الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

حميد عنايت يكتب: تأملات فى الانتفاضة الإيرانية.. النظام الإيرانى يفقد كل يوم مصداقيته فى الداخل والخارج.. والمرشد الأعلى يستخدم كل الأسلحة لإخماد الاحتجاجات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يظهر الشعب الإيرانى استياءه الشديد، منذ سبعة أشهر، تلك الانتفاضة الشعبية التى واجهتها السلطات الدينية فى البلاد خلال الأشهر السبعة الماضية هى انعكاس للتعبير عن السخط العميق والمتراكم منذ فترة طويلة وأظهرت الاحتجاجات الإحباط والغضب الذى كان يغلى منذ ما يقرب من ٤٤ عاما وكان الرد الوحيد على هذا الضيق والغضب هو القمع العنيف الذى يمارسه النظام، جسديا ونفسيا واقتصاديا.. وعلى الرغم من كل شيء، يبقى الناس أكثر تصميما من أى وقت مضى على مواصلة النضال، إلى حد إسقاط الملالى لتحقيق الحرية والديمقراطية فى النهاية.
آفاق التغيير المؤكدة
بالإضافة إلى هذا الإصرار الشعبى، ظهرت عناصر واقعية أخرى أحدثت بعض التغييرات التى لا رجعة فيها.. الحقيقة أن ميزان القوى القائم بين الملالى والشعب لن يعود أبدا إلى حالته التى كان عليها قبل سبتمبر ٢٠٢٢.
فمنذ عام ٢٠١٧ وأول أعمال الشغب، ظهرت أزمة تلو الأخرى، وبدا النظام أنه يغرق ويفقد كل يوم مصداقيته، فى الداخل كما هو الحال فى خارج البلاد، أنصار النظام أكثر تكتما وأقل عددا بكثير وبالإضافة إلى ذلك، يدرك مختلف القادة السياسيين المؤسسيين، المطالب الشعبية ويدعون إلى تخفيف العقيدة حتى لا يخسروا كل شيء وتلك المسألة لا يقتنع بها المرشد الأعلى الذى تتفوق فيه العقيدة على كل شيء.. فى الواقع، يظل تخيل أن تطورا داخليا يمكن أن يحدث ويؤدى إلى تغيير سياسى فى إيران، أو حتى الانهيار التام للثيوقراطية؛ مجرد خيال.
دعاية
ويستخدم المرشد الأعلى كل الأسلحة التى بحوزته لمحاولة إخماد الانتفاضة وانتشرت فى الآونة الأخيرة حسابات كاذبة بدعم جيد من عملاء النظام فى الخارج ومن بين هذه الخطابات التى انتشرت على نطاق واسع، فى إيران مثلها مثل أى مكان آخر فى العالم، فكرة أن تغيير النظام سيؤدى بالضرورة إلى تفكك إيران، وهى قصة مصدرها فى مبانى المخابرات وفى النهاية فإنه لا ينفعك سوى مجهودك الشخصى.
يمكن للجملة، التى يتم التبشير بها على أنها كلمة إلهية، أن تخيف الأضعف أو الأكثر ترددا، والذين قد يضغطون بعد ذلك على أصدقائهم الثوريين، وإضافة إلى كل ذلك، لا توجد مثل هذه الحركة فى البلاد، والأفضل من ذلك، أن المجلس الوطنى للمقاومة يسمع هذه المزاعم ويعتبرها شرعية وهذا على وجه التحديد لأنه يمكن للجميع أن يشعر بالحرية فى الحفاظ على وحدة الأراضى الإيرانية.
