ألقى الدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة، كلمة بعنوان "الاقتصاد الرقمي ودوره في تعزيز التعاون العربي المشترك"، خلال مؤتمر ومعرض تكنولوجيات الاقتصاد الرقمي «سيملس الشرق الأوسط 2023» الذي ينظمه الاتحاد العربى للاقتصاد الرقمي وافتتحه الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية بدولة الإمارات العربية المتحدة، والذي أقيم المؤتمر والمعرض تحت رعايته، وبحضور السفير أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية، وعدد من الوزراء والخبراء من مختلف دول العالم.
وأكد الخشت، أن الاقتصاد الرقمي، أصبح منذ سنوات داخل مربع الأولويات الاقتصادية في عمليات تحديث المجتمع والدولة؛ مشيرا إلى أن الاقتصاد الرقمي بات أكثر أنماط الاقتصاد تصاعدا، خاصة مع ما فرضته جائحة كورونا التي حتمت على العالم التباعد وعدم التعامل المباشر على مستوى الجسد، ووسعت التعامل عبر التواصل الإلكتروني.. وهو الأمر الذي تميزت فيه مصر والإمارات وبعض الدول العربية.
وقال رئيس الجامعة، إن المؤتمر يأتي هذا العام حافلا بمحتوى جديد بالغ الأهمية حيث يتم عرض أحدث نسخة من الرؤية العربية للاقتصاد الرقمي والتي تحتوي على آليات مواجهة التحديات التي فرضتها الظروف العالمية خلال السنوات الأخيرة، مضيفا أن النسخة المحدثة من الرؤية العربية للاقتصاد الرقمى 2023 تهدف إلى تفعيل وتعزيز التعاون العربى المشترك المبنى على المعرفة الرقمية، وتطوير البنى التحتية التكنولوجية والتشريعية، ودعم خطط التحول الرقمى والتطور التكنولوجى فى الدول العربية، فضلا عن تناول الرؤية التحديات الإقليمية والعالمية التى فرضتها الأزمات الاقتصادية والجغرافيا السياسية.
وشدد الدكتور الخشت، على أن الأهداف الجديدة تؤكد قدرة صناع هذه الرؤية على التجديد ومواكبة المتغيرات وبما يجعل العالم العربي في قلب عملية الحداثة الرقمية، وفي القلب من تطوير الاقتصاد العربي وجعله اقتصادا قويا قادرا على احتواء وتجاوز أية متغيرات وإشكاليات تفرضها الظروف العالمية أيا كان نوعها، ليس فقط على مستوى الاقتصاد والتحول الرقمي عامة بل وأيضا على مستوى التعليم والتدريب الرقمي.
وأضاف رئيس جامعة القاهرة، خلال كلمته، أن مبادرة "نحو مليون رائد أعمال عربي رقمي حول العالم" التي تم إطلاقها، تعمل على التنمية من أجل خلق القيمة عن طريق تعليم الشباب العربي مهارات ريادة الاعمال الرقمية وتنمية قدرتهم على تكوين وتطوير الشركات الناشئة، ولا شك انها سوف تساهم في خلق وظائف جديدة في مجالات وظائف المستقبل.
وأشار إلى أن المبادرة ستعطي دفعة كبيرة للاقتصاد العربي بادخال مليون شاب عربي في قلب عمليات التحول الرقمي وتكوين شركات ناشئة جديدة علاوة على تطوير الشركات العاملة بالفعل، وكل هذا يفتح مجالات لا محدودة للتحول نحو الاقتصاد غير النفطي ويجعل الاقتصاد العربي في بؤرة الاقتصاديات العالمية.
واستعرض الدكتور الخشت ما قدمه مؤتمر ومعرض الاقتصاد الرقمي (سيملس الشرق الأوسط)، موضحا ان المبادرة به جاءت على مستوى العالم العربي منذ سنوات طويلة بالتعاون بين الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي مع مجلس الوحدة والجامعة العربية وجامعة القاهرة من أجل تمكين الاقتصاد الرقمي في الدول العربية تحت رعاية الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان.
