هل يمكن لمشروع دراسة المومياوات المصرية أن يعيد كتابة التاريخ الحقيقي للفراعنة؟! أعتقد أن إجابة هذا السؤال هي نعم، خاصة بعد اكتشافنا مومياء الملكة "حتشبسوت"، هذا الكشف المذهل الذى صدم العالم كله ووصفته وكالات الأنباء الأجنبية بأنه "أعظم كشف أثرى تم بعد الكشف عن مقبرة الملك توت عنخ آمون".
ونشر الخبر على الصفحات الأولى بكل الصحف ومنها "نيويورك تايمز"، وكذلك المجلات العالمية مثل لوفيجارو وغيرها، وقد اتصل بي صديق من شيلي يقول إنها المرة الأولى التي يجد فيها خبر خاص بأي دولة عربية على الصفحة الأولى لصحيفة فى شيلي.
وعبر العديد من الأصدقاء عن مدى دهشتهم أن الملكة حتشبسوت كانت بدينة كما أظهرت مومياؤها، أما الوزيرة المثقفة فايزة أبو النجا وهى من أشد المعجبين بهذه الملكة التي حكمت أكبر إمبراطورية في العالم القديم كله عندما كانت مصر تجنى ثمار عصرها الذهبي، فكانت أكثر الناس دهشةً عندما أعلنا أن الملكة حتشبسوت كانت على شيء من البدانة، وذلك رغم عدم وجود أي دليل يشير إلى أن الملكة لم تكن جميلة، بل إن البدانة قد تعطى للمرأة جمال خاص.
ولذلك أؤكد أن حتشبسوت كانت إحدى ملكات مصر الجميلات التي جذبت بأنوثتها أهم المهندسين المعماريين في عصرها "سنموت"، الذى أصبح من عشاقها وبنى لها أجمل معبد جنائزي بنى لملك أو ملكة في مصر وهو معبد الدير البحري الشهير وسمحت له حتشبسوت بأن يدفن بجوار معبدها المقدس بل وكان "سنموت" أيضًا هو مربى ومعلم ابنة الملكة الأميرة "نفرو رع".
والمؤكد أن حتشبسوت لم تكن بدينة بالمعنى المفهوم للكلمة، حيث أنها سمحت للفنانين أن يصوروا على جدران معبدها بالدير البحري ملكة بونت بهذه الصورة التي تصورها كملكة قصيرة وبدينة جدًا ومن ورائها صور الحمار الذى كان يحملها كما لو أن المصري القديم كان يشعر بالأسى لمعاناة هذا الحمار الذى جاء تصويره صغير جدًا إلى جانب حجم الملكة.
فلم تكن لهذه الروح المرحة أن تظهر لو أن حتشبسوت صاحبة المعبد كانت بدينة ففي هذه الحالة كان الفنان سيشعر بالحرج الشديد من تصوير مثل هذا المنظر، وأثبتت نتائج الأشعة المقطعية أن حتشبسوت ماتت في سن الخمسين بعد معاناة من التهابات بعظمة الظهر وأيضًا من مرض السكر الذى عجل بموتها، كذلك ثبت أن مرض السرطان قد تمكن من الدم وقضى عليها تمامًا، والتهابات أسنان الملكة هو الذى جعلنا نكتشف السر الذى كان موجودًا داخل الصندوق بعد قيام المحنط بوضع السنة الساقطة من أسنان الملكة في صندوق الأحشاء حتى قادنا الحظ إلى العثور على هذه السنة التي أظهرت لنا حقيقة مومياء الملكة.
وقد ظهر أشخاص من أصدقاء الإله "ست" - إله الشر عند المصري القديم - ليس لهم صلة بالآثار ولكن الحقد يدفعهم إلى التشكيك وهذه عادة موجودة للأسف في البعض منا من الكسالى الذين لا يعملون ويغيظهم أن يروا العالم كله يتحدث عن المصريين الذين كشفوا هذا السر.
وأهم النتائج أيضًا هو أن الأدلة أثبتت أن الملكة لم تقتل كما أدعى البعض نتيجة الاعتقاد بأنها قد اغتصبت العرش من ابن زوجها الملك تحتمس الثالث، ولكن الملكة ماتت بالسرطان بعد حياة حافلة قويت فيها الإمبراطورية المصرية التي كانت في حاجة إلى حكمها وليس إلى حكم صبى واستطاعت أن تحكم ما يقرب من عشرين عامًا حافلة بالبناء والتعمير وتوسيع الإمبراطورية، ومازالت الأسرار والألغاز الخاصة بالمومياوات يتم الكشف عنها لمعرفة معلومات جديدة عن الفراعنة الذين حكموا العالم القديم بالعلم والمعرفة.