عُرفت نظرية التطور التي توصل إليها العالم تشارلز داروين عام 1859، والتي سُميت بعد ذلك باسم «نظرية داروين» نسبة إلى مؤسسها، بأنها تغير في الصفات الوراثية المتوارثة بين الكائنات الحية مع الوقت، مما يؤدي إلى إنتاج أنواع متعددة، أَو إِحداث تغيرات في النوع الواحد للكائنات الحية، وأن القرد هو السلف للبشر، مع غياب الحلقة التي تثبت هذا التطور.

وتعرضت تلك النظرية ومؤسسها لنقد الكثير من العلماء؛ لما بها من مغالطات منذ بداية نشرها وتم نعته بالملحد؛ لأنه خالف ما جاء في الديانات عن كيفية نشوء الإنسان وخلقه من طين، لما أقرته جميع الديانات السماوية من أن أبونا آدم، ثم تخلق حواء من ضلع صدره لتكون سكنا له، ولكن بعد مرور الزمن تقبل العلماء نظريته، سواء بقبولها والتسليم لها أو بمحاولة إيجاد تفسيرات أخرى، فأبدت العديد من الدراسات دعما للجزء الذي يقول بأن الكائنات الحية تتشارك العديد من الصفات، وأن العوامل البيئية والزمنية كانت السبب خلف التنوع بين المخلوقات وعيش الأقوى بينها.
اكتشاف «حوت» عاش على اليابسة
اكتشف فريق بحثي بقيادة علماء مصريين نوعًا جديدًا لجنس من أسلاف الحيتان البرمائية، التي جابت المياه المصرية قبل نحو 43 مليون سنة.
ووثق الفريق المصري اكتشافه الجديد في ورقة بحثية، التي نشرت في دورية "وقائع الجمعية الملكية للعلوم البيولوجية" المرموقة.

- إنجاز لعلماء الحفريات العرب
وتمثل الدراسة الجديدة إنجازًا غير مسبوق لعلماء الحفريات العرب، إذ تعتبر هذه المرة الأولى التي يقود فيها فريق عربي مصري توثيق جنس ونوع جديد من الحيتان، بعدما ظل هذا العلم حكرا على العلماء الأجانب لفترة طويلة من الزمن، رغم ثراء التراث الطبيعي المصري بحفرياته المهمة.

- حوت «فيومسيتس» البرمائي
وأطلق العلماء على الحوت المصري الجديد اسم "فيومسيتس" (Phiomicetu) نسبة لواحة الفيوم (المكان الذي استخرجت منه حفرياته)، بينما تمت تسمية النوع باسم إله فرعوني قديم "أنوبيس" لإضفاء الطابع المصري القديم على هذا الاسم العلمي، ليصبح الاسم كاملا (فيومسيتس أنوبيس).
ووفقا للدراسة الجديدة، فقد عاش فيومسيتس عندما كانت مساحة شاسعة من الأراضي المصرية مغطاة ببحر هو البحر المتوسط القديم، حيث عاشت كائنات بحرية من بينها أسلاف الحيتان التي تعيش اليوم.

- حجم الحوت المصري المكتشف
وقال الباحثون إن الحوت المصري المكتشف، يبلغ طوله نحو 3 أمتار، ويزن نحو 600 كيلوغرام، وكان برمائي المعيشة، حيث كان قادرا على المشي على اليابسة والسباحة في البحر، كما أنه تميز بقدرات شم وسمع قوية، مثل تلك التي تمتلكها الثدييات التي تعيش على اليابسة.
*حيوانات أجبرها البشر على تغيير طبيعتها للتكيف
تطور الكائنات الحية هو عملية تغير عبر الأجيال للتكيف مع بيئتها التي وجدت فيها والمحيطة بها، وهو أمر طبيعي جداً نظراً للتغييرات التي يجريها البشر في البيئة كتلوث الأرض والمحيطات والصيد، أي أننا كبشر لا نغير الطبيعة فحسب بل إننا نغير الحيوانات أيضاً.
- ونرصد لكم عبر «البوابة لايت» بعض الحيوانات التي أُجبرت على التطور بسبب تدخل البشر أو لطبيعة البيئة المحيطة، وذلك خلال السطور التالية:
1. أفيال بلا أنياب
تشير التقديرات إلى أن أكثر من 100 فيل أفريقي يتعرض للقتل على يد الصيادين يومياً للحصول على أنيابه العاجية التي تستخدم كعلاجات طبية خرافية، أو لاستخدامها كقطع زينة!
أدى الصيد الجائر للفيلة إلى انتقاء طبيعي داخل هذه القطعان، فبعد الحرب الأهلية في الموزمبيق بدأت الفيلة تتطور لتصبح بلا أنياب بعد اصطياد أكثر من 90٪ من فيلة البلاد للحصول على أنيابها الثمينة، وعندها بدأت الفيلة تولد بطفرة نادرة، حيث ولدت بعض الفيلة بدون أنياب لتتجنب ذلك المصير.

