أكد مقال تحليلي نشرته دورية "ذا ديبلومات الأمريكية، للدبلوماسي الهندي السابق السفير أميت داسجوبتا، ودون ماكلين جيل المحاضر في قسم الدراسات الدولية بجامعة "دي لا سال" الفلبينية، أن قيادة اليابان لمجموعة السبع (G-7) هذا العام تمثل فرصة كبيرة لتعزيز التعاون مع الهند فيما يتعلق بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ.
ورأى كاتبا المقال التحليلي أنه مع الاعتراف بالتحولات الهيكلية التي تحدث في التوزيع الدولي للقوة، تدرك اليابان الحاجة إلى العمل باهتمام أكبر مع الهند؛ إذ تتلاقى طوكيو ونيودلهي في رؤيتهما الاستراتيجية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ ومن ثم فمن مصلحة اليابان الاستفادة من رئاستها لمجموعة الدول السبع لإضفاء الطابع المؤسسي بشكل أفضل على شراكتها مع الهند لاستكمال أهدافها الشاملة في المنطقة والتعاون في إطار أكثر فعالية مع بقية أعضاء مجموعة السبعة.
وأشار الكاتبان إلى أن اليابان، التي تتولى قيادة مجموعة السبع هذا العام، تُتاح لها فرصة للمساهمة في جدول الأعمال والتوجيه الذي ستتخذه جميع الديمقراطيات السبع المتقدمة وسط الاضطرابات التي تتكشف في العالم.
وأضاف أنه نظرًا لكونها العضو الآسيوي الوحيد في مجموعة الدول السبع، فمن المتوقع أن تعكس رئاسة اليابان أيضًا التزام طوكيو الثابت بتعميق وتوسيع وتفعيل إطار عمل مجموعة الدول السبع مع التركيز بشكل خاص على منطقة المحيطين الهندي والهادئ (إندو-باسيفك).
وطرح المقال التحليلي سؤالا مفاده "هل يمكن تحدي هذه الافتراضات؟"، وللإجابة على هذا السؤال، استعرض الكاتبان ما أسمياه "السيناريو العالمي حاليا"، بالقول إن العالم مازال في انتظار التعافي من الآثار المدمرة لوباء (كوفيد 19)، إذ من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي العالمي بنسبة 2.2% فقط في عام 2023، كما أن الأزمة الروسية الأوكرانية لا تظهر أي بوادر للتراجع، إلى جانب أن توقعات الاقتصاد والمستهلكين لأوروبا قاتمة، حيث تكافح رياحا معاكسة كبيرة ستكبح اقتصادها وتؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة، بالإضافة إلى أن النظام العالمي يواجه تحديًا حقيقيًا مع تراجع نفوذ الولايات المتحدة وصعود الصين.. موضحين أن هذه الصورة لا تنبئ عن أخبار جيدة للعالم.
وأشار إلى أن نهج الصين الحالي، أدى إلى سباق تسلح غير مسبوق في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بداية من الاتفاقية الأمنية الثلاثية بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة (AUKUS)، إلى تغيير اليابان لسياساتها الدفاعية جذريًا، وصولا إلى تكثيف التعاون الدفاعي والأمني بين الهند وأستراليا، وهي بعض الأمثلة على ردود الفعل تجاه "تهديد الصين المتصور والوشيك".
ولفت الكاتبان إلى أنه خلال اجتماع وزراء خارجية مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في 18 أبريل الماضي، أكد وزير الخارجية الياباني هاياشي يوشيماسا أن الطريقة التي تتكشف بها الأزمة في أوكرانيا قد تلقي بظلالها على جنوب شرق آسيا؛ نظرًا "لزيادة عسكرة بحر الصين الجنوبي على حساب السيادة والحقوق السيادية لدول جنوب شرق آسيا".
وأفاد الكاتبان بأنه مع الديناميكيات المضطربة للجغرافيا السياسية في المحيطين الهندي والهادئ الناجمة عن الصعود الصيني وحدود النفوذ الأمريكي، أعادت اليابان بشكل عملي توجيه سياستها الخارجية نحو نهج أكثر اعتمادا وتحفيزا للأمن، لا سيما في ظل حكومة رئيس الوزراء فوميو كيشيدا.. ودللا على ذلك بأنه من المتوقع أن تنفق وزارة الخارجية اليابانية أكثر من 15.2 مليون دولار للمساهمة في القدرات الأمنية للبلدان الإقليمية ذات التفكير المماثل.
وقال داسجوباتا وماكلين جيل، إنه على الرغم من أن أعضاء مجموعة السبع أشاروا إلى التزامهم بتوفير الأمن والتنمية في المحيطين الهندي والهادئ، إلا أن الافتقار إلى فهم عملي من قبل الغرب فيما يتعلق بالطبيعة الديناميكية والمتنوعة للشرق يوفر تحديات لا يمكن إنكارها بالنسبة لهم في تعظيم فاعليتهم في التأثير في المنطقة.
وأوضحا أن طوكيو، نظرا لإدراكها لهذه الحقيقة، تعمل باستمرار على تعزيز وتعميق وتوسيع شراكتها الاستراتيجية مع الهند، وهو ما يتكامل مع شراكات الهند الاستراتيجية الوثيقة والحيوية مع بقية أعضاء مجموعة السبع، مضيفين أنه بناء على ذلك، فإن دعوة الهند للمشاركة في قمة مجموعة الدول السبع القادمة توفر لليابان فرصة فريدة لاقتراح نهج بديل وعملي في شئون المحيطين الهندي والهادئ.
وأشار الكاتبان إلى أن الهند لا يُنظر إليها على أنها شريك مهم فحسب، بل تُعتبر أيضًا مساهمًا طبيعيًا في استقرار وتنمية منطقة المحيطين الهندي والهادئ؛ نظرًا لعلاقاتها الاستراتيجية العميقة مع مختلف دول المنطقة، وكذلك لكونها خامس أكبر اقتصاد في العالم، وامتلاكها جيش كبير، مضيفين أن مشاركات نيودلهي الخارجية تركزت دائمًا على احترام التنوع والتواصل الشفاف والتعاون القائم على الديمقراطية على أساس الأهداف والمصالح المشتركة.. والأهم من ذلك، أنها قادرة على التعامل مع الصين ومعالجة القضايا المتعلقة بها بكفاءة.
وأكدا أن طوكيو ونيودلهي تتمتعان بقدر كبير من النضج السياسي، يمكنهما من التكامل مع مصالح دول منطقة المحيطين الهندي والهادئ التي لا ترغب في التعمق في حالة الاستقطاب الثنائي الناجم عن المنافسة الشديدة بين الصين والولايات المتحدة، كما أن اليابان والهند تتمتعان بقدرات مادية هائلة يمكن أن تساهم بشكل إيجابي في بناء قدرات الدول الشريكة، مع ضمان أن يستند التعاون أيضا إلى الاهتمامات والأهداف المتبادلة بدلا من سياسات التكتلات.
ورأى الكاتبان أنه لهذه الأسباب، ومع رئاسة اليابان لمجموعة السبع، هناك فرصة مهمة لدمج الشراكة الموسعة بين اليابان والهند، في سياق خارطة الطريق الاستراتيجية الأوسع لمجموعة السبع للمنطقة، مشيرين إلى أن ذلك سيكون بمثابة قوة دافعة لإطار عمل أكثر إنصافًا للتعاون بين الدول المتقدمة والنامية.
العالم
"ذا ديبلومات": قيادة اليابان لمجموعة السبع فرصة لتعزيز التعاون مع الهند بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق