الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

مصريات

آلهة مصر القديمة| "حورس".. هزم عمه "ست" وأعاد النظام إلى الأرض

تمثال الإله حورس
تمثال الإله حورس في معبد الأقصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يُعتبر "حورس" هو أول معبود رسمي للدولة والملكية في التاريخ المصري القديم، وابن طرفي أسطورة الوفاء المصرية الخالدة "إيزيس وأوزيريس"، وهو الرمز الأشهر في الدولة المصرية، والذي أثير حوله مؤخرا جدلا في وسائل التواصل الاجتماعي.
ويرى المؤرخ جيمي دان أن حورس أحد أهم الآلهة المرتبطة بالطيور الذي يتقمص الكثير من الأشكال ويُصوَّر تصويرًا مختلفًا جدًا في النقوش، لدرجة يصبح تمييز حورس الحقيقي أمرًا مستحيلً، حسب زعمه. حورس في الغالب تسمية عامة لآلهة الصقور. ومع أنها تسمية صحيحة، فإن اسم حورس سيظهر ليشير إلى الإله الأكبر من الخمسة الأوائل أو ابن أوزيريس وإيزيس الذي هزم عمه ست واسترجع النظام إلى الأرض.


وبالاستناد إلى القصص التي روت معاركه مع ست، فقد أصبح أيضًا إله الحرب، وقد ابتهل له الحكَّام المصريون قبل المعركة ومدحوه وعظموه بعدها. وبمرور الوقت، اتحد حورس مع إله الشمس رع ليشكلا إلهًا جديدًا: رع حراخت إله الشمس الذي ينطلق عبر السماء خلال النهار، وصُوِّر بهيئة رجل برأس صقر يرتدي التاج المزدوج لمصر العليا والسفلى ويعتليه قرص الشمس ورموزه هي عين حورس (إحدى أشهر الرموز المصرية) والصقر.
وقد أطلق على "حورس" ألقابًا عديدة، أهمها "حورس سيد السماء"، و"حورس المتقدم على العينين"، و"حورس المنتقم لأبيه"، و"حورس موحد الأرضيين"، و"حورس الأفقين"؛ أما عن معابده، أقدمها في الصعيد معبد "نخن"، وأقدمها في الدلتا في دمنهور، وأشهرها معبد "حورس" في إدفو؛ كما ان أشهر صورة لـ "حورس" والتي توجد في معابد مصر كلها عبارة عن شكل قرص الشمس بجناحين كبيرين ذات ألوان مختلفة وصفا بأنهما الجناحان ذو الريش المختلف الألوان التي تتمكن بهما الشمس من أن تطوف السماء، وكانت تُعتبر حارسًا يحول دون دخول الأشرار المعبد.
ويضطلع حورس بذات مهمة حتحور وآلهة أنثوية أخرى، إذ ينبثقن من رع ويعدن إليه ويحدثن التحول. وتُعد الشمس والقمر عيني حورس لأنه يراقب الناس ليلًا نهارًا، وقد يقترب منهم عندما يواجهون المشكلات ويعترضهم الشك.
وحسب الأسطورة، بعد أن مزّق "ست" جسد أخيه "أوزيريس"، أنجبت "إيزيس" حورس وحيدة في مستنقعات الدلتا. واختبأت ووليدها في الأدغال بعيدًا عن ست وشياطينه، وخرجت في الليل فقط بحثًا عن الطعام تحرسها سبعة عقارب قدمتها لهم الآلهة سيلكيت التي جالست حورس وراقبته عندما كانت إيزيس تخرج. وقد اعتنت إيزيس وسيلكيت ونيث بحورس وعلمنه في منفاهم حتى شب وأصبح رجلًا وكان قويًا كفاية ليتحدى عمه ويقارعه لاسترجاع مملكة أبيه.
توجد روايات مختلفة للمعركة التي نشبت بين الاثنين، ولكن أشهرها مخطوطة "تنازع ست وحورس" التي تعود إلى حكم الأسرة العشرين (1090-177 قبل الميلاد) وتصف نزالهما على أنه اختبار أمام هيئة تحكيم من تسعة آلهة قوية. يتقدم حورس في هذه الرواية بشكوى على عمه الذي كان أحد التسعة، ويدَّعي فيها أن ست قد انتزع العرش بصورة غير شرعية من أوزيريس الذي كان أيضًا أحد الحكام التسعة.


