سجل التاريخ أن أول دخول للأقباط إلى السودان من مصر كان في القرن الرابع الميلادي، عندما انتشرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في دولة النوبة في الشمال، واستقر الأقباط في مملكة المقرّة (أو المكرّة) وهي مملكة نوبية كانت تقع في شمال السودان الحالي وجنوب مصر. اتخذت من المسيحية ديانة لها وشملت حدودها في أقصى اتساع لها كل منطقة النوبة جنوب مصر وكل شمال السودان. حتى حدود مملكة علوه. امتدت مملكة المقرة بمحاذاة نهر النيل من الشلال الثالث حتى الشلال الخامس أو السادس، وسيطرت على طرق التجارة والمناجم والواحات غربا وشرقا. وكانت دنقلا عاصمتها. بينما كان الكهنة والأساقفة النوبيون يدرسون في الأديرة المصرية وظلت مملكة قوية مستقرة تنتصر في أي حروب تتعرض لها، حتى جاء عام 1272م حين أرسل السلطان المملوكي الظاهر بيبرس جيشا لغزو المملكة مستغلا المشاكل التي كانت بين الأسرة الحاكمة ومن بعدها تدخل المماليك في شئون المملكة وتم تعيين ملوك منهم عليها ومن هنا تراجعت الديانة المسيحية بداخلها وجاءت هجرة الكثير من الأقباط إلي العمق السوداني، وظل الأقباط في السودان بين الظهور والاختفاء طبقا لطبيعة أنظمة الحكم حتي جاء حكم محمد علي، بدأ الأقباط بالتواجد مرة اخرج في السودان.
هناك إحصائية نشرها مركز بيو الأمريكي للأبحاث، في العام 2012 أشارت إلى أن عددهم بلغ 1.4 مليون نسمة، منتشرون في معظم مدن السودان الرئيسة، وأكبر تجمع لهم في مدينة عطبرة شمالا، كما يوجد تجمع كبير آخر في أم درمان، غربي العاصمة الخرطوم.
ونظرا لارتفاع مستواهم التعليمي والثقافي فقد أنشأوا أول مدرسة أهلية للبنات عام 1902، ثم المكتبة القبطية في 1908، وهي حافلة بأهم الكتب التاريخية، والمخطوطات، وكانت تقام فيها المسرحيات والندوات. مساهمة الأقباط في الحياة السياسية في السودان واضحة وجلية، تولى الأقباط عادة وظائف الصرافة والحسابات والبنوك. عمل عدد بلا حصر داخل الخدمة المدنية. عمل الكثيرون في هيئة السكك الحديدية. وعملوا أيضًا في التجارة والطب. ونجح أقباط السودان في مجال الصناعة والتجارة بالعاصمة الخرطوم ومدن أخرى، مثل الأبيض وود مدني وشندي، وارتبطت مجموعات صناعية وتجارية كبرى بالأقباط والمسيحيين الأرثوذكس، مثل حجار وأيلي وبيطار.
وقد كان الأنبا “صرابامون” أول أسقف لطائفة الأقباط الأرثوذكس بالسودان بعد القضاء على الثورة المهدية، وبداية الحكم الثنائي، وبمرور الوقت تحول كرسي السودان في 29 يونية 1947م إلى أبروشيتين، لكل منهما مطران؛ الأولى: أيباراشية الخرطوم والجنوب، ورسم عليها الأنبا “يؤانس”، الثانية: أيباراشية أم درمان والشمال، ورسم لها الأنبا “باخوميوس”.
في الآونة الأخيرة وبسبب الأحداث الجارية في السودان تعرضت الكنائس في العديد من المناطق لاعتداءات، مما دفع مجلس الكنائس السوداني بصدار بيانا حول الاعتداءات المتكررة على كنائس الطوائف المسيحية
وفيما يلي نص البيان:
تدين مجلس الكنائس السوداني الاعتداءات المستمرة التي تقوم بها مليشيا قوات الدعم السريع على كنائس الطوائف المسيحية في ولاية الخرطوم.
حيث قامت هذه المليشيا بالتدمير والتخريب والاستيلاء على هذه الكنائس وحولتها إلى مراكز لإدارة عملياتها العسكرية.
ودخلت كنيسه السيدة العذراء في الخرطوم وأمرت كل القساوسة والأسقف العام بأخلاء الكنسية واتخذوها مقرا لهم.
فقد دخلت مليشيا الدعم السريع كنيسة مار جرجس المطرانية ونهبت خزينة المطرانية تحت تهديد السلاح وقامت بكسر ساق المعلم سيفين برصاصة وكسر يد الشماس صفوت وسرقت عربة توسان ومبلغ مالي من القس ارسانيوس والذي أصيب في رجله، وتم نهب أيضا مقر الآباء الكهنة بحي المسالمة في يوم الأربعاء الموافق 17/5/2023، أيضا في الأيام الأولي من الأحداث تمت احتلال الكنيسة الأسقفية السودانية في الخرطوم العمارات شارع واحد من قبل قوات الدعم السريع وجعلته مقرا لقواته! حيث اقتحمت الباب الرئيسي وكسر أبواب المكاتب وبيت السلام قاعة الاجتماعات والمجمع وأيضا كسر عربات الكنيسة من ضمنهم عربة كبير الأساقفة.