أكد قادة وزعماء الدول العربية عزمهم الثابت على تعزيز الأمن القومