أصدرت محكمة الجنايات بالجزائر، أحكامًا بالسجن وصلت إلى 5 سنوات نافذة، لـ4 متهمين ضمن خلية تابعة لحركة رشاد الإرهابية، الثلاثاء الماضي، ضمت مجموعة متهمين مازالوا في حالة فرار في بلاد أجنبية، وذلك في قضايا التخابر مع دولة أجنبية وعملائها في خططها ضد الجزائر، وإهانة هيئة نظامية، مع الإساءة لشخص رئيس الجمهورية بعبارات تتضمن الإهانة والقذف، هذا إلى جانب تهم الترويج لأخبار وأنباء كاذبة من شأنها المساس بالأمن العمومي والنظام العام مع جناية الانخراط والإشادة بتنظيم إرهابي، ونشر أفكاره، ودعم أفراده بصور مباشرة باستخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال. وفقا لوسائل إعلام محلية.
وكان ممثل النيابة قد طالب المحكمة بتوقيع عقوبات تصل إلى ١٠ و٢٠ سنة، نظرا لخطورة الاتهامات الموجهة لأفراد الحركة المصنفة إرهابية في الجزائر بقرار من رئيس الجمهورية بناء على استشارة المجلس الأعلى للأمن بالبلاد. قبلها بيوم، أصدرت محكمة الجنايات بالعاصمة، أصدرت حكما غيابيا على كل من العربي زيتوت وأمير بوخرص بالسجن لمدة ٢٠ سنة بتهمة إنشاء منظمة إرهابية والترويج لأفكارها باستخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال، وبث منشورات تضر بالمصلحة الوطنية.
أذرع إعلامية تحريضية
كشفت القضية التي نظرها القضاء الجزائري عن تفاصيل المخططات التي تقوم بها الحركة الإرهابية بهدف شيطنة الشارع، والعمل على استمرار حالة الفوضى وعدم الاستقرار، وتوجيه المظاهرات والاحتجاجات لصالح شعارات خاصة بالحركة.
عثرت السلطات الأمنية في منزل أحد المتهمين ويدعى «س. رشيد» على كراسة كبيرة مليئة بالمدونات والمنشورات الداعمة للحركة، يبدو أنها معدة خصيصا لتسجيلها على الصفحات الإلكترونية التابعة للحركة، حيث دون بها المتهم منشورات أخرى تقوم بتأجيج الوضع بغية المساس بالسيادة الوطنية وسلامتها ووحدة ترابها، ومنها كتابات مؤيدة لـ«محمد عبدالله» أحد العناصر المنتمين للحركة، والذي تسلمته السلطات الأمنية من إسبانيا بعد توقيفه والتحقيق معه في مدريد، الأمر الذي أثار حفيظة عناصر الحركة ولا سيما الهاربين في الخارج، والذين ينشطون كذراع إعلامية.
كتابات المتهم التحريضية، استهدفت الدعوة إلى شن حرب إعلامية على إسبانيا لكونها سلَّمت «عبدالله» لدولة الجزائر، فدعا إلى مقاطعة المنتجات الإسبانية، وطرد السفير الإسباني من الجزائر، ووصف عملية التسليم بـ«الصفقة»، إلى جانب نشره عددًا من الصور لشخصيات إرهابية هاربة مثل: «محمد العربي زيتوت، وأمير بوخرص، وهشام عبود»، بالإضافة لتعمد نشره عدة صور مسيئة لرئيس الجمهورية.
قواعد أرضية
استطاع «رشيد» تجنيد آخرين عن طريق إطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي ترفع شعار «مكافحة الفساد»، واتفق مع عناصره الجديدة بالدعوة لمسيرات ضد الفساد، وأثناء خروج المسيرات الشعبية بالعاصمة تقوم العناصر برفع رايات وشعارات من تصميم حركة «رشاد»، بهدف توجيه الحراك الشعبي لخدمة أفكارها وتوجهاتها ومخططاتها.
الخلية المكونة من «رشيد و.ق، مصطفى وف، عبدالسلام، وسيدة كنيتها أم أمين» شاركوا في اجتماعات سرية، ودعوا إلى مسيرات حتى بعد صدور قرارات منع التجمهر والمسيرات غير المرخصة.
في أبريل من العام ٢٠١٩ نظم الأربعة اجتماعًا سريًا بمدينة تبسة حضره نحو ٤٠ شخصًا من مختلف المناطق ومن النشطاء الفاعلين في الحركة، وكان الاجتماع تحت إشراف بكاكرية عزيز، أحد الهاربين المطلوبين على ذمة قضايا تحريض وإرهاب.
