سيناء قبلة المستثمرين، نتاج فكر ورؤية القيادة السياسية التي أعادت اكتشاف عبقرية موقع مصر الجغرافي وتحويلها لأهم عقدة تجارية واقتصادية ولوجستية وصناعية في العالم.
نطالب منذ عقود أن يتم تعمير سيناء، ولكن لم يكن في خيال أكثر الحالمين، أن تصبح سيناء منصة ثورة صناعية مصرية جديدة، الرئيس السيسي لم يكن يتوقف عن فكرة التعمير التقليدي لشبه جزيرة سيناء، ولكن تعمير وتأهيل سيناء أصبح اليوم هو توطين الصناعة والإنتاج والتجارة الدولية في سيناء وجعلها سنغافورة الشرق، الجديد اليوم هو الإعلان عن قناة سويس ثالثة بخط سكة حديد بين العريش وطابا، خط يدمر وينهي أحلام إسرائيل في أن تمتلك ميناء على سواحل المتوسط قادر على منافسة مصر أو قناة السويس ولو جزئيًا.
فبينما إسرائيل تحاول صنع قناة بديلة، فإذا بالسيسي بخطوات استباقية يدمر أحلامهم، لتحلق مصر بعيدا سواء بحفر قناة السويس الثانية، أو إنشاء محور قناة السويس أو تحويل المنطقه الاقتصادية للقناة إلى واحدة من أهم مرتكزات الثورة الصناعية الدولية الرابعة، وأصبحت اليوم قبلة المستثمرين حول العالم أجمع، وأخيرًا تحويل سيناء إلى منطقه صناعية وتطهيرها من الإرهاب، وافتتاح ميناء العريش مرة أخرى.
فما هي تفاصيل المشروع التي تنظر إليه إسرائيل باعتباره قناة السويس الجديدة؟ وما هي أوجه الاستفادة، وكيف نحمي هذا الإنجاز؟
لو كان الإنجاز الوحيد في الوقت الراهن هو تطهير سيناء من الإرهاب وإعادة تعميرها وتحطيم حلم إسرائيل بالعودة مرة أخرى تحت زريعة محاربة الإرهاب، وربط سيناء بأرض الوطن بثلاثة أنفاق لاكتفينا به، لكن سيناء مع موعد جديد لأهم مشروع، وهو مشروع إنشاء خط سكك حديدية بين العريش وطابا لإنشاء محور لوجستي جديد يحقق طفرة في نقل البضائع والتجارة من خلال الربط بين البحرين المتوسط والأحمر في خليج العقبة، هذا المشروع سيضاعف قيمة مصر كأهم نقطة في التجارة الدولية طريق الحرير الصيني، ويجعل من سيناء أفضل وجهة للمستثمرين الدوليين، ويحولها لأهم نقطة صناعية لتخزين وتجميع البضائع في العالم الذي يحتاج للعبور بسفنه، فقناة السويس القديمة ومن يريد إنزال بضائع وتحميل بضائع أخرى، وهنا تصبح مصر وسيناء من أهم القواعد الصناعية والتجارية والتخزينية في العالم.
المشروع يحسم مبكرا أي أوهام لصناعة بدائل لقناة السويس، لأن مصر بالفعل تقوم بعمل خط سكك حديدية كهربي سريع يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط وصفته صحف عالمية على أنه خامس أكبر شبكة نقل في العالم تربط مصر من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، هذه المشروعات سواء تطوير قناة السويس الأولى ومحورها الاقتصادي وعمل قناة السويس الثانية وعمل خط السكك الحديدية العين السخنة العالمية وعمل خط طابا العريش الجديدة، وهي الترجمة الحرفية والعملية لإعادة اكتشافها واستغلال موقع مصر الجغرافي كقلب العالم ومصيفة، لتكون مصر أهم نقطة اقتصادية وتجارية ولوجستية وتخزينية في العالم.
المنطقة الاقتصادية لقناة السويس منذ إطلاقها جمعت أكثر من ٨٣ مليار كاستثمارات أجنبية، وأصبحنا اليوم من كبار منتجي الهيدروجين الأخضر من محور قناة السويس، ووقعت الصين وقعت مؤخرًا أكبر صفقة من نوعها لاستثمار ٨ مليارات دولار في محور قناة السويس، كما أن روسيا وقعت عقدا لتوسيع المنطقة الصناعية في قناة السويس في صفقه تاريخية، حتى أن صحفا أجنبية وصفت ما يحدث في سيناء بأنها هجرة جماعية لشركات صناعة الإلكترونيات خاصة الهواتف الذكية، والأجهزة الكهربائية إلى مصر، لتكون قناة السويس ليست فقط ممرا مائيا للعبور ولكن قاعدة صناعية كبرى لا مثيل لها في العالم، في ظل السباق العالمي الذي نحتاج لمواكبته، والسعي إلى غد أفضل من أجل مصر وشعبها.
في فبراير ٢٠١٣، أعلنت إسرائيل تفاصيل خط السكك الجديدة السريعة الذي انتوت إقامته لربط إيلات الساحلية على البحر الأحمر بعدة مدن ساحلية مطلة على البحر المتوسط من بينها تل أبيب وحيفا وأشدود، لنقل الركاب والبضائع ليكون بديلًا ومنافسا لقناة السويس المصرية، إسرائيل وقتها نشرت لأول مرة خرائط توضح خط سير القطار الجديد من إيلات إلى مدن البحر المتوسط، ورئيس الوزراء نتنياهو رصد ١٠٠ مليار دولار عام ٢٠١٣، وكانت تهدف لنقل البضائع بين البحرين الأحمر والمتوسط في مدة لا تزيد على ساعتين، وهي المدة التي تساوي تقريبًا نقل البضائع في القناة بحيث تأتي سفن محملة بالبضائع وتفرغها في الأماكن اللوجستية.
وزير المواصلات الإسرائيلي وقتها زار الصين ليقدم أوراق اعتماد بلاده، على اعتبار أنه أنفع للصين من قناة السويس المصرية، وفي هذا التوقيت شهدت مصر ثورة ٣٠ يونيو وبدأ الرئيس عبدالفتاح السيسي ثورة التعمير والبناء والتشغيل والتحديث، ولكي تحافظ مصر على حصتها من التجارة العالمية كان لا بد من حزمة إجراءات وخطوات فكان من المستحيل المنافسة الدولية والإصلاح بشبكة طرق ومواصلات متهالكة وعاصمة قديمة مخنوقة بكثافة سكانية عالية وشواطئ مهدرة على البحر الأحمر والمتوسط وموانئ قديمة.
ومن أجل ذلك كانت البداية بقناة السويس الثانية، ومحور قناة السويس الجديدة وتطوير المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والنتيجة أن الصين استبعدت المشروع الإسرائيلي واعتمدت محور قناة السويس بمشروع الحرير الجديد، وأصبحت مصر هي معبر بضائع الشرق إلى الغرب ومن الجنوب إلى الشمال في مشروع القرن الصيني، ولكي نحمي الإنجاز لا بد من زيادة الوعي لسحق مخططات المتربصين بمصر لحماية ما تحقق من نجاحات والاستمرار للأفضل بالأمن والاستقرار والعمل الجاد، فتتزايد فرص العمل وتتحقق التنمية المستهدفة.