ما زال مشروع مسرح المواجهة والتجوال، الذي أطلقته وزارة الثقافة، ممثلة في البيت الفني للمسرح، يواصل تجواله في قرى ونجوع مصر، بحثا عن مستحقي ومتعطشي الثقافة والفن في كل مكان، رغم متاعب ومشاقة الرحلة والتنقل من محافظة لأخرى، إلا أن فناني الفرقة يشعورن بالسعادة لكونهم جزء أصيل من نجاح هذا المشروع، ومساهمة في رسم البسمة على وجوه شريحة كبيرة من الكبار والصغار.
تقديم 150 ليلة عرض في 14 محافظة
انطلقت المرحلة الثالثة من المشروع في سبتمبر الماضي، وتواصل مسيرتها داخل محافظات مصر من الدلتا للصعيد حتى الآن، قدمت خلالها 150 ليلة عرض في 14 محافظة، استهدفت شريحة كبيرة من جمهور قرى المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، بالإضافة إلى تنظيم مجموعة من الورش التدريبية لعلوم المسرح سواء في التمثيل أو الديكور أو المكياج أو الإخراج.. إلخ، لتنمية المواهب الشابة من قرى ونجوع هذه المحافظات، في حين تسعى الفرقة إلى زيادة عدد ليالي العرض، بهدف الوصول إلى شريحة كبيرة من الجمهور المتعطش للفن والثقافة.
التقت "البوابة نيوز" المخرج المسرحي محمد الشرقاوي، مدير فرقة مسرح المواجهة والتجوال، التابع للمسرح الحديث بالبيت الفني للمسرح، للتعرف على ما حققته الفرقة خلال المرحلة الثالثة، والمقترحات المقدمة بشأن المراحل المتبعة.
■ ما الذي حققه مشروع مسرح المواجهة والتجوال خلال المرحلة الثالثة؟
- في البداية نفذت الفرقة خلال هذه المرحلة الحالية ١٥٠ ليلة عرض في ١٥٠ قرية من قرى المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» بواقع ١٤ محافظة، والمستهدف من هذه المبادرة هو أن تتخطى ليلة العرض الواحدة ما بين ٢٠٠٠ إلى ٣٠٠٠ مشاهد يوميًا، ومستحق للدعم، وعرض ٧ عروض مسرحية ممثلة في فرق مسرح القاهرة للعرائس، والمسرح القومي للأطفال، ومسرح المواجهة والتجوال، بهدف الذهاب إلى ١٥٠ قرية من قرى المبادرة للمرة الأولى من خلال الإنتاج الاحترافي، فأغلب التنفيذ تم في مراكز الشباب أو المدراس، لتحقيق هدف الفرقة وهو "هنا والآن" بقلب الحدث واختراق العمق المصري، والوصول لمستحقي الثقافة والفن، تماشيًا مع مشروعات الدولة منها: البرنامج الرئاسي لتجديد وتطوير القرية المصرية والريف المصري وهي قرى «حياة كريمة».
■ ماهي العروض المقدمة خلال هذه المرحلة؟
- تقدم المرحلة الثالثة من المشروع ٧ عروض مسرحية وهي: «محطة مصر» لفرقة مسرح القاهرة للعرائس، من تأليف محمد زناتي، وإخراج رضا حسنين، وتدور أحداثه حول فتاة تتواجد مع والدها في محطة مصر وعند مغادرة الأب لقطع تذكرة القطار ترى الفتاة بعض العناصر الإرهابية يخططون لتفجير أحد القطارات في المحطة، فتحاول الطفلة منعهم من ذلك، لكنها تقع في أيدي الإرهابيين أسيرة ويقوم الأب والركاب المتواجدون بالمحطة بإبلاغ الشرطة، التي تتمكن من العثور على الطفلة والقبض على الإرهابيين وإفساد خطتهم.
«نجوم من خشب» لفرقة مسرح القاهرة للعرائس، فكرة وإخراج سيد رستم، والذي تدور أحداثه حول مجموعة من عرائس الماريونيت التي تتقدم للمشاركة بمسابقة فنية تحت عنوان «نجوم من خشب»، ويحاول كل منهم تقديم موهبته، ولكن يظهر «ديبو» الشرير، الذي يحاول إفساد المسابقة، وتتوالى الأحداث سريعا والتي جاءت للتأكيد على العديد من المعاني منها: حب الخير، والمواطنة، ونبذ العنف.
«حواديت الأراجوز» لفرقة المسرح القومي للأطفال، من تأليف راندا إبراهيم، وإخراج محسن عزب، وتدور أحداثه بين عم «زمان»، وشريكه في المكتبة «الأراجوز»، وذلك عبر قراءة مسرحية لبعض الكتب يتخللها التمثيل الاستعراض والغناء في جو فانتازي شيق للطفل والأسرة على حد سواء، كما يرسخ العرض مفهوم الطفل فى العديد من القيم التربوية والسلوكية الصحيحة.
أوبريت «الليلة الكبيرة» وهو من العرض الأكثر جماهيرية وشعبية فى تاريخ مسرح العرائس، ويشكل جزءًا من وجدان الشعب المصرى، والذي أصبح جزءًا من التراث الفني المصري الأصيل، ويعد أحد أهم إبداعات الفنان الراحل ناجى شاكر، وهو بانوراما للمولد الشعبي، الذي يعرض بطريقة مميزة ومبتكرة، والعرض من بطولة نجوم مسرح العرائس تأليف صلاح جاهين، موسيقى سيد مكاوى، ديكور مصطفى كامل، عرائس د. ناجى شاكر، وإخراج صلاح السقا.