كان الاجتماع المشار إليه يهدف إلى إنشاء قاعدة أرضية للحركة، وتنظيم مؤتمرات وملتقيات تحت إشراف الناشط دعدعي محمد، بمدينة بوزريعة في ولاية الجزائر، بمثابة تكملة للاجتماع الأول، وفي سبتمبر من العام نفسه تم توقيف «رشيد» رفقة أعضاء من الحركة، حيث حظوا بزيارات من محامين معروفين تطوعوا للدفاع عنهم مجانًا.
من العجيب، أن «رشيد» استفاد من عفو رئاسي، حيث خرج في العام ٢٠٢٠، ليبادر بحضور مأدبة عشاء لدى بعض عناصر الحركة من أجل تصوير مقطع فيديو وجه فيه رسالة شكر وامتنان إلى رئيس حركة رشاد مراد دهينة، المتواجد خارج الوطن، وهو أحد قياديي حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحل، كما تعهد لهم من خلال الفيديو بأنه سيواصل النضال ولن يخون القضية، وتم نشر هذا الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي.
تبرعات خيرية لصالح نشاط تخريبي
أكدت التحقيقات، أن المُدان «رشيد» حضر اجتماعًا تحضيريًا لإحياء ذكرى الحراك واقتراح مسيرة شعبية ببلدية برج منايل «تابعة لولاية بومرداس»، وكما عادة الجماعات الإرهابية في جمع التبرعات لصالح متضررين أو فقراء ثم يتم توجيهها لصالح نشاطاتهم الإرهابية، بدأ «رشيد» في فبراير من العام ٢٠٢٠ بالدعوة لجمع تبرعات مالية بحجة ترميم مسكن أرملة توفي زوجها يوم الانتخابات الرئاسية لكن الأموال حسب المتهم أخذت وجهة أخرى.
كشف أحد المتهمين، عن دوره في عقد اجتماع لتنظيم مسيرات، بالإضافة للعمل من خلال صفحته الشخصية على الفيسبوك، من أجل مساندة المدعو محمد عبد الله والإشادة بأعماله والتعاطف معه والمطالبة بمقاطعة الانتخابات والاستهزاء بها والدعوة إلى إضراب يوم ٢٧ سبتمبر.
ومتهم آخر عمل «أدمن» لصفحة «أخبار شعبة العامر» أنه حضّر مأدبة العشاء رفقة متهمين آخرين، وبعض شباب القرية بمناسبة خروج زميلهم والتقط فيديو مباشر وبثه على صفحته كما التقط صور الحركات الاحتجاجية وأخرى مساندة لأشخاص أوقفتهم مصالح الأمن وتم إيداعهم بجرم التجمهر.
قائمة الإرهاب
وأدرجت الجزائر، مطلع العام الماضي، عددا من الشخصيات المنتمية لتيارات متطرفة، مثل حركة رشاد الإخوانية، وأخرى لحركات انفصالية، مثل حركة ماك، ضمن قائمة الإرهاب، والتي تعمل في التحريض على البلاد من الخارج، وتستقر في عدة عواصم غربية منها لندن وجنيف وباريس.
ففي الوقت الذي ترفع فيه حركة رشاد، المصنفة منظمة إرهابية في الجزائر، شعارات مثل التغيير السلمي واحترام الحقوق والحريات، فإن الجهات الأمنية لا تتوقف في تفكيك خلايا تابعة للحركة تقود كتائب إلكترونية لاستغلال المناسبات الوطنية وخاصة ذكرى الحراك الشعبي لبث مجموعة من الشائعات والأخبار المضللة.
وشملت قائمة الإرهاب ١٠ شخصيات تابعة للحركة وهم: •مخيوبة يحيى، مراد دهينة، منصري منار، عباس عروة، محمد العربي زيتوت، مكي دواجي إبراهيم، بوذراع رضا، رشيد مصلي، بوخرص أمير، هشام عبود».
«رشاد»، التي تأسست في أبريل من العام ٢٠٠٧، أسهم في تأسيسها مجموعة من القيادات المنشقة عن تيارات إسلامية متطرفة مثل مراد دهينة منسق الحركة، والمقيم في سويسرا، وأبرز شخصية بها، حيث كان قياديًا بجبهة الإنقاذ الإسلامية، وصدر بحقه حكم غيابي بالسجن لمدة ٢٠ عاما.
ويرأس الحركة الإخواني محمد العربي زيتوت، وهو أحد المؤسسين، والصادر بحقه مذكرة اعتقال بتهمة الانتماء لجماعة إرهابية، سافر إلى لندن، وبعد أحداث الحرائق في الجزائر، الصيف الماضي، ألقت السلطات البريطانية القبض عليه أثناء قيامه ببث مباشر، ثم أخلت سبيله.