أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، عدداً جديداً من مجلته الدورية "آفاق اقتصادية معاصرة"، وهي مجلة تصدر شهريًّا لتقدم إطلالة على الآراء الاقتصادية المختلفة لأبرز الخبراء والمحللين سواء من داخل مصر أو من خارجها، والتي تشغل الدوائر الاقتصادية؛ وذلك لتقديم رؤى اقتصادية متكاملة لأهم الموضوعات الاقتصادية المطروحة على الساحة، واستعراضًا لأبرز المؤشرات المحلية والدولية، مع التركيز على موضوع محدد في كل عدد، وفي هذا العدد تناول المركز موضوع "الاقتصاد الأخضر" بهدف تقديم صورة شاملة عنه وتحليل أهمية تبنيه في الدول المختلفة، وكذلك تقديم بعض المؤشرات والتوقعات المتعلقة به.
وضم العدد مجموعة من مقالات الرأي المتنوعة التي تغطي مختلف جوانب الاقتصاد الأخضر، بالإضافة إلى توجهات الصحف الأجنبية في نفس الشأن، ومن مقالات الرأي الموجود بالعدد مقال بعنوان "المباني الخضراء ودورها في المحافظة على البيئة" والذي أشار إلى إمكانية المحافظة على البيئة من خلال المباني الخضراء والمدن الصديقة للبيئة والتي تحقق التوازن بين الإنسان والبيئة المحيطة به، من خلال ثلاثة عناصر أساسية هي استخدام الموارد واستهلاكها بكفاءة، والتعامل مع الظروف المناخية والبيئية والجغرافية في منطقة المباني بشكل فعال، وأخذ حقوق الأجيال القادمة في الاعتبار عند تحقيق الاحتياجات البشرية والمادية والاجتماعية وتوفير مستوى رفاهية لمستخدمي المباني.
وأشار المقال إلى أن مصر قد بدأت استراتيجية التنمية المستدامة 2030 من أجل وضع خريطة فعالة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبدأت الحكومة خلال عام 2020 بالحصول على تمويلات هدفها تحسين نوعية الهواء في القاهرة الكبرى، وتسعى هذه العملية إلى تحقيق أهدافها عن طريق، "عمل نظم حديثة لإدارة نوعية الهواء في مصر"، "وإدارة النفايات الصلبة في القاهرة الكبرى بشكل أكثر كفاءة"، "والحد من انبعاثات المركبات من خلال تجربة الحافلات الكهربائية في القطاع العام والبنية التحتية ذات الصلة بما في ذلك محطات الشحن"، "ودعم أنشطة تغيير سلوكيات المجتمعات المحلية ومقدمي الخدمات وضمان مشاركة المواطنين في تصميم المشاريع وتنفيذها".
وأوضح المقال أنه يمكن للمباني الخضراء أن تساهم في الحد من الآثار البيئية من خلال تطبيق مجموعة من التوصيات أبرزها، إمكانية تحفيز المباني الخضراء من خلال وضع بعض الاشتراطات كاستخدام الألواح الشمسية على واجهات وأسطح المباني، واستخدام المياه المعالجة من الصرف الصحي في أعمال البناء والتشييد بدلًا من المياه النظيفة، ويمكن إعفاء المباني التي يتم بناؤها بناء على تقنيات الاستدامة البيئية من الضرائب إذا كانت في إطار الإسكان التعاوني، مع إمكانية إعطاء فترة محددة للمطورين العقارين لتكييف ظروفهم بما يتناسب مع الاستدامة لقطاع البناء والتشييد، وإنشاء أقسام مستقلة للعمارة الخضراء في الجامعات المصرية وخاصة الجمعيات الأهلية كما حدث في الجامعة اليابانية في مصر، وإقرار سياسات الحوافز سواء في عمليات التمويل بالنسبة لوسائل النقل أو لقطاع الإنتاج والتي تستخدم موارد متجددة وتحافظ على الاستدامة البيئية.
كما تضمن العدد مقالًا بعنوان "الاقتصاد الأخضر محرك النمو الجديد"، والذي أوضح أنه من المحتمل أن يكون الاستثمار العام الأخضر إدارة ومحركًا جديدًا لتحسين رفاهية الناس، وتحفيز النمو الاقتصادي وزيادة مخزون رأس المال الطبيعي، ويعد تفعيل وتعزيز فكرة الاستثمار الأخضر من الاستثمارات الحديثة التي تتبناها العديد من الدول التي لم تحقق معظم أهدافها في إطار الاقتصاد التقليدي، وبالتالي لتحقيق ذلك فمن الضروري أن يكون واضعو السياسات واضحين بشأن ما يمكن أن يطلق عليه استثمار أخضر.
واقترح المقال مجموعة من التوصيات لتطبيق الاستثمار العام الأخضر والتي جاء من أبرزها، وضع البيئة في قلب عملية صنع السياسات حيث إن التقليل من قيمة الطبيعة بشكل منهجي من خلال عدم وجود أسعار أو آلية تسعير لها يعبر عن مشكلة تظهر بشكل خاص في العديد من البلدان النامية منخفضة الدخل والبلدان الغنية بالموارد الطبيعية ويعد توفير الخدمات البيئية للاقتصادات أمرًا حيويًا للنمو الاقتصادي، ومن التوصيات أيضًا أن يأخذ صانعوا السياسات نظرة أوسع لما هو أخضر من ناتج قطاعات السلع والخدمات البيئية المحدد في التصنيفات الصناعية EGSS، هذا، والحاجة إلى النظر في إخفاقات السوق في ظاهر مثل تغير المناخ بفعل الإنسان وذلك عند التفكير في الإنفاق الرأسمالي لتحقيق الأهداف الخضراء.
كما سلّط مقال رأى آخر الضوء على تحرك الدولة المصرية الواضح نحو دعم التحول لمنظومة النقل الكهربائية، ليس فقط لمحاسنها البيئية ولكن أيضًا لمزاياها الاقتصادية، حيث أشار المقال إلى تدشين الحكومة المصرية مشروعات خضراء عديدة لاستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة والنظيفة في خدمات النقل والبنية التحتية والصناعة، فعلى سبيل المثال تم توظيف حوالي 15% من مجمل الاستثمارات العامة تجاه هذا النوع من المشروعات بموازنة الدولة 2021/ 2020، إذ قدرت التكلفة لتنفيذ 691 مشروعا نظيفا في خطة نفس العام المالي بنحو 447.3 مليار جنيه، كذلك تم تخصيص مليار و900 مليون دولار كتكلفة للمشروعات البيئية المصرية حتى شهر سبتمبر من عام 2020، منها خمسها في قطاع النقل الصديق للبيئة وسدسها في قطاع الطاقة النظيفة التي تصب هي الأخرى في قطاعات النقل وقطاعات أخرى.
وأعطت الحكومة ملف النقل اهتماماً خاصاً، فقدر إجمالي الاستثمارات في قطاع النقل بمبلغ 307 مليارات جنيه في عام 2022/ 2023، كما أعلنت الحكومة تخطيطها لجعل 40% من جميع الاستثمارات العامة خضراء بما يصل إلى 336 مليار جنيه في العام المالي 2022 /2023.
وأشار المقال إلى اتجاه الدولة المصرية لإنتاج سيارات كهربية، وبدء عمليات تجميع المركبات الكهربائية أيضاً في مصر، في الوقت الذي قررت فيه منذ عام 2014 العمل على تطوير شامل لقطاع النقل فحدثت نقلة نوعية في أسلوب وحجم المشروعات.