«إنشالله ولد» المشاركة الأولى للأردن فى المهرجان الفرنسى طوال تاريخه.. و«بنات ألفة» يتناول قصة تونسية قلبت العالم فى 2016.
شهدت الأفلام العربية ردود فعل جيدة عقب عرضها العالمى الأول بمهرجان كان السينمائى فى نسخته الـ76، والذى تستمر فعالياته حتى 27 مايو الجاري، إذ عرض فيلم «إنشالله ولد» للمخرج أمجد الرشيد، ضمن فعاليات مسابقة أسبوع النقاد.
ويعتبر العمل بمثابة المشاركة الأولى للأردن في المهرجان الفرنسى طوال تاريخه، ويُعد أيضًا العمل الروائى الطويل الأول لمخرجه، وكذلك عرضت التونسية كوثر بن هنية فيلمها الروائى الطويل الخامس «بنات ألفة» ضمن منافسات المسابقة الرسمية على جائزة السعفة الذهبية.
يتعمق «إنشالله ولد» فى قضية شائكة تؤرق الكثيرين فى العالم العربى، ويتتبع الفيلم قصة نوال «منى حوا»، وهى أم وربة منزل يموت زوجها فجأة بشكل غير متوقع، مما يضعها وابنتها فى مواجهة قوانين الميراث الأبوية فى الأردن، وذلك لأن نوال ليس لديها ولد، يحق لأسرة زوجها الحصول على معظم ممتلكاتها، بما فى ذلك منزلها «الذى دفعت ثمنه بنفسها»، لتضطر نوال إلى الكذب بأنها حامل مما يؤخر الإجراءات القانونية لمدة 9 أشهر، على أمل أن يكون المولود ولدا.
يروى الرشيد فى مقابلة مع مجلة «هوليوود ريبورتر» أنه استوحى قصة الفيلم من مأساة لإحدى قريباته التى كرست حياتها لخدمة عائلتها وابنتها وزوجها، وعندما اشترت منزلا بأموالها الخاصة، طلب منها زوجها نقل صكوك الملكية باسمه، لأنه من العار أن يعيش الرجل فى بيت زوجته كما يقول، وعندما مات زوجها، حضرت عائلته وقالوا لزوجة ابنهم أنهم سيسمحون لها بالعيش فى المنزل.
كانت هذه الجملة هى التى حفزت المخرج على كتابة القصة ومحاولة الإجابة على العديد من الأسئلة الكبيرة: «ماذا لو لم يقولوا هذا؟ ما هى خياراتها؟ ماذا لو قالت لا؟».
وأوضح «الرشيد» خلال المقابلة أن هدفه الوحيد هو دفع الناس إلى إعادة التفكير فيما تم توارثه لسنوات عديدة، مضيفا أنه يفضل الأفلام التى تبدأ بعد مغادرته قاعة السينما.
وفى مراجعتها بموقع «Loud and Clear Reviews»، قالت الناقدة سيرينا سيغيدونى، إنه بفضل السيناريو المفصل بشكل لا يصدق والذى يجعلنا نشعر بالأصالة تجاه كل شخصية من شخصيات الفيلم، يضعنا المصور السينمائى كانامى أونوياما، ومصمم شريط الصوت لى هاريك، مع شخصيات الرشيد فى أماكن مغلقة وينقل لنا مشاعرهم بدقة بالغة.
وتابعت: «إننا نصبح فى هذا الشريط المؤلم شهودا عاجزين على المأساة التى تتكشف أمام أعيننا يصبح كل واحد من الرجال الذين نواجههم شخصية غير مرغوب فيها».
ووأوضحت أنه فى خضم كل هذا، كل ما نريده ليس تطورًا سيئًا يقلب الموازين، بل حقا بسيطا وأساسيا من حقوق الإنسان يعتبره معظم الجمهور الغربى أمرًا مفروغًا منه، وهو أن تترك نوال وشأنها.
