شاعرا إنه الشاعر الكبير الذي حفر اسمه بحروف من ذهب بين كبار الشعراء في العصر الحديث هذا هو الشاعر أحمد رامي .
الشاعر أحمد رامي عمل مدرسا وفي حصصه أثناء شرحه للتلاميذ يخرج عن موضوع الدرس ليلقى على تلاميذه أناشيده الشعرية بعد أن يلحنها لهم فكان سر البساطة التي كان يكب به شعره هو انه لا ينظم الشعر إلا إذا سمع موسيقى أو غناء وإذا نظم لا يكتب شعره بل يغنيه ترنيما .
كتب الشاعر احمد رامي لام كلثوم ما يقرب من 200 اغنية وكانت علاقته قوية بكوكب الشرق ام كلثوم توطدت كثيرا فتقول الكاتبة نعمات أحمد فؤاد في كتابها " أحمد رامي شاعر واغنية " ذات مرة سافرت أم كلثوم إلى رأس البر، فأكد البعد حبه وأشعل خياله وانتظرها أربعين يوما حتى اُعلن عن حفل لها فهرع إلى الحفل مسرعا فما أن رأته حتى غنت للمرة الثانية قصيدة " الصب تفضحه عيونه" تحييه .
بدأ حب رامي لأم كلثوم وبدأت أغانيه لها وللغناء المصري الجديد في الوقت نفسه فحين تمرض أم كلثوم نراه ينشد قائلا : " يا للي جفاك المنام / عليل أليف السهاد / النوم علي حرام / وانت طريح الوساد .
وحين تسافر يكتب : أيها الفلك على وشك الرحيل / إن لي في ركبك الساري خليل / وفرقت عيناي لما / قال لي حان الوداع / وبكى قلبي مما ذاع في الكون وشاع.
ويشتاق رامي لها فيرسل لها عرض البحار قائلا : اذكريني كلما الفجر بدا / ناشرا في الأفق أعلام الضياء / يبعث الأطيار من أوكارها فتحييه ببريد الغناء / قد سهرت الليل وحدي / بين آلامي وسهدي / وانجلى الصبح وهلا/ وأنطوى الليل وولى.
وتصله وتدعوه فيقول : رق الحبيب وواعدني يوم / وكان له مدة غايب عني / حرمت عيني الليل من النوم / لاجل النهار ما يطنني / صعب علي أنام / أحسن أشوف في المنام غير اللي بيتمناه قلبي
وذكرت أيضا الكاتبة نعمات فؤاد أن أم كلثوم فتحت عينها على حب شاعر ومعان جديدة لم يكن لها بها سابق عهد فكانت ذكية لم يغب عنها ما في هذه المعاني ولا ما وراءها فلم تتردد في هجر أغانيها الأولى التي كانت تحمل طبع العصر المغرم بالستائر والشاطر وتلقفت الأغاني الرقيقة وراحت تترنم بها في كل حفل فتعلق الجماهير بالمغنية والشاعر معا.
ومن يقرأ شعر أحمد رامي يلمح فيه أن أبرز المعاني واكثرها ورودا معنى الملهمة الموحية منه بمثابة النموذج من الرسام فكتب قصيدة ألأى سومة قال فيها :
صوتك هاج الشجو في مسمعي / وأرسل المكنون في أدمعي
سمعته فأنساب في خاطري / للشعر عين ثرة المنبع
سلوى من الدنيا تعزي بها / قلب شديد الخفق في أضلعي
كأنما لفظك في شدوه / منحدر من دمعي الطيَع
حسبي من الشعر ومن نظمه / صوتك يسري في مدى مسمعي.