وتابع: "لعل هذا المؤتمر الذي نشرُف بالمشاركة فيه تعبير قوي عن أهمية التحول الرقمي خاصة في المجال الاقتصادي، فعلى الرغم من امتداد الثورة الرقمية لكافة مجالات الحياة؛ فإن الاقتصاد الرقمي يأتي في مقدمة هذه المجالات وأخطرها؛ خاصة مع تنوع الممارسات والتكنولوجيات المرتبطة به، وذلك في إطار رؤية متميزة لضرورة التحول للاقتصاد الرقمي، في إطار منظومة عربية إقليمية متكاملة، ومتطورة، ومستدامة".
وأضاف الدكتور الخشت، أن هناك الكثير من الموضوعات التي تفرض نفسها اليوم وأبرزها: الأمن القومي الرقمي الخدمات والتجارة الإلكترونية والتطبيقات الذكية والخدمات المالية، والمدفوعات الرقمية والذكاء الاصطناعى، والخدمات المصرفية، والخدمات اللوجستية، والتسويق الإلكترونى، والتطبيقات الرقمية المتقدمة فى القطاعين العام والخاص.
وحول الذكاء الاصطناعي والدولة الحديثة، قال، إنه في الوقت نفسه الذي لا يزال دعاة الخطاب الديني القديم يفكرون في قضايا الاقتصاد الرعوي القديمة، فإن العقلاء الآن يعملون على توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في إعادة بناء هياكل الاقتصاد، بل وهياكل الدولة كلها وعلاقاتها الداخلية والخارجية، ويفككون العلاقة التقليدية بين الأفراد والمؤسسات، ويعملون على إعادة تشكيلها طبقا لنظم حديثة، لافتا إلي أنه يأتي الإيمان بضرورة توظيف الذكاء الاصطناعي في تمكين الاقتصاد الرقمي في الدول العربية، من الإدراك الخاص لأهمية التحول الرقمي لبناء اقتصادات رقمية متطورة ومستدامة بالبلدان العربية، ودعم خطط التحول والشمول المالي وتطوير البنية التحتية الرقمية.
وأكد الدكتور الخشت، أن تأسيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي من قبل مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في أبريل 2018 كان بهدف التركيز علي العديد من الأفكار حول مستقبل الاقتصاد الرقمي، وأهمية خلق نماذج اعمال جديدة، وخاصة فيما يتعلق بتوظيف "الذكاء الاصطناعي" في إدارة كافة العمليات الزراعية والصناعية والإنتاجية بشكل عام، والمنظومة البحثية والتعليمية، بالإضافة إلى الخدمات الصحية، وتحسين الخدمات الرقمية الأمنية.
وانتقد رئيس جامعة القاهرة بعض الأفكار التي مازالت تشعل صراعات وهمية ومعارك من الماضي لا فائدة منها علي المجتمعات ، قائلا:" في الوقت الذي لا تزال تعيش فيه أجنحة من المجتمع في غيبوبة الصراع حول معارك الماضي، وكل يوم تملأ الفضاء الرقمي بنزاعات حول قضايا وهمية أو فرعية، فإنه في المقابل توجد أجنحة أخرى عاقلة تعمل على قضايا التنمية والتقدم والحد من الفقر وتحسين جودة الحياة. ولا شك أن الاقتصاد أهم المسارات لتحقيق ذلك، وفي القلب منه الاقتصاد الرقمي".
شارك في مؤتمر ومعرض الاقتصاد الرقمي (سيملس الشرق الأوسط) نحو 500 شركة دولية، وتشهد نسخة هذا العام حضورًا مميزًا عبر تسجيل أكثر من 25٫000 زائر حتى الآن، بمشاركة أكثر من 500 متحدث من جهات عالمية، فى 200 جلسة متخصصة على هامش المعرض تُلقى الضوء على أحدث التقنيات والتحديات فى عالم الثورة الرقمية.