تشهد أسعار الذهب المحلية حالة من الهبوط والضعف استمرت خلال الفترة الأخيرة، وتسببت في حيرة المشاركين في الأسواق فهل اكتفى الذهب بهذا الهبوط وسيعود إلى الارتفاع بعد ذلك، أم أننا لم نصل إلى نهاية التصحيح بعد.
وللإجابة على هذا التساؤل سنلقي الضوء على عدد من التغيرات التي حدثت في أسواق الذهب مؤخراً والتي كان لها أثر كبير في التحركات الحالية في الأسواق وفي نفس الوقت ستساعدنا على توقع الحركة القادمة للذهب.
تسعير الذهب المحلي اقترب من التسعير العالمي
أسعار الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً سجلت أعلى مستوى تاريخي عند 2800 جنيه للجرام في 27 ابريل الماضي، ثم بدأت في التراجع التدريجي لتسجل يوم 18 مايو 2200 جنيه للجرام ليفقد الذهب 600 جنيه من قيمته منخفضاً بنسبة 7% خلال 3 أسابيع، ثم صعودا إلي مستوي 2400 جنيها وهنا يتساءل البعض عن إمكانية اتخاذ قرار بالشراء ام الانتظار
وقال تقرير جولد بيليون، أن أسعار الذهب المحلية استمرت في الانخفاض التدريجي في الوقت الذي ارتفعت فيه سعر الأونصة العالمية لتسجل أعلى مستوى على الإطلاق، وهو ما يعكس أن تسعير الذهب المحلي كان مبالغ فيه بشكل كبير وأن الانخفاض الذي شاهدناه كان يعد تعديل في مستوى تسعير الذهب واعتدال لميزان العرض والطلب في الأسواق المحلية ليقترب من التوافق مع التسعير العالمي للذهب.
وخلال الثلاث أسابيع الأخيرة تراجع الطلب على الذهب في الأسواق بشكل ملحوظ لعدد من الأسباب، أهمها امتصاص أسواق الذهب المحلية للسيولة الكبيرة الناتج عن استحقاق شهادات الـ 18% التي ضخت 700 مليار جنيه إلى الأسواق، استطاعت أسواق الذهب أن تحصل على شريحة كبيرة منها، و تفعيل عدد من المبادرات من الجهات المعنية لعودة الهدوء لأسواق الذهب أهمها السماح لواردات الذهب من الخارج بدون جمارك أو رسوم للعمل على زيادة المعروض من الخام.
و الموافقة الرسمية على أول صندوق استثمار في الذهب ليجتذب شريحة من الأسواق ويساهم في تخفيض الطلب على الذهب الفعلي، وعملت الأسباب السابقة على تقريب التسعير المحلي للذهب مع التسعير العالمي بشكل كبير، وهو ما يمثل عودة للثقة في الأسواق وبالتالي نقطة عودة لارتفاع جديد في الطلب على أسواق الذهب، بحسب تحليل جولد بيليون.
الاتجاه الصاعد يظل هو الاتجاه الأساسي للذهب
التراجع الأخير في أسعار الذهب جعل البعض يعتقد أن المعدن النفيس بدأ موجة هبوط وعمليات بيع مفتوح، ولكن الحقيقة أن الانخفاض الأخير في الأسعار يظل ضمن نطاق التصحيح وجني الأرباح لموجة الارتفاع الكبيرة التي دفعت الذهب إلى تسجيل أعلى مستوى تاريخي عند 2800 جنيه للجرام.
السبب في كون الاتجاه الصاعد هو الاتجاه الأساسي في سوق الذهب، هو أن الأسباب التي دفعت الذهب إلى الارتفاع بشكل قياسي لا تزال موجودة ولم يحدث تغيير لها، فالمشكلات القائمة في الاقتصاد لم تتغير بعد وبالتالي يبقى التأثير ثابت على الذهب وهو اكتساب المزيد من الزخم والارتفاع.
الاقتصاد المصري لا يزال يعاني من نقص السيولة الدولارية اللازمة لسداد الالتزامات هذا بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم بالقرب من مستويات قياسية وهو ما يدفع المواطنين إلى شراء الذهب للتحوط ضد التضخم، أيضاً الشائعات والمطالبات الدولية بمرونة سعر الصرف والسماح للجنيه بمزيد من الانخفاض أمام الدولار يزيد من المخاوف لدى المواطنين بانخفاض القيمة الشرائية للعملة وبالتالي تراجع قيمة مدخراتهم وهو ما يدفعهم إلى الذهب كمخزن للقيمة.
وبالنسبة لعملية الاستثمار والادخار فالفترة الحالية لا توجد بدائل في الأسواق سوى الذهب في ظل عزوف شريحة كبيرة عن الادخار في شهادات الاستثمار لدى البنوك وعدم الخبرة الكافية لدى قطاع عريض آخر للاستثمار في البورصة المصرية، وهو ما يقلص الفرص المتاحة لصالح الذهب الذي يعد أسهل وأفضل استثمار حالياً.
كل هذه العوامل لم تتغير في الأسواق حتى الآن وبالتالي لا يوجد ما يدفعنا إلى تغيير نظرتنا بشأن الذهب، فالاتجاه الصاعد يظل هو القائم حتى تتغير المعطيات الاقتصادية والمالية، وأي تراجع نشهده في الأسعار يظل كونه مجرد تصحيح للذهب وجني للأرباح.
وبعد الإعلان الرسمي عن إطلاق أول صندوق استثماري للذهب في مصر " متوافق مع الشريعة الإسلامية "، أصبح السؤال الرئيسي في الأسواق عن تأثير الصندوق على الأسواق المحلية وكيفية الاستثمار فيه.
الاستثمار في الصندوق يكون عن طريق شراء وثائق صادرة من الصندوق قيمة الوثيقة الواحدة 10 جنيهات والحد الأدنى للشراء 10 وثائق بإجمالي 100 جنيه وبدون حد أقصى للشراء، وبذلك يمكن لأي شخص التداول والاستثمار في الذهب بأقل مبلغ ممكن، وفي حالة الرغبة في الاحتفاظ بالذهب وتسلمه بشكل فعلي سيكون الحد الأدنى للشراء 50 جرام ذهب (ما يساويهم من الوثائق).
صندوق استثمار الذهب يفتح الباب أمام العديد من الشرائح للاستثمار في أسواق الذهب كون الحد الأدنى للاستثمار منخفض، كما يساهم في تحقيق الاستقرار في أسواق الذهب حيث نستطيع معرفة تسعير جرامات الذهب في الصندوق والذي سيكون سعر استرشادي قد يحد من التسعير المبالغ فيه في الأسواق.
ولكن بشكل عام لن يستطيع صندوق استثمار الذهب أن يغير من العوامل الداعمة للذهب كون استثمارات الصندوق مدعومة بالذهب، وبالتالي لن يحدث تراجع ملموس في الطلب الحقيقي على المعدن النفيس.