قال الشاعر شريف رشاد: لم يكن فوز "القاسمي" ضربة حظ أو رمية للنرد إنما هو الوجه الحقيقي للنهضة الأدبية في عمان؛ وقد تجلى ذلك في مجال الشعر من قبل بفوز عدد من المبدعين العمانيين بالجوائز الكبرى مؤخرا، وهذا يعكس العمل الدؤوب للثقافة العمانية والتى ظهر نتاجها جليا وواضحا.
وأضاف، أبارك لـ "زهران القاسمي" على فوزه بالبوكر بعمله الرائع "تغريدة القافر" وهو الشاعر الذي ارتحل من الشعر إلى الرواية ففاق التوقعات وأثبت جدارته بالفوز في هذا المضمار بجائزة من أكبر الجوائز في مجال الرواية، وإن كنت أتمنى أن يعود للشعر سريعا بحكم غيرتي الشعرية.
وتابع: أبارك لكل مبدعي عمان وأتمنى استمرار هذه النهضة في تلك البقعة الهادئة من العالم العربي،وأتمنى أن نلقى الضوء أكثر على التجربة العمانية في شتى المجالات الثقافية لما نأمله فيها من إضافات للثقافة العربية والإنسانية على حد سواء.
جاء ذلك بعد كشف محمد الأشعري، رئيس لجنة التحكيم، عن اسم الرواية الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر" لعام 2023 والتي حصل عليها الكاتب العماني زهران القاسمي عن روايته "تغريبة القافر"والصادرة عن دار رشم، وذلك خلال حفل الإعلان بأبو ظبي، والتي تبلغ قيمتها 50 ألف دولار أمريكي، علاوة على تمويل ترجمة الرواية إلى اللغة الإنجليزية، بهدف الترويج لها على المستوى العالمي وتحقيق زيادة في مبيعاتها.
وقال محمد الأشعري، رئيس لجنة التحكيم عن حيثيات اختيار الرواية الفائزة: "اختارت لجنة التحكيم رواية تغريبة القافر لزهران القاسمي للفوز بالجائزة؛ لكونها اهتمت بموضوع جديد في الكتابة الروائية الحديثة وهو موضوع الماء في علاقته بالبيئة الطبيعية وبحياة الإنسان في المناطق الصعبة. وقد قدّم الكاتب لنا هذا الموضوع من خلال تآلف مستمر بين الواقع والأسطورة، ويفعل ذلك من خلال بناء روائي محكم ولغة شعرية شفافة ومن خلال نحت شخصيات مثيرة تحتل دورًا أساسيًا في حياة الناس وفي نفس الوقت تثير نفورهم وتخوّفَهم. وقد استطاع الكاتب أن يقرّبنا من مسرح غير مؤلوف للرواية المتداولة في الوطن العربي، هو مسرح الوديان والأفلاج في عُمان وتأثير العناصر الطبيعية في علاقة الإنسان بمحيطه وبثقافته".
وتدور أحداث الرواية في إحدى القرى العُمانية وتحكي قصة سالم بن عبدالله، أحد مقتفي أثر الماء، تستعين به القرى في بحثها عن منابع المياه الجوفية. تقع أحداث الرواية في عالم الأفلاج، النظام الفلاحي لريّ البساتين، المرتبط بالحياة القروية في عُمان ارتباطًا وثيقًا الذي دارت حوله الحكايات والأساطير. ويطرح الكاتب سؤالًا مهمًا على القارئ: ماذا لو أن هذه المادة التي تمنح الحياة للكائنات هي مصدر لموتها أيضا من خلال ندرتها أو فيضانها؟ ارتبطت حياة القافر منذ ولادته بالماء، فأمّه ماتت غرقًا، ووالده طُمر تحت قناة أحد الأفلاج حيث انهار عليه السقف، وينتهي القافر سجينًا في قناة أحد الأفلاج ليبقى هناك يقاوم للبقاء حيًا. تغريبة القافر رواية تُعيد للراوي وظيفته الأولى وهي ريّ الناس وإشباع ظمئهم.
يذكر أن زهران القاسمي شاعر وروائي عُماني، من مواليد دماء والطائيين، سلطنة عُمان، عام 1974. صدر له ثلاث روايات قبل تغريبة القافر، هي "جبل الشوع" (2013)، " القنّاص" (2014)، و"جوع العسل" (2017)، بالإضافة إلى عشرة دواوين شعرية و"سيرة الحجر 1 (قصص قصيرة، 2009) و"سيرة الحجر 2" (نصوص، 2011).