السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

مصطفى بيومي يكتب: شريف الشافعي «البحث عن جوهر الشعر».. قراءة في ديوان «الأعمال الكاملة لإنسان آلي»

مصطفى بيومي
مصطفى بيومي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

منذ ديوانه الأول: "بينهما يصدأ الوقت"، ١٩٩٤، إلى ديوانه الأخير الصادر حديثًا عن المركز العربى للصحافة: "الأعمال الكاملة لإنسان آلي"، ٢٠٢٣، يمثل شريف الشافعى حالة شعرية متفردة فى خريطة الشعر العربى المعاصر، ذلك أنه وفق تعبير يوسف إدريس فى توصيف كتابات بهاء طاهر: "لا يستعير أصابع غيره".
 
يخلص شريف فى التعبير عن تجربة مختلفة، مسلحًا بثقافة تتوارى كأنها الظل، وعندئذ تؤول إليه وحده مسئولية تشكيل الصورة الفنية المغايرة للسائد الآسن المكرور، عبر لغة تنتسب إلى قاموس مختلف، وتكتسب مفرداتها مذاقا طازجا لا صلة له بالشائع فى القواميس المتداولة، وتتبلور رؤية للإنسان والعالم تفضى إلى تفاعل غير تقليدى مع المتلقي، وتفرض عليه أن يعيد النظر فى جملة الثوابت التى تسكنه عن الحب والتصوف والآخر والعلم وفلسفة الوجود.
"ماذا ينتظر الشعر الجديد كى يصبح خبز المائدة؟". السؤال المثير عنوان مقال يكتبه الشاعر فى مجلة "الكلمة"، وينحاز فيه إلى رؤية لا ينبغى إهمالها وإنكار أهميتها: أزمة الشعر فى الأساس أزمة قصيدة، وما العوامل الموضوعية الخارجية، السياسى منها والاجتماعي، مع الإقرار بتأثيرها النسبي، إلا العناصر المساعدة فى صناعة الأزمة.
ما الشعر؟!
قد يبدو السؤال ساذجا للوهلة الأولى، لأن الإجابة معلومة بالضرورة كما يتوهم الكثيرون، لكن الأمر ليس كذلك، ووهم المعرفة اليقينية هذا يتحمل جانبا كبيرا من محنة تراجع الشعر وعجزه عن القيام بدوره المنشود فى تصدر العملية الإبداعية، وصناعة الجمال والبهجة والوعى.
فى عصر الرقمية والذكاء الاصطناعى والثورات العلمية اليومية غير المسبوقة، ما يمهد لانقلاب جذرى يطول العالم الذى نعرفه ونتعايش مع مفرداته الموروثة، يُطالب الشاعر بالمغامرة وجسارة الإقدام على إعادة تشكيل الرؤية عبر بوابة الشعر وحده؛ الشعر المنسلخ عن الإرث المزخرف البغيض، الماسخ مثل حكايات العجائز التى لا يصعب توقع إيقاعها ومسارها:
"رغم نحافتي
نصحنى الطبيب
بحجز مقعدين لى فى القطار
بعد إصابتى بالشيزوفرانيا
على أن أختار دائما:
على أى مقعد أجلس أولا،
فى حين ينتظرنى المقعد الآخر خاليا
ليس من صلاحياتي
أن أهب المقعد الخالى لمن أشاء
ولو بشكل مؤقت"
ليس مثل الصورة السابقة فى تشخيص أزمة الوجود، حيث الانقسام صانع التشيؤ بمعنى مغاير لما يعنيه الماركسيون فى تحليل التداعيات الكارثية لعلاقة الإنسان مع الآلة. الأمر فى ظل التحولات المعاصرة يتجاوز صدام الفرد مع آلة بعينها، فالعالم كله بمثابة الآلة العملاقة الضخمة التى تصنع قوانينها وتجلياتها، والإنسان منقسم الشخصية مسلوب الإرادة، الخاضع لنصائح تكرس الاستلاب، لم يعد حتى ترسا فى الآلة الجبارة العاتية التى تهمله كأنه الشيء ولا تفكر فى التهامه.
