لم أكن أتصور أن سر مومياء الملكة حتشبسوت يوجد داخل الصندوق الخشبى المحفوظ بالمتحف المصرى والمكتشف منذ عام ١٨٨١م بخبيئة الدير البحرى، ولم يصل أحد من قبل إلى هذا السر.
أما قصة الكشف عن سر الصندوق فقد حدث أن كنت أعمل ليلا بالمتحف المصرى وقررت القيام بفحص المومياوات الأربعة الخاصة بالملكات غير المعروفات، بالإضافة إلى مومياء الملك تحتمس الأول أبو الملكة حتشبسوت، ومومياء الملك تحتمس الثانى زوجها، وكذلك مومياء الملك تحتمس الثالث والتى كانت الملكة هى الوصية عليه، كما كانت عمته بوصفها أخت أبيه تحتمس الثانى وأيضا حماته بوصفها أم زوجته الأميرة نفرورع.
وبينما أنا جالس بجوار ماكينة الأشعة طلبت من مساعدى هشام الليثى أن يحضر الصندوق الخشبى الموجود بالمتحف لكى نجرى عليه كشف الأشعة وذلك للتأكد مما يحتويه بداخله وهل هو فعلا كبد الملكة حتشبسوت أم لا؟.. خاصة لأن هناك من كانوا قد قاموا بفحص الصندوق بأشعة X-Ray، وأكدوا على وجود الكبد.
وقام الدكتور هانى عبد الرحمن بوضع الصندوق على جهز الأشعة وما هى إلا دقائق معدودة إلا ووجدنا أنفسنا أمام مفاجأتين لم نتوقعهما، الأولى أن الصندوق يوجد به أيضا أمعاء، الملكة بالإضافة إلى وجود ضرس صغير داخل الصندوق. أما الكبد فقد ظهر منكمش داخل الصندوق والأمعاء عبارة عن تكوين رفيع على شكل شريط منفرج.. وبعد أن قام الدكتور هانى عبد الرحمن بتكبير السن التى عثر عليها داخل الصندوق أتضح لنا أنها ضرس فاقد لأحد جذوره، ويصل طوله الكلى إلى نحو ١.٨سم وعرض التاج يصل إلى ١١سم، فى حين أن طول الجذر يصل الى ١سم.
لقد برقت عيناى برؤية صورة الأشعة التى تصور الضرس لأنه لابد وأن يكون خاص بالملكة، وقد سقط أثناء تحنيط مومياءها وقام المحنطون بوضعه داخل الصندوق. وقد عرفنا من خلال فحص المومياء أن أسنانها كانت فى حالة سيئة جدا ولذلك أصبح من السهل سقوط أسنان الملكة أثناء علمية التحنيط.
ولم نستطع أن نصبر حتى الصباح بل قام الدكتور هانى بالرجوع إلى الأشعة المقطعية لكل المومياوات الخاصة بالسيدات الأربعة فوجدنا أن المومباء التى كانت موجودة داخل المقبرة رقم (٦٠) بوادى الملوك والتى قمت بنقلها من المقبرة إلى المتحف المصرى يوجد جزء مفقود فى أعلى الفك.
وفى اليوم الثانى قام أشرف سليم أستاذ الأشعة والذى يقوم لنا بكل القراءات الخاصة بالمومياوات بإحضار أستاذ من طب الأسنان جامعة القاهرة وهو د جلال البحيرى الذى استطاع أن يؤكد بأن الضرس الذى عثر عليه بالصندوق الخشبى ينطبق تماما على الفك العلوى للمومياء، خاصة بعد التأكد من وجود أحد جذور هذا الضرس فى موضعه بالفك، هذه النتائج حصلنا عليها بعد أن قمنا بعمل مسح شامل للأسنان. فى هذه اللحظة تأكدنا أن المومياء الموجودة أمامنا والتى تظهر سيدة تضع يدها اليسرى فوق صدرها على الطريقة الملكية هى خاصة بالملكة حتشبسوت أعظم ملكات مصر والتى حكمت خلال العصر الذهبى من أكثر من ثلاثة آلاف عام.
وعرفنا من خلال وضع المومياء تحت جهاز الأشعة المقطعية أن الملكة حتشبسوت قد توفيت وهى تبلغ من العمر ٥٥ سنة وكانت بدينة وتعانى من مرض السكرى وماتت بالسرطان أى أن الملك تحتمس الثالث لم يقتلها كما أشار بعض العلماء.
ومن الطريف أن الفنانة الهام شاهين كانت تطلب منى دائما أن اكتب لها قصة الملكة حتشبسوت لأنها تتمنى أن تمثل دورها فى السينما وعندما أعلنت أن الملكة كانت بدينة لم تطلبنى الفنانة إلهام بعد ذلك.