طُلِب من هيئة التحكيم أن تختار إما ست أو حورس، واختار أغلب الآلهة حورس، لكن رع -الإله الأعلى- زعم أن حورس صغير جدًا وتعوزه الخبرة، أما ست فلديه أحقية أفضل بالحكم. ولذلك يجب على الاثنين أن يتنافسا في سلسلة من المعارك ليثبتا أي منهما الأفضل لاستلام الحكم. في هذه المعارك يفقد حورس عينًا، أما ست فيُخَصى -أو يتأذى بشدة- لكن حورس يخرج منتصرًا في كل مرة.
تستمر هذه المعارك ثمانين عامًا، ويستمر رع بنكران حورس وأحقيته بالحكم. في تلك الأثناء تعاني مصر تحت حكم ست وتكافح إيزيس لتفعل شيئًا يساعد ابنها وشعبها، لذلك تحوِّل نفسها لامرأة شابة جميلة وتجلس قبالة قصر ست وتبدأ بالبكاء. وعندما يخرج ست ويراها، يسألها عن سبب حزنها وتخبره أن شقيق زوجها الشرير قد قتله وأخذ أرضه إضافة إلى أنه يبتغي حياة ابنها وقد نفاها إلى الأراضي المستنقعية والأدغال حيث لا أصحاب لها سوى العقارب.
ووفق الباحث الأثري أحمد عامر، فقد نشأ جدل كبير بين العلماء حول موطن الإله "حورس" الأصلي. وبينما كانت مصر في ذلك الزمن خاضعة لحكومتين الواحدة في الصعيد والأخرى في الدلتا، أُطلق على هاتين الحكومتين "أتباع حورس" أو أنصاف الآلهة، وكان اللقب "الحوري" أول الألقاب الملكية الخمسة التي حملها الملوك طوال العصور الفرعونية؛ حيث كان إله الأسرات لكل مصر والابن المنتقم لـ  "أوزيريس".
وقد أطلق المصريون القدماء على أربعة معبودات أبناء لـ"حورس" وهم "أمستي" و"حابي" و"دواموتف" و"قبح سنوف"، وقد اعتبروهم أصلًا من السماء، وقد ذكرتهم نصوص الأهرام من عهد الدولة القديمة كمصابيح تساعد الموتى وهم في طريقهم إلى السماء، هذا واعتبره المصريون القدماء أيضًا معبودات ترمز إلى أركان الدنيا الأربعة، فـ"حابي" يرمز للشمال، و"أمستي" للجنوب، و"دواموتف" للشرق"، وقبح سنوف" للغرب، وقد اعتاد المصريون القدماء منذ عهد الدولة الوسطي على كتابة أسمائهم على التابوت الأربعة، إذ كانوا من القائمين على حراسة جثة "أوزيريس" أثناء عملية الإعداد لدفنها، ومن ثم ارتبطت بهم مهمة المحافظة على سلامة أحشاء الموتى، وأصبحت سدادات أواني الأحشاء تصنع في صورة رأس من رؤوس هذه المعبودات الأربعة، وهناك نصوص من العصر المتأخر تتحدث عن الأجزاء التي يتولى كل معبود المحافظة عليها وهي أجزاء غير مادية بل معنوية فيحافظ "أمستي" على "الكا" أي القرين، و"حابي" على "الإيب" أي القلب، و"دواموتف" على "البا" أي الروح، و"قبح سنوف" على "السا" أي "الشخصية الوقورة" للميت نفسه.