الشاعر الحقيقى ذو البصيرة، المتمرد بالضرورة على القديم والحديث من الموروث، محكوم عليه بإدراك هشاشته وضآلته وضياعه، والحلم المثالى بمملكة الحرية يتحول إلى يقين صارم موجع بتبخر الأمل فى الحفاظ على مملكة الضرورة التى لم تكن ترضيه. لا مهرب من القطيعة مع الثرثرة والمستهلك المبتذل المكرر من الصور النمطية البلاستيكية، ذلك أن المراهنة على "الرسالة" و"الهدف" و"الغاية"، وكل ما يندرج فى دائرة "المعنى"، لم يعد مطروحا، ومراودة التأثير الواضح المباشر، الذى هو خطابى زاعق، لا يمثل جوهر الشعر. الطموح الحقيقى للشاعر، الذى يقترب ويرى، هو الوقوف على حافة الآفاق الغامضة الغائمة بلا ضفاف، مدركا فى لحظة الإشراق والتجلى أنه يراود معانقة النفرى ومواقفه ومخاطباته:
"أن أوقظ وردة واحدة
خير من أن أنام فى بستان"
العاديون من الشعراء، وهم الأغلبية الساحقة، يفكرون فى البستان برحابته واتساعه، أما الشاعر الذى يراهن على التكثيف وإعادة إنتاج قوانين الوجود بمفاهيم ووسائط غير مستهلكة، فهو من يتشبث بالوردة الواحدة، ويهمس لنفسه بالكلمات المضيئة التى تمثل مفتاحا أساسا فى فلسفة الشعر: كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة.
يبحث الإنسان الآلى لاهثا عن بقايا إنسانية مفقودة مهدرة، والتوجه على هذا النحو الاستثنائي، الذى لم يعرفه ديوان الشعر العربى من قبل، يتطلب معجما خاصا، تقترب مفرداته وتتباعد فى تلاحم يثير الدهشة ويفجر المفارقات، وينتبه أدونيس مبكرا، ٢٠١٩، إلى خاصية التداخل الدال فى شعر الشافعى بين كلمتى "إله" و"آلة". الحروف هى نفسها، والمغزى الكامن يشير إلى استبدال الآلة بالإله!.
فى العالم الجديد المعقد الذى لم تكتمل صياغته بعد، وربما لا تكتمل أبدا، لا بد أن يسبح الشاعر حال كونه جادا فى البحث عن جوهر الشعر، للتأمل فى الخريطة التى تستدعى تفاعلا من طراز مختلف، فيكتب لنفسه وللآخرين:
"أخف ضيف زارنى اليوم
ورحل دون رجعة
هو: هذا العالم"
ما الشعر؟!
إنه طرح الأسئلة دون انشغال بالإجابات، والتحرر من لغة البلاغة النمطية المعقمة الراكدة، والتحليق خارج السرب مع المجاهرة برفض القطيع، والوقوف على عتبات اكتشاف لغة لا وجود لها فى القواميس المحنطة المغطاة بأكوام من الأتربة:
"من أنت؟
ومن أنا؟
ألأننى صافحتك بقفاز مطاطي
أنجبتِ لى وردة بلاستيكية؟
من أنت؟
ومن أنا؟
هشمى المرايا كلها بأطيافك،
واتركى نظارتي
لترى حطامي
من أنت؟
ومن أنا؟"
على الشعراء أن يبحثوا فى الشيزوفرانيا عن روعة الجمال الكامن المهجور، ومن خلال الاضطراب العقلى الذى يتخوف منه العقلاء وأشباه العقلاء، أو من يتوهمون أنهم كذلك، يتصدى الشاعر المختلف ليفتش فى الهلاوس والكوابيس عن مبتغاه، فليس من وسيلة أخرى لاكتشاف ما يعتمل فى أعماق العالم المضطرب المعقد من خلل وارتباك:
"أنا زعيم الأغلبية
الموافقين دائما على كل شيء
وأنا أيضا زعيم المعارضة"
الانتباه إلى فكرة الأضداد ذات الطبيعة التكاملية ضرورة للاقتراب من السر، والحياة فى حقيقتها خليط معقد من النضال والخيانة، الثورة والخمول، الحضور والغياب، الكتلة والفراغ.
لا وجود فى قواميس الآباء والأجداد لكلمات مثل "الحاسوب" و"الشبكة العنكبوتية" و"النت" و"مواقع التواصل" و"الفضاء الإلكتروني"، ومن هنا يمكن القول إنها مخاطرة مزعجة، بل هى مقامرة خاسرة، أن يُقرا شعر شريف الشافعى وفق المعايير الجمالية البلاغية التقليدية، وتمام التحقق أن يتحرر القارىء من أغلال الكهنة ونظرياتهم سابقة التجهيز.
لعل أحد أهم مفاتيح التواصل مع العالم الشعرى لشريف، هو ما نجده فى سطور تعين القارىء على استيعاب المنهج الذى يخاصم كل ما هو عادى سطحي:
"لا أزال أفتش عن إبرة صغيرة
لم تصدأ بعد
لأتمكن من رتق روحى الممزقة"
وهل الشعر إلا المحاولة النبيلة لرتق الروح؟!.


معلومات عن الشاعر
وُلِدَ شريف الشافعى فى مدينة منوف بدلتا مصر، العام ١٩٧٢. صدر له فى الشعر: "بينهما يصدأ الوقت" (١٩٩٤)، "وحده يستمع إلى كونشرتو الكيمياء" (١٩٩٦)، "الألوان ترتعد بشراهة" (١٩٩٩)، "الأعمال الكاملة لإنسان آلى ١ – البحث عن نيرمانا بأصابع ذكية" (٢٠٠٨)، "الأعمال الكاملة لإنسان آلى ٢ – غازات ضاحكة" (٢٠١٢)، "كأنه قمرى يحاصرني" (٢٠١٣)، "هواء جدير بالقراءة" (دار لارماتان L'Harmattan، باريس، ٢٠١٤، بالعربية والفرنسية، ترجمة منى لطيف)، "رسائل يحملها الدخان" (دار لارماتان L'Harmattan، باريس، ٢٠١٦، بالعربية والفرنسية، ترجمة منى لطيف). يعمل صحفيًّا فى مؤسسة "الأهرام" بمصر. أصدر كتابًا بحثيًّا بعنوان "نجيب محفوظ.. المكان الشعبى فى رواياته بين الواقع والإبداع" (الدار المصرية اللبنانية، ٢٠٠٦). شارك كممثل لمصر فى مهرجانات شعرية دولية، منها: "لوديف" (فرنسا)، "بريدج ووتر" (الولايات المتحدة)، "أسفي" (المغرب)، "هلا صور" (لبنان)، "الجنادرية" (السعودية)، "مراكش" (المغرب)، "جرش" (الأردن). 

 



أدونيس إلى شريف الشافعى: «أفق آخر للشعر العربى الراهن»


تلقى الشاعر المصرى شريف الشافعي، رسالة من الشاعر الكبير أدونيس حول تجربة ديوان "إنسان آلي".
يقول الشاعر أدونيس فى رسالته: 
الكتابان الأوّلان من "الأعمال الكاملة لإنسانٍ آليّ"، للشاعر شريف الشافعي، مُنجَزٌ شعريّ، يفتح به أفقًا آخر للشعر العربيّ الرّاهن. له عليَّ باسم هذا الأفق، ثلاث تحيّات:
الأولى، تحيّة الابتداء،
الثّانية، تحيّة الاختلاف،
الثّالثة، تحيّة الخَرْق على مستوى العلاقات بين الكلمة والشّيء، وبين الإنسان وبينهما. هكذا أنتظر الخرْقَ على المستوى العموديّ، حيث الجَذرُ، والسّؤال، والمعنى، وما ينتهى وما لا ينتهى.
حول الأولى، أحبّ أن أسألَه:
كيف صحَّ له أن يكون على رأس مرحلةٍ من الكتابة الشّعريّة الرّاهِنة، فى اللغة العربيّة الحديثة، لا أعرف لها سابقًا؟
وأسأله حول الثّانية: كيف استطَاع أن يكونَ مُفرَدًا فى هذا العالم العربيّ الجمع، الجماعة، الأمّة، ومُفرَدًا فى المُعجَم الشّعريّ العربيّ المُعاصِر، فى لغةٍ تتضوّرُ جوعًا، على الرّغم من موائد التّخمة، وتنكسِرُ مُرْهَقَةً تحت حجُبِها التّقليديّة المؤسَّسِيّة، فى الهباء المُشتَرَكِ العامّ؟ 
وحولَ الثّالثة أسأله: كيف صحَّ له أن يخرقَ الحواجِزَ التى تتراكمُ على صدرِ الحركة الكتابيّة منذ حَوالَى خمسة عشر قرنًا، سياسِيًّا، واجتماعيًّا، ومؤسَّسِيًّا، وأن يتمّ خرقُها بحساسيَةٍ تتموَّجُ فى محيط المستقبل؟
غير أنّنى مع هذا كلّه، وبقوّة هذا كلّه، أُعِدّ هذا المُنْجَزَ الفريدَ بيانًا.
وهو بيانٌ قطيعةٌ، وبيانٌ انفجارٌ، وبيانٌ تحوُّلٌ. والمسئوليّة، إذًا، مسئوليّةُ الكتابةِ الآتية ضخمةٌ وعالية.
وأشعر أنّ علَيَّ، بوصفى قارئًا صديقًا لهذا المُنجَز ومُعجَبًا به، أن أطرحَ عليه سؤالًا اسْتباقِيًّا: ما العالَمُ الإنسانيّ الجماليّ والفكريّ الذى يسير صاحبُه نحوَه، ويعمل على خَلْقِه؟ وعليّ هنا أن أُشير، ولَوْ عَرَضيًّا للتّذكير، إلى أنّ الحروف الثلاثة: ألِف، لام، هاء، تشكّل، ويا للمصادَفة! كلمتين مُتَناقضتين، على نَحْوٍ جذريٍّ وشامِل، وعلى مختلف الصُّعُد، وهما: "إله" و"آلة"؟
هناك، إذًا، على مستوياتٍ أخرى، ما يهدّدُ الأفقَ الذى يسير فيه هذا المُنجَز، يتمثّلُ فى خطر الجاذبيّة الهشّة، المُتنَوِّعة، الطّاغية، الموروثة، خطر الميل التّعبيريّ الذى أسمّيه المُعابَثَة لا فى صورتها التى ترجّ القِيَم وتُزَلْزِلُ المُستَقِرّ، بل فى صورتها البلاغيّة التى تحجب كلّ شيء إلاّ اللغة، أو تلك التى تكشف عن كلّ شيء إلاّ ما ينبغى الكشفُ عنه، قبل كلّ شيء. والصّورتان تنهضان على مُفارقة يبتكرُها فنٌّ خاصّ له "جمهوريّته" الخاصّة و"طُغاتُه" و"مسارحه"، وهو تحويل فنّ اللغة إلى فنٍّ فى اللّغو.
اللغة كينونة وماهيّة. 
واللغوُ مَحْوٌ، وفسادٌ و"هَيُّ بنُ بَيّ".
هكذا أسألُه:
ما شَمسُكَ، يا شريف؟
هكذا أقول لك بفرَح ومحبّة:
أهلًا بك.

 

 

