صدر حديثًا كتاب “رحلة اكتشاف الذات في كل المدن أحلام” للدكتورة نجوى عانوس أستاذ علوم المسرح بكلية الأداب بجامعة الزقازيق عن دار المعارف.
الكتاب دراسة تفكيكية لأحدث إصدارات الناقد والكاتب جرجس شكري "كل المدن أحلام" وتقف الدكتورة نجوى عانوس من خلال تلك الدراسة على أهم ملامح الكتاب باعتباره ليس من ضمن كتب الرحلات وإنما هو عبارة عن رحلة داخل الذات ، وكأن الكاتب جرجس شكري كان يكتب عن ذاته داخل تلك المدن التي زارها في كتابه.
وتقول الدكتورة نجوى عانوس في تقديم الكتاب :"أحدث كتاب كل المدن أحلام لجرجس شكرى صدمة في أفق توقعاتي وألزمني المشاركة في إزالة الغموض الذي أحاط به، إذ ابتعد النص عن المعايير التقليدية المتعارف عليها في أدب الرحلات، وشكل عملا فنيا جديدا مما جعلني اتجه إلى أفق التوقعات الفكرية والجمالية التي تتحكم في تلقي النص وملء فراغاته وملء الفجوة بين النص المكتوب والتوقع بعيدا عن المألوف التقليدي في أدب الرحلات ومن هنا يمكن فهم المسافة الجمالية على أنها الفرق بين أفق النص (كتابة المؤلف) وأفق توقع القارئ والتي ستشكل معياراً للحكم على قيمة العمل الأدبي ؛ فإذا استجاب أفق النص لأفق التوقع كان النص عادياً ولا يقدم حساسية فنية جديدة، بل يعيد استنساخ المعايير الجمالية السائدة وتكريسها في حين أنه إذا كان مخيبا لأفق انتظار القارئ ومنزاحاً عن المعايير المتعارف عليها شكل شكلاً فنيا جديدا ذا قيمة عالية".
أضافت: وترجع أهمية هذا النص إلى أنه يعطي المتلقي الفرصة للتخيل والإبداع فالجزء المكتوب من النص يمنحنا المعرفة لكن الجزء الغير مكتوب يعطينا الفرصة للتخيل والإبداع ويحقق قراءة هذا العمل الأدبي بين بنيته ومتلقيه، ويعرف جرجس شكري كتابه بأنه محاولة لتفسير وتعليل الدهشة بما شاهد في أوروبا ومحاولة لاكتشاف الذات، يقول حين ذهبت إلى عالم مختلف تماما فقد كنت أراقب الحياة بكل تفاصيلها وأراقبني أنا أيضاً، في محاولة لتفسير دهشتي مما رأيت، فحين نبتعد نرى أنفسنا بشكل مختلف تتجلى الذات الواعية.
فالكتاب محاولة لاكتشاف ذاته والمقصود بالذات هنا أو الذاتية وهي أو المفكرة وقد اعتبر أصحاب ما بعد البنوية الذات كياناً أولياً موحداً، أي أنه حاضر بنفسه ، متحكم في نفسه مستقل ومتجانس، فهم يرون أن الذات ثانوية تنشئها عوامل خارجية مثل اللغة أو الأيديولوجيا وأنها غير مستقرة واقعة تحت تأثير صورتها ومنقسمة على نفسها، ومن أصحاب النظريات ذات التأثير البالغ في هذا الصدد جان لاكان»
يشاهد الحالم الكاتب / صور أحلامه ثم يتحول إلى آلة تصوير فيصورها في قصيدة تارة ويسردها تارة ويضع الصور على خشبة المسرح، فيتحول الحلم إلى مشهد مسرحي يخرجه الحالم، فالعلاقة بين المسرح والحلم علاقة تشابه، يتشابه الحالم مع المتلقي في المسرح ويقوم بدور المتلقي حالم الصور المتأمل المفسر الدهشة المكتشف ذاته. فهو مشاهد ومصور ومخرج مسرحي ومتلق.