اكتشفت الباحثة (جوزفين سميث) أن هذه الطفرة النادرة انتقلت إلى فيلة الجيل التالي، حيث ولد 32٪ من إناث الفيلة بدون أنياب، أي حوالي 2 إلى 4٪ من إناث الفيلة في أفريقيا ولدت بهذه الطفرة النادرة.
2. فئران هجينة
إن كانت لديك مشاكل مع القوارض فإن أفضل حل هو وضع الوارفارين السام، وهو سم عديم الطعم والرائحة يتم استخدامه منذ الخمسينيات من القرن الماضي وهكذا لن يشعر الفأر بأن الطعام مسموم.

غير أنه حديثًا، اكتشف العلماء فأرًا هجينًا طور مقاومة لهذا السم، حيث استعانت مخبزة ألمانية باختصاصي إبادة الفئران الذي استخدم نسخة قوية جدا من سم الوارفرين لكن دون جدوى، حيث بدا أن هذا الفأر يملك مناعة ضد هذا السم، وهو ما أثبتته الأبحاث لاحقًا، والتي اكتشفت في نفس الوقت بأن هذا الفأر الهجين كان نتاج تزاوج بين فأر جزائري كان يملك مناعة ضد السم، وفأر ألماني، وعلى عكس الفئران الهجينة كان لهذا النوع الجديد القدرة على التكاثر، حيث انتقلت خاصية المناعة ضد السموم إلى خلفه.
3. سمك القد الأطلنطي
الأسماك الكبيرة هي الأسماك الأفضل، لذلك وبسبب الصيد الجائر للأسماك الكبيرة أصبح من الصعب العثور عليها، حيث بدأت هذه الأسماك بالتطور لتصبح أصغر حجماً كأسماك القد الأطلنطي.

في عام 1992، تم منع صيد أسماك القد وذلك كمحاولة لحماية هذا النوع، ولكن للأسف كان الضرر قد وقع بالفعل، فقد لوحظ أن حجم هذه الأسماك قد تقلص بنسبة 20%، وذلك بسبب توجه الصيادين لاصطياد الأسماك الكبيرة فقط وترك أسماك القد الصغيرة للتكاثر، كما أُجبرت أسماك القد على التزاوج بسن أصغر، حيث كانت تبدأ بالتزاوج في السنة السادسة من حياتها غير أنها فيما بعد بدأت بالتكاثر في السنة الخامسة.
4. البومة السمراء
يتسبب التغير المناخي في ارتفاع مستويات سطح البحر والاحتباس الحراري العالمي، حتى أنه يؤثر على ألوان البوم!

يتغير لون البوم باستمرار ليتكيف مع الظروف المناخية المتغيرة في البيئة التي يعيش بها، فمثلاً هناك نوعان رئيسيان من البوم الأسمر في فنلندا: البوم ذو الريش البني واليوم ذو الريش الرمادي، يوفر الريش الرمادي للبوم تمويهاً جيداً في الطقس الجليدي لغابات فنلندا.
في السابق، كان البوم الرمادي يمثل الأغلبية الساحقة للبوم الأسمر في فنلندا، أما اليوم فقد صار البوم البني يمثل أكثر من 70% من طيور البوم الأسمر في ذات البلد، وذلك بسب ارتفاع درجات الحرارة، حيث انخفضت نسبة الثلوج بشكل كبير بسبب التغير المناخي وصار هو الأقدر على التخفي في الغطاء الغابي البني.
أي أن البشر هم المسؤولون عن هذا التطور القسري لهذه الطيور، وهذا يثبت لنا أن التغير المناخي لا يؤثر على البشر فقط بل يؤثر على الحياة الطبيعية أيضاً.
5. ثعبان البحر ذو رأس السلحفاة
البومة السمراء ليست الوحيدة التي تغير لونها لتتكيف مع التغير المناخي، حيث طال هذا الأمر ثعبان البحر ذو رأس السلحفاة أيضًا.

