على مدار آلاف السنوات اشتهرت مصر بكونها أرض الذهب، وتقلد القدماء المصريون والفراعنة الحلى للزينة والتباهى، حتى إنها كانت تدفن معهم فى القبور الفرعونية، وتم التعامل بها كعملات على مدار العصور الأخرى وكانت دليلأ على قوة العصر وسلطة صاحب القبر وطبقته الاجتماعية.
وخلال السنوات الماضية، اتجهت الدولة إلى الاستثمار فى الذهب مع زيادة مناطق التنقيب الجديدة فى البلاد، واحتلت مصر المرتبة الخامسة عالميا من حيث ارتفاع الطلب على شراء السبائك والعملات الذهبية خلال الثلاثة الشهور الأولى من 2023، حيث أظهر تقرير مجلس الذهب العالمى فى بداية العام الجارى، أن مشتريات المصريين من الذهب بلغت 7 أطنان من الذهب، أى ما يعادل قرابة المليار دولار، وذلك على الرغم من ارتفاع سعر قيراط الذهب عيار 21 إلى أكثر من 58% منذ بداية العام الجارى، وبأكثر من 167% خلال العام الماضى، ليقترب سعره من 3000 جنيه.
وبحسب تقرير مجلس الذهب، فإن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه دفع البعض إلى الاستثمار فى الذهب للحفاظ على مدخراته من ارتفاع الأسعار، وكانت النسبة الأكبر من عمليات البيع تتجه نحو السبائك والجنيهات الذهبية. وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الذهب، إلا أنه مازال عرضا مستمرا من قبل الجمهور والبائعين على حد سواء.
فى هذا الملف نتتبع خطوات المعدن النفيس فى السوق المحلية، وكيف اتجه المصريون والحكومة فى الاستثمار الآمن نحو الذهب.
زينة واستثمار
تظل قيمة المعدن الأصفر جزءا مهما من ثقافة المصريين من العصور الفرعونية إلى العصر الحديث، حتى أنهم اعتبروا «شبكة العروسة» جزءا أصيلا من اتفاقيات الزفاف، وتعبيرا على التقدير والمحبة، كما يعتبر المصريون الذهب سواء فى شكل الحلى أو السبائك والجنيهات الذهبية استثمارا آمنا فى ظل ظروف اقتصادية متغيرة.
ووفقا لتقرير مجلس الذهب العالمى لهذا العام، فإن مشتريات المصريين من الذهب بلغت ٧ أطنان من الذهب، ومن هذا المنطلق أجرت «البوابة» حديثا مع جمهور المصريين، لمعرفة اتجاهاتهم نحو عملية الشراء والبيع للذهب.
من جهتها قالت نور عماد، فى حديثها لـ«البوابة»، إن غلاء أسعار الذهب لم يؤثر على عملية الشراء للمعدن النفيس، موضحة أن شراء الذهب يعتبر استثمارا آمنا خلال الفترة الماضية خاصة من جانب الأهل الذين يؤمنون بمقولة «القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود».
وأضافت، أنه على الرغم من ارتفاع أسعار الذهب إلا أن هناك مبالغة فى شراء ذهب العروس المعروفة بالشبكة، حتى أن قيمة الشبكة وصلت منذ حوالى أسبوعين لقيمة ٧٦ ألف جنيه فى دائرة معارفها القريبة، مستنكرة الإقبال على الشراء فى ظل حالة الغلاء المبالغ بها.
بينما اعتقدت ماهى محيى الدين، أن الإقبال على شراء الذهب لم يتسبب فى ارتفاع أسعاره وبالتالى العزوف عن شرائه لن يغير من سياسة التسعير، وعلى العكس ترى أن هناك ركودا فى السوق المصرية وحركة البيع والشراء ربما هو السبب فى ارتفاع أسعار المعدن الأصفر.
وأضافت ماهى لـ«البوابة»، أن ثقافة الشعب المصرى تعتمد على الاستثمار فى الذهب منذ قديم الزمن، ولا تتنازل الأسر عن وجود شبكة للعروسة، والطبقات تحت المتوسطة تلتزم بوجود جرامات محددة للشبكة من الذهب، بينما ذهبت الطبقات الأعلى وفوق المتوسطة إلى شراء «الألماس» كبديل لجرامات الذهب.
وقالت أسماء أحمد، إن والدتها تشترى بشكل منتظم مشغولات ذهبية من فائض الأموال التى تدخرها كل عام أو اثنين، وذلك لتوفر قيمة العملة للمستقبل، مشيرة إلى أن قيمة الذهب التى اشترته منذ ٦ سنوات تضاعف ٣ مرات على الأقل، مما يجعل الاستثمار فى الذهب مكافئا للأوضاع الاقتصادية المفاجئة والظروف الطارئة لأى أسرة.