الشافعى وشعرنة العالم الرقمى.. بقلم: الشاعر السعودى محمد خضر 


يمضى بنا الشاعر شريف الشافعى فى مجموعته الشعرية "الأعمال الكاملة لأنسان آلي" نحو فضاءات جديدة يوظفها الشاعر اليوم رغبةمنه فى امتداد الشعر مع حالتنا الراهنة وضمن عالم تكنولوجى ورحاب مشتقة من حداثة استخدامنا للرقمى من حولنا. ويختار الشافعى أن يقرأ سيرة إنسان آلى فى كلمنعطفاته الشعورية ليصبح القناع هو من يقدم من خلاله صوره الشعرية وهو من ينطلق من خلاله إلى رؤاه التى يصطاد بها المهمش والعابر من حولنا دون أن نلتفت له عادة.
لكن شريف يعطى تلك الأمكنة والمناخات تصورا جديدا، ومن خلال تسلل خطوات (نيرفانا)ومرآتها وتفحصه الدقيق لحالاتها يمرر رؤاه عن الحياة والوجود والحب وقضايا أخرى لإنسان اليوم فى عالم متغير ومعقد. ويمكن قراءة نصوص هذا العمل الشعرى على أنها متفرقة عن بعضها البعض برغم انسجامها وتسلسلها فيما يشبه القراءة المستمرة لكل ثيمات وتقاطعات نيرفانا وشعورها وبرغم أنه لا يخلو نص من المحور المشترك نيرفانا التى تقترح وتختار أدواتها وتعلل وتفكر وتنسج مع الذات الشاعرة آراء متضادة أو متوافقةأو مرسلة مثل شعور محض، يقول "من المؤكد أن روحى باقية على حالها – إلى أن تنفخ فيها نيرفانا نفخة طبيعية من روحها – عندئذ ستصير على مقاسي".
هى رغبة الشاعر فى تشكيل نصه ضمن فضاء جديد وضمن تصور حديث ينسجم مع الأصابع الذكية التى تبحث معالإنسان الآلى الذى يدير المساءلات ويشغل حيزا فى فضاء النص يحركه ويتماهى معه ويقنعنا بآلياته وامتداده بل ويشعرن كل الفضاءات المتاحة مع كل امتدادت اللغة البصرية فى التكنولوجى والآلى فضلا عن كون لغته جاءت بسيطة لتحاور البديهى ولكن فيصدمته المكتوبة والعادى ومن حيث هو لامتوقع أو من حيث تحويله إلى رؤية تخص الشاعر من جهة أو نيرفانا حتما تلك التى تظهر على امتداد الكتاب. يقول "بصعوبة بالغة – أستطيع رسم صورة تشبه ملامح نيرمانا – مثلما رأيتها لحظة ظهورها على الأرض"، إلى أن يصل بنا المقطع نحو "بعد ١٠ سنوات ستكبر ملامح الصورة – بالتأكيد – بمقدار ١٠ سنوات".
فتح شريف للقصيدة فضاء ذكيا أو لنقل بأصابع ذكية كما هو فى الافتراضي، ذلك الفضاء الذى ابتكره ليعثر على مساحات شعرية فسيحة بل وليصبح كل شيء متاحا للحالة الشعرية، يقول "ممنوع أنا من البقوليات (كلها) كى لا تهزمنى أنيمياالفول وفقر الدم – ممنوع أنا من نونا (وحدها) كى لا تقتلنى أنيميا العشق ونزيف الدم". هذه الصورة التى نقرأها مقترنة دوما بوجود نيرفانا أو نونا أو نيرمانا وهو اسم واحد لهذا الكائن، صورة تمثل حالة من الحب أحيانا وبوابة للحياة على اتساع ما فيها منأفكار ومن دهشة الإنسان بما هو متاح وماهو جديد عليه أصلا.
والفرق أن شريف توقف أمام هذا المنجز ليحاكيه ويكتشفه ويختزله أحيانا فى موقف شعوري، إنه يذكرنا فى بعضالمقاطع بتلك الأفلام التى تعرض للزمن بعد آلاف السنوات تلك القراءة التى غالبا ما تقرأ الأشياء بشكل توقع أو تكهن واستشراف وهو ما يفعله شريف فى بعض مقاطع الإنسان الآلى حيث نيرفانا قابلة لكل الحالات وممتدة عبر الزمن وسنعثر على أدق التفاصيلالإلكترونية والبرمجية لنيرفانا من خلال قراءة هذه السيرة الكاملة التى يتقصاها شريف الشافعى ويسرد اتحادها فى الروبوت أو الآلة وحين تصبح معادلة رياضية: "الرياضيات التقليدية – بحاجة إلى إعادة نظر – بعد ظهور قوانين نيرما الخاصة لتقدير القيم النسبية والقيم المطلقة"، أو حين تكون ضمن برنامج ما على الكمبيوتر أو أشعةمقطعية أو معالات أخرى كيميائية.
هى ٢٠٠ محاولة عنكبوتية لاصطياد كائن منقرض، تشف عن آلية الشاعر فى نصوصه، حيث يد الرجل الآلى تقبض على الكرة الأرضية بأصابعها الذكية ليصبح الكون كله ضمنها وليقربنا أكثر من عوالم هذهالمجموعة وأمكنتها، وليكشف لنا واقع الإنسان اليوم فى حياته الرقمية والسريعة وهشاشتها أحيانا وزيفها فى أحيان أخرى. وبتلقائية يحيل قصيدته إلى قصيدة تشبهنا وتقدم أسئلتها لنتأملها فى ظل هذه الحياة ومقاربة مع كائن منقرض يقرأه فى كل فواصله بحثا عنه.