وأشارت «سيغيدونى»، إلى أنه ليست أزمة نوال وحسب هى المسيطرة على أحداث الفيلم، وإنما هناك الكثير من النساء فى شريط الرشيد كل واحدة منهن تتعامل مع جانب مختلف من نفس الموقف بالضبط، حيث أصبح الرجال تجسيدا للنظام القمعى المسيطر فى البلاد، لدرجة أن خياراتهم تنحصر بين التمرد بارتكاب خطيئة أو قضاء بقية حياتهم بمفردهم.
وقالت: «فى النهاية، لا يوجد أشرار هنا، كل شخص يعانى فى هذا النظام من عدم المساواة حيث لا يستطيع حتى الشخص الذى يريد السيطرة على حياته أن يفعل. فى بعض الأحيان، تتصرف نوال بشكل غير عقلانى ولكن بدافع من كفاحها المثير من أجل الاستقلال وأن تفوز الأجيال القادمة بالمساواة، فإن أداء منى حوا المخلص والشجاع سيفوز بتأييد الجمهور دون شك».
واختتمت: «إن شالله ولد، هو عمل مهم بشكل لا يصدق، نظرا للكم الهائل من الموضوعات التى يقترب منها فى أقل من ساعتين، مع الاحتفاظ دائما بمشاهدة آسرة وجذابة ومرعبة للغاية».
أما فيلم «بنات ألفة» للمخرجة كوثر بن هنية، والذى يمزج ما بين الروائى والوثائقى؛ يتناول قصة التونسية ألفة الحمرونى التى ذاع اسمها فى كل أنحاء العالم سنة 2016، بعد إثارتها علنا مسألة تطرف ابنتيها المراهقتين رحمة وغفران، وتركت الشقيقتان تونس للقتال فى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية فى ليبيا، حيث اعتقلتا وأودعتا السجن.
ووفق مراجعات أجنبية للفيلم، تتولى ألفة الحقيقية توجيه الممثلة التى تقوم بدورها فى الفيلم هند صبرى، فيما تشرف ابنتها آية الشيخاوى على الممثلتين اللتين تجسدان شخصيتى رحمة وغفران، فيما تقوم بن هنية بإعادة بناء مشاهد من الحياة اليومية للعائلة واستخدام أرشيف نشرات التلفاز التى تتطرق للحادثة.
وفى مراجعتها بموقع «فارايتى»، ذكرت جيسيكا كيانج أنه غالبا ما تخاطب ألفة وابنتها آية الكاميرا مباشرة، إما بشكل منفصل أو معا كوحدة عائلية تضحك وتبكى وتتشاجر، وفى أوقات أخرى، تظهر مشاهد من ماضيهم الذى نتذكره، وإن كانت ألفة تحوم فى الخلفية كشاهدة على ذكرياتها الخاصة، ولكن من الواضح أن الجانب الأكثر عاطفية فى فيلم «بنات ألفة» هو الطريقة التى تتفاعل بها الشخصيات الحقيقية مع الممثلين خلال اللحظات المرتجلة.
وتضيف كيانج، أنه مع وجود العديد من خطوط السرد وتداخل الأنواع داخل الفيلم، إلا أنه من الصعب عزل أى منهما كون كل رابط يمثل حلقة مؤثرة مع الآخر، وربما لم نعتد ببساطة على رؤية هذا النهج التجريبى بشكل علنى يطبق على قصة حول النضالات اليومية للمرأة العربية فى بلد يغلب عليه الطابع الإسلامى.
كما ذكرت لوفيا جاركى، الناقدة بموقع «هوليوود ريبوتر»، أن قصة الفيلم آسرة فهى عن الذاكرة والأمومة والصدمات الموروثة فى المجتمع الأبوى.
وأضافت أنه يتعامل مع مواضيع مشابهة لموضوعات فيلم «In Flames» لزرار خان، وهو مشارك أيضا فى مهرجان كان ويستكشف العلاقات بين الأمهات والبنات والأنظمة القمعية، كما أنه يشبه الفيلم الوثائقى لروبرت جرين Procession، وهو تدريب تعاونى فى التعافى من الصدمات.