 


من بين الأفكار الأخرى المتداولة، نلاحظ أيضا الفكرة التى من شأنها أن تجعل الباسداران القوة الحتمية للتغيير وهى فكرة دافع عنها نجل الشاه رضا بهلوى؛ لكن كيف يمكن لرجل يدعو إلى دكتاتورية جديدة تعتمد على القوى الاقتصادية والعسكرية فى النظام الحالى، أن يكون ذا مصداقية؟ من وجهة نظر الإيرانيين، لم يكن كذلك أبدا ولا يزال بإمكان عدد قليل من الصحفيين وعدد قليل من «الخبراء» ذوى المصالح المالية المستترة والأخلاق المشكوك فيها، التفكير فى التلاعب بالرأى العام بمثل هذه القصة.
إن ظهور ابن الشاه فى يوم ١٠ فبراير ٢٠٢٣ فى جورج تاون فى مؤتمر، هو حدث تم تنظيمه من قبل مجموعة ضغط مفضلة الوضع السياسى الراهن على الديمقراطية الحقيقية فى إيران لسوء حظهم، باءت هذه المحاولة بالفشل وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة، ظل المواطنون غير مبالين تماما.
ويمكن تلخيص مشكلة رضا بهلوى فى أحرف معدودة: «ش ا ه»، وكونه غير راض عن رغبته فى الاعتماد على الباسداران للسيطرة على البلاد، فهو يطمح إلى أن يصبح «ملك الملوك»، وهى ألقاب منحها والده لنفسه بالفعل، وطموحه يتعارض مع المطالب الشعبية، المواكب والجدران كلها تغنى نفس الأغنية: «يسقط الطاغية سواء كان شاه أو ملا!».
وعلى الساحة الدولية، لم تعد النتيجة أكثر إرضاء لعائلة الشاه الأخير ولا شك أن الميثاق الذى كان من المقرر أن يجمع كل المعارضين للدستور الحالى، قد أخذ منعطفا نحو الأسوأ لأن الغالبية العظمى من المجموعات المعنية رفضت التحالف المقترح، الأسوأ من ذلك، رفض أول الداعمين الرسميين لرضا بهلوى الاستمرار فى دعمه، وذهبت الممثلة نازانين بونيادى إلى حد حذف حسابها على تويتر.. أما بالنسبة للرحلة الرسمية الأخيرة لرضا بهلوى إلى إسرائيل، فقد سجلت تلك الزيارة انشقاقا أكثر مع الداعم المخلص حامد اسماعيلون.
ائتلاف المعارضة موجود بالفعل
يتطلب بناء التحالف بين الجماعات السياسية فى بلد ما، وخاصة بين الجماعات المعارضة للديكتاتورية، خصائص معينة، والتى بدونها قد تؤدى هذه الجهود إلى الانقسام وتأتى بنتائج عكسية. يجب أن تقوم على مبادئ مشتركة، وأن تكون متجذرة فى المجتمع وتعكس الرغبات العميقة للمواطنين، علاوة على ذلك، يجب أن تشمل الجماعات السياسية والأفراد الذين تم تحديد التزامهم بالقيم الديمقراطية بوضوح.
وأخيرا، يجب أن تتكون من مجموعات منخرطة فى مقاومة الديكتاتورية، تأسس المجلس الوطنى للمقاومة الإيرانية فى إيران منذ اليوم التالى لتولى الملالى السلطة ويجمع كل المعارضة الديمقراطية للملالى، وجميع الجماعات العرقية فى البلاد وجميع الأديان؛ كما ترك مكانا كبيرا للنساء، حيث يمثلن أكثر من نصف النواب البالغ عددهم ٥٠٠، وهو المكلف ببناء مستقبل الشعب الإيرانى.
معلومات عن الكاتب: 
حميد عنايت.. عالم سياسى، متخصص فى القضايا الإيرانية، يدعم المعارضة الإيرانية الديمقراطية «NCRI».. يطرح فى مقاله، بعض تأملاته عن الانتفاضة الإيرانية التى انطلقت منذ وفاة مهسا أمينى فى حجز الشرطة بدعوى عدم التزامها بالحجاب الإسلامى، وفق معايير سلطة الملالى.