يعيش هذا النوع من الثعابين في البحار وهو يملك علامات بيضاء مميزة على طول جسمه، وقد لاحظ العلماء في السنوات الأخيرة أن التي تعيش منها في المحيط الهادئ قد بدأت تختفي منها هذه العلامات لتصبح هذه الثعابين سوداء اللون تماماً.
درس العلماء سبب هذا التغير وفاجأتهم النتائج، حيث وجدوا أن أجسام الثعابين التي تعيش بالقرب من مدن المحيط الهادئ تحتوي على مستويات أعلى من الزرنيخ والزنك لأنها تتعرض لها من المصانع المجاورة التي تلقي بسمومها في البحر، لذلك توصلوا إلى أن هذه الثعابين كانت مجبرة على هذا النوع من التطور من خلال اتباع ظاهرة تعرف باسم ”الميلانين الاصطناعي“، حيث تقوم هذه الثعابين بتخزين السموم في جلدها لكي تتعامل مع زيادة مستويات العناصر السامة في بيئتها، لحسن الحظ أنها تقوم بتغيير جلدها كل فترة معينة وتتخلص معه من كل تلك السموم.
6. دببة كودياك
تُسمى دببة كودياك أحياناً بالدببة البنية في ألاسكا، وهي أكبر مجموعة فرعية من أنواع الدب البني. بغض النظر عن الدب القطبي، تعتبر هذه الدببة من أكبر الدببة على هذا الكوكب، حيث يتجاوز وزنها الـ680 كيلوغراماً مقارنة بباقي أنواع الدببة البنية التي يصل وزنها إلى 360 كيلوغراماً.

لاحظ عالم الأحياء البرية الأمريكي (دوغلاس تشاوديك) في عام 1990 أن حجم دببة كودياك ينخفض عاماً بعد عام، ويعود السبب في اضطرابات النمو هذه إلى أن هذه الدببة تعيش في عدد قليل من الجزر النائية في ألاسكا، ولذلك كان البشر وحتى الصيادون يدفعون 20 ألف دولار مقابل مجرد دلّهم على أماكن تواجدها بغية صيدها (أي حوالي 39 ألف دولار بعد التضخم)، حيث كانوا يصطادون الدببة الضخمة منها تاركين الدببة الأصغر حجماً لتتكاثر وتنقل جيناتها الصغيرة إلى الجيل التالي.
7. الكلاب
ربما تكون الكلاب هي أشهر مثال على الحيوانات التي تطورت بسبب التدخل البشري، فهي أفضل صديق للإنسان وهي من أوائل الثدييات التي روضها الإنسان من الذئاب الرمادية التي كان يصل طولها إلى 1.8 متر وتزن حوالي 60 كلغ، الأمر الذي أدى إلى ظهور أنواع كبيرة من سلالات الكلاب.

منذ مئات السنين، كانت معظم هذه الأصناف هي كلاب البودل التي كانت تسير جنباً إلى جنب مع مدربيها في القرن الثامن عشر كدليل على المكانة، أما كلاب البولدوغ فكانت تساعد الجزارين في رعي ماشيتهم من الأبقار ومنه اسمها ”كلب الثور“.


أما في هذه الأيام، فقد انخفض اعتماد البشر على الكلاب في مجالات العمل المختلفة، مما يعني أنها بدأت تتطور باتجاه مختلف، فظهرت كلاب البولدوغ الفرنسية ذات الأنوف المدببة، والكلاب الصغيرة ككلاب الشيواوا والبوميرانيان، وكان لهذه التطورات آثار صحية وخيمة على الكلاب، فمثلاً تعاني كلاب البولدوغ من مشاكل تنفسية، أما الكلاب الصغيرة فتعاني من اكتظاظ في الأسنان ومرض نقص سكر الدم.
8. سحلية أنولي
على عكس الكلاب، لا تستغرق جميع الحيوانات مئات السنين لتتطور وتتأقلم مع الظروف التي يصنعها البشر. تتكاثر الأنواع الصغيرة مثل السحالي والحشرات بمعدل سريع وهذا يعني أن المواد الجينية تنتقل بشكل أسرع في بعض الأنواع أكثر من غيرها، فمثلاً تستطيع سحلية (أنولي)، التي تعيش في بورتوريكو، التكاثر بقدر مئات الأجيال من التكيف في غضون 30 إلى 40 عاماً وهذا بالضبط ما فعلته، حيث تطورت من أجل التكيف مع عالم أصبحت فيه الخرسانة والزجاج أكثر من لحاء الشجر، حيث طورت سحلية (أنولي) التي تعيش في المدينة أرجلًا أطول وقوة التصاق أكبر، جعلتها أكثر سرعة ورشاقة في التنقل على الأسطح الخرسانية والزجاجية للمدينة من غيرها التي تعيش في الغابة.

9. طيور المدينة
تعاني الطيور التي تعيش في المنتزهات والمساحات الخضراء في المدن من ضجيج حركة المرور، حيث تحاول جاهدة التفوق على الضجيج لإيصال نداءات التزاوج.

وجدت دراسة أُجريت في منتزه (روك كريك) في واشنطن العاصمة أن الطيور هناك قد غيرت من الطريقة التي تغرد بها وصارت أصواتها صاخبة للغاية مقارنة مع نفس أنواع الطيور التي تعيش في الريف أو الغابة، وقد تطورت الأولى بهذا الشكل من أجل التعامل مع ضجيج المدينة الذي يعيق تواصلها الفعال فيما بينها خاصة فيما يتعلق بنداءات التكاثر.
تكذيب نظرية التطور في العصر الحديث
كان العالم الفرنسي جون بابتيست شيفالييه دو لامارك (1744-1829) أول عالم تاريخ طبيعي يكتب بشكل مطول عن أن "توارث خصائص مكتسبة" على المدى الطويل قد يؤدي إلى تغير في الأنواع. وترتكز نظريته التطورية على مبدأ أن التغير الجسدي الذي يحدث في الكائنات - كتطور أحد الأعضاء أو الأطراف مثلا من خلال الاستخدام المتزايد لها، من الممكن أن ينتقل إلى الذرية.
على سبيل المثال، كان «لامارك» يعتقد أن عنق الزرافة ازداد طولا من خلال قيام كل جيل بمد عنقه إلى أعلى لكي يصل إلى أوراق الأشجار المرتفعة، ما أحدث تغييرا في شكل الجسم توارثته الأجيال. لكن نقاد النظرية "اللاماركية" سرعان ما أشاروا إلى أنه لو كان ذلك الافتراض صحيحا، لولد أبناء رافعي الأثقال بعضلات ضخمة، أو لولد أبناء رعاة البقر بأرجل مقوسة مثلما يحدث لآبائهم بعد قضاء جل سني عمرهم في امتطاء الخيل. ولكن رغم خطأ النظرية، فقد وجهت أفكار العلماء إلى مسألة التطور.
«الإفتاء» تنتقد نظرية الارتقاء لـ «دارون»
- أمين دار الفتوى: الأديان لا تقبل فكرة مضادة لأصل نشأ الخلق
قال الشيخ أحمد ممدوح، أمين دار الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن نظرية التطور بها مستويات البعض منها مقبول والآخر مرفوض قطعا، لأن الأديان لا تقبل فكرة مضادة لأصل نشأ الخلق الموجودة في جميع الأديان السماوية.
وأضاف أمين دار الفتوى، خلال «البث المباشر» لدار الإفتاء عبر فيسبوك، في إجابته عن سؤال: ما رأى الدين فى نظرية التطور؟، أن أى شيء يأتي بنظريات تتصادم مع ظاهر النصوص الشرعية نرفضه ونرده، منوها بأن الإعجاز في النصوص الشرعية هو أن عدم الإتيان بمعلومات تصادم مع معلومة مقطوع بها فى العلوم، أي النصوص القطعية لا تتصادم مع بعضها، فالسقف المعرفي للبشر لا يصطدم أبدا مع النصوص الشرعية.
- «الإفتاء»: العلم يشهد بوجود الله
وفي مقال نشرته دار الإفتاء على موقعها الرسمي بعنوان "العلم يشهد بوجود الله"، جاء فيه: "لقد قبل الماديون فكرة تطور الكائنات لدارون، واعتبروها نظرية علمية تفسر كثيرًا من الغموض الذي يحيط بالكون، ولا يوجد لنظرية داروين أي واقع محسوس تعتمد عليه لتعذر وضع ما مضى من الكائنات تحت المجهر، وإنما هي مجرد شواهد غير مباشرة واستدلالات وقرائن منطقية".
واستكملت، لقد آمن العالم كله بالإليكترون كحقيقة علمية في الوقت الذي لم يتمكن أحد فيه من رؤيته بالعين المجردة ولا بالآلات التي عرفها العصر، فإذا كان العلم التجريبي نفسه وهو منصب على العالم المادي المحسوس يؤسس النظريات على الآثار والقرائن، فلم لا يعتمد العقل على الآثار والقرائن في التسليم بوجود الله تعالى، وهو خارج عن هذا العالم المحسوس.
واختتمت، إذا كان العلم التجريبي نفسه يُخضع كل ظاهرة للتفسير، فلم يقف عند الظاهرة الكبرى، وهي العالم، ويرجعها لمبدأ الصدفة العقيم.