«١٠١ عزل» لفرقة مسرح المواجهة والتجوال، تأليف علي عبدالقوي الغلبان، وإخراج محمد درويش، والذي تدور أحداثه في قالب من الدراما تخللها بعض المواقف الكوميدية للحياة الاجتماعية الصعبة، التي فرضتها طبيعة العمل على الأطقم الطبية خلال انتشار وباء كورونا المستجد، وكيف استطاع أبطال «الجيش الأبيض» النجاة بالوطن والمواطنين من أزمة الجائحة التي عصفت بالعالم.
■ ماذا عن الصعوبات التي تواجه الفرقة؟
- تعد المرحلة الثالثة من المشروع التي بدأت في ١٧ سبتمبر الماضي وحتى الآن، من أبرز الصعوبات التي واجهة الفرقة، منها على سبيل المثال أثناء التواجد بقرية بحر البقر بمركز الحسينية في محافظة الشرقية، فقد تخلي البعض عن أطراف المشروع كدعم له، نظرًا للظروف الاقتصادية التي تمر بها العالم الآن، وأيضا قرارات التخفيض والترشيد التي صدرت من قبل الدولة، كل ذلك كان سببًا في انخفاض الدعم، لكن بفضل الله والقدرة على الاقناع واستقطاب العناصر المؤمنة بالفكرة من بينهم: طلاب أكاديمية الفنون، ولاعبي العرائس، ونجوم مسرح الطفل، وغيرهم، كذلك كثرة المسافات الطويلة في رحلة السفر والتنقل من محافظة لأخرى من الدلتا إلى الصعيد، والتجهيزات، والفنيين، كل هذه الصعوبات تهون مع أول ابتسامه أو كلمة من الجمهور المتعطش لفن المسرح.
■ هل الجمهور سر نجاح مشروع المواجهة والتجوال؟
- في الحقيقة المسرح ملك للشعب المصري، كما تشاهد شريحة كبيرة من جمهور القرى والنجوع لعروض المسرح لأول مرة، فعلى الرغم من عنفوان أو قوة المسرح، فأنه فن حي منضبط، وتأثيره مستمر، وهناك فرق تكونت بسبب ما يحدث من المشروع خلال تنفيذ عدد من الورش التدريبية، فالجهور بمثابة كل شيء في المسرح، وكذلك المسرح بدون جمهور لا يصلح، لأنه يمثل الضلع الأول والمستهدف من العملية المسرحية، فالهدف الأساسي للمشروع هو محاربة الأفكار الأصولية التي تغلغلت في المجتمع، بسبب البعد عنهم لفترة طويلة، وبمجرد مشاهدة عروض المسرح وأيضًا المشاركة في الورش التدريبية لعلوم المسرح سواء كانت في التمثيل أو الديكور أو المكياج أو الإخراج.. إلخ، فإن هذه الآلاف من المشاهدين أو الحشد الجماهيري العريق يثبت نجاح وإيمان الفكرة، وأن من أهم أولويات هذه المرحلة الاهتمام بالطفل، وهذا في اطار مساعي وجهود الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة، والمخرج خالد جلال، رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي، فجمهور حياة كريمة ليسوا بعداء عنا، وجديرين بكل مشاكلهم وصعوباتهم، هذا الجمهور العريق المراد الوصول له من خلال عروض المشروع ومساهمته منا في رسم البسمة على وجوههم والبهجة والفرحة، كلها تسر قلوبنا وتمثل السعادة بكل معانيها.
■ هل حقق مشروع مسرح المواجهة والتجوال أهدافه؟
بالفعل حققت الفرقة أهدافها المنوطة بالمشروع، لكن المهم أن تكون الأهداف كثيرة، والأهم هو القدرة على الوصول لتحقيقه، وأعتقد أن الفرقة حققت هدفها بالوصول إلى العمق المصري بقرى حياة كريمة.
■ ماهي مقترحاتك بشأن تطوير هذا المشروع؟
أن يتسع المشروع ويتشعب أكبر من ذلك، وأن لا يكون قاصرًا على المسرح فقط، بل يشمل فنون أكثر مثل القوافل المتنقلة، وأن يكون هناك مكان أوسع يضم مسرح، بجانبه فرقة موسيقى عربية، ومنفذ لبيع الكتب، وكشك للفنون التشكيلية وغيرها، على أن تكون فعاليات متكاملة ومستمرة طول الوقت، لا تقتصر على اليوم الواحد فقط، فنحن نسعى بأن تكون في كل قرية فعالية.
كما اقترح زيادة عدد ليالي العرض والمسرحيات، ومشاهدة عروض مبادرة «ولد هنا» التي ينتج عنها ثلاثة عروض مسرحية وهي: «توتة توتة» للمؤلف طارق عمار، وإخراج السعيد منسي، والذي يتناول الحديث عن التنويريين من الدلتا، و«السمسمية» من تأليف وإخراج سعيد سليمان، والذي يتناول الحديث عن حكاوي المبدعين من إقليم القناة، و«يا مقبل يوم وليلة» تأليف طارق عمار، وإخراج محمد الشرقاوي، والذي يتناول الحديث عن التنويريين في صعيد مصر.