لنعتبر هذا المقال بلاغًا إلى مقام الرئاسة.. الناس في الإسماعيلية تعيش صدمة كبيرة سببها تخليد إسم الإرهابي المعزول محمد مرسي على لوحة من رخام أسود تم تنفيذها من أموال دافعي الضرائب، كيف تم هذا التصرف المسموم والمحافظ ومستشاروه في نوم عميق؟.
تعالوا هنا نحكي تلك المأساة التي كشفتها تلميذة بالمرحلة الإبتدائية عندما كانت تتنزه مع والدها في حديقة المعرفة التي تم افتتاحها منذ شهور والحقيقة هي أن فكرة الحديقة مبتكرة ورائعة حيث اعتمدت على رسم بورتريهات لشخصيات تاريخية مصرية من ساسة وعلماء، بجوار كل بورتريه رخامة سوداء في منتهى الشياكة ومكتوب على كل واحدة منهم حوالي 70 كلمة عن صاحب البورتريه.
يلهو الشباب والأطفال في الحديقة التابعة لإدارة المتنزهات والحدائق ويتعرفون على صاحب الصورة يقرأون جزء من تاريخه، ومن بين شخصيات الحديقة جاءت صورة الرئيس الشهيد الراحل محمد أنور السادات، وهنا مربط الفرس، حيث لاحظت تلميذة الإبتدائية عندما سألها والدها زميلنا الكاتب والناقد الأدبي حسن جمعة عن ما عرفته عن السادات أجابت أنها عرفت من اللوحة المرفقة بصورة السادات أن السادات قد تم تكريمه من الرئيس محمد مرسي وأن السادات تم اغتياله بيد خالد الاسلامبولي وعطا طايل وحسين عباس وعبدالحميد عبدالسلام وأن الاسلامبولي ورفاقه هم أعضاء جماعة الجهاد الإسلامي، وأعتذر للقارئ لأنني وقعت في نفس الفخ الذي نصبته المحافظة للناس وقمت بتكرار أسماء القتلة وكأنني أخلدهم حسب هدف كاتب نص الرخامة السوداء.
كل ما أعرفه هو أننا نعيش في دولة واحدة ومنهج واحد في التعامل مع السنة السوداء التي عشناها ورقابنا تحت سيف المعزول وجماعته وعندما يكون الخطاب الرسمي هو أن السنة التي حكمتنا فيها الجماعة الإرهابية هي سنة ساقطة من التاريخ فلا يجوز لمحافظ أو رئيس حي أو خلية نائمة في دهاليز الدواوين الحكومية أن تقهرنا بتخليد إسم قاتل جنودنا المصريين في سيناء.
لو اجتهد كاتب النص قليلا لعرف أن مصر الرسمية قد شطبت اسم المعزول وصورته من الذاكرة المصرية، وقد شاهدنا جميعا معرض صور رؤساء مصر في بهو وزارة الخارجية ولم يكن من بينهم صورة المعزول، ويشاهد هذا المعرض أو الجدارية في بهو وزارة الخارجية كل سفراء العالم بمصر كما يتأمله كل ضيوف مصر الرسميين من مستوى وزراء خارجية الدول إلى أصغر موظف دبلوماسي، ناصر السادات مبارك عدلي منصور عبدالفتاح السيسي وشاء من شاء وأبى من أبى.
الإسماعيلية مدينة لها عقل ووجدان لا يجوز أبدا أن يقوم موظف صغير بالتلاعب في ذاكرتها الوطنية، المعزول مرسي لم نعترف به رئيسا بل قام شعب الإسماعيلية البطل أثناء تلك السنة السوداء بمخالفة كل قرارت المعزول ولعل أشهرها كسر قرار حظر التجول الذي حاول فرضه عليهم ونظموا حفلات على السمسمية ومباريات كرة قدم في ذات ساعات الحظر، ثم تأتي بعد ذلك خلية نائمة في ديوان المحافظة لتتطاول على الرئيس السادات لتختزل الرئيس السادات وتخصص أكثر من 30 في المئة في ملفه التعريفي على الرخامة التذكارية بجوار صورته لتكتب أسماء قتلة السادات وكذلك اسم جماعة الجهاد التي ينتمي لها هؤلاء القتلة وتختمها بثالثة الأثافي وهو "تكريم" مرسي للسادات.
إن ما اكتشفته تلميذة الإبتدائية لا يمكن وصفه بالجهل من صاحب الصياغة المسمومة ولكنه تلاعب مدروس ومخطط له بعناية كي يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في وعي الناشئة والأجيال الجديدة.. وفي ظني أن هذا التلاعب أخطر من رصاصات الإرهابيين وقنابلهم المفخخة.
وحتى لا يتهمني أحد بالتحامل على أحد أقول أن نظرة واحدة على المكتوب عن الزعيم الخالد جمال عبدالناصر في ذات الحديقة سوف يكتشف الروح المسمومة لصاحب الصياغة المعادية، فهل يصدق أحد أن كل الملف التعريفي لناصر في هذه الحديقة هو أنه ابن ناس فقراء ولم يكتب صاحب الصياغة حرفا واحدا يشير إلى أن ناصر هو قائد ثورة يوليو المجيدة.
جدارية ناصر لها مقال آخر، وكل ما يهمني الآن هو إزالة اسم المعزول الذي تحاول المحافظة تخليد اسمه على نفقة الدولة.. ليس هذا فقط بل اطالب بالتحقيق في هذه الجريمة حتى نتأكد أننا في بلد صلب ولم يتم يخترقها السوس الإسلامنجى.