لا يزال الخلاف حول موارد المياه بين النظام الإيرانى وحركة طالبان الأفغانية مستمرا، فمسئولو طهران يطلقون التصريحات التحذيرية، وفى المقابل يسخر مسئولو الحركة من تلك التصريحات.
وظهر مسئول فى طالبان فى مقطع فيديو يحمل دلوا على حافة خزان ويقول إنه يريد إعطاء المياه لإيران، كما سخر من رئيس النظام الإيرانى إبراهيم رئيسى الذى استخدم لغة التهديد فى وقت سابق، وقال فى سخريته: «أريد أن أمنح الماء، حتى لا يشن الرئيس الإيرانى هجوما عسكريا».
ودحضت وزارة الخارجية الإيرانية مزاعم طالبان بشأن نقص المياه الكافية فى نهر هيرماند، بسبب مشروع للإفراج عن حصة إيران من مياه النهر، وقالت إن بيان طالبان بشأن القضية يحتوى على معلومات متناقضة وكاذبة.
وقال وزير الطاقة، على أكبر محرابيان، الجمعة الماضية، إن الحكومة عازمة على متابعة حقوق إيران المائية بموجب معاهدة المياه الأفغانية الإيرانية الموقعة فى مارس 1973 لتنظيم استخدام النهر، وأضاف أن ادعاء طالبان بعدم وجود مياه كافية لتدفق من سد كاجاكى باتجاه الحدود الإيرانية أمر غير مقبول ويتعارض مع تجربة السنوات القليلة الماضية.
كما اتهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الحكومة الأفغانية فى تغريدة بعدم السماح للخبراء الإيرانيين بالتحقيق فى الأمر فى أفغانستان رغم طلباته المتكررة، فيما قال المتحدث باسم منظمة الفضاء الإيرانية، حسين داليريان، إن الصور من القمر الصناعى الإيرانى الخيام تشير إلى أن الحكومة الأفغانية أوقفت المياه من الوصول إلى إيران عن طريق تغيير مسار النهر فى بعض المناطق وبناء حواجز عديدة.
وأثر توقف تدفق المياه من أفغانستان بشكل خطير على حياة مئات الآلاف فى مقاطعة سيستان وبلوشستان الجنوبية الشرقية، بينما تقول أفغانستان إنها بحاجة إلى سدود لتخزين المياه للزراعة أو لإنتاج الكهرباء، التى تستوردها من الدول المجاورة بما فى ذلك إيران.
وتقول الحكومة الإيرانية وعلماء البيئة، إن بناء السد على نهر هلمند الأفغانى سيعمق المشاكل فى المقاطعات الشرقية لإيران، لا سيما فى سيستان وبلوشستان حيث تندر الموارد المائية، وكان لانخفاض هطول الأمطار منذ أواخر التسعينيات، والذى تسبب فى فترات جفاف طويلة فى حوض هلمند، فضلا عن سوء إدارة المياه فى كل من أفغانستان وإيران، آثارا بيئية واقتصادية واجتماعية خطيرة.
فى مارس 2021، قال الرئيس الأفغانى السابق أشرف غنى، فى خطاب متلفز بمناسبة افتتاح سد كمال خان فى ولاية نمروز، إنه بينما تظل أفغانستان ملتزمة بالمعاهدة، لكنه أضاف أن أى شيء يتجاوز الحصة المنصوص عليها" يتطلب مزيدا من المناقشة، واقترح أن تدفع إيران مقابل المياه الإضافية من نهر هلمند من خلال تزويد بلاده بالنفط.
وفى سياق متصل، أعلن أحد وزافة، رئيس المركز الوطنى لإدارة الجفاف والأزمات التابع لهيئة الأرصاد الجوية فى إيران، عن انخفاض المياه الجوفية ونقص حاد فى موارد المياه فى البلاد.
وبحسب مسؤولين إيرانيين فإن ناقوس الخطر فى أزمة المياه والجفاف فى إيران دق منذ فترة طويلة، وحذر العديد منهم إزاء أوضاع شح الموارد المائية فى البلاد، وبهذا الخصوص، أكد رئيس منظمة البيئة الإيرانية على سلاجقة، فى 21 ديسمبر الماضى، إن نقص الموارد المائية فى إيران فى مرحلة خطيرة.
وفى أحدث ردود الفعل على أزمة المياه فى إيران، أكد وزافة فى مقابلة مع موقع "خبر أون لاين" الإيرانى قائلا: «أدى الاستخدام المفرط للموارد الجوفية إلى انخفاض تخزين هذه المياه وتحول العديد من السهول المائية فى البلاد إلى سهول مموعة الاستخدام».
وقال رئيس المركز الوطنى لإدارة الجفاف إن أزمة شح المياه أثرت على البلاد بأكملها باستثناء السواحل الشمالية، ولكن حتى فى هذه المناطق، رغم أن الأمطار قضت على أزمة شح المياه بالفعل، ولكن بسبب الأعمال الزراعية ومياه الصرف الصحى، فقد تلوثت المياه وأصبحت غير قابلة للاستخدام.
كما أعلن هادى بيجى نجاد، عضو لجنة الطاقة فى البرلمان الإيرانى، قبل أيام قليلة، ناقوس الخطر فى مجال الموارد المائية، من ناحية أخرى، وبحسب آخر الإحصاءات الرسمية للشركة الإيرانية لإدارة الموارد المائية، فإن سدين مهمين لتزويد مياه الشرب، وهما سد لار فى طهران وسد إيكباتان فى همدان، يمتلكان احتياطيين 2% فقط.
وأفادت شركة إدارة الموارد المائية الإيرانية أنه من بين السدود المهمة لتزويد المياه الصالحة للشرب فى البلاد، ويوجد 11 سدا بمعدل ملء أقل من 20٪، وأكثر من 80٪ من سعتها، ووفقا للإحصاءات نفسها، يبلغ إجمالى احتياطى المياه فى سدود البلاد 18 مليارا و50 مليون متر مكعب، وفى المتوسط ، حوالى 63 فى المائة من خزانات السدود فى البلاد فارغة.
أما بالنسبة للعاصمة الإيرانية فالوضع أسوأ، وسدود طهران باحتياطى يبلغ 279 مليون متر مكعب، فى حالة غير مسبوقة منذ نصف القرن الماضى، وكان الخبراء قد حذروا فى وقت سابق من عواقب الإجهاد المائى، مثل زيادة حالات الجفاف لفترات طويلة، ومخاطر الطقس مثل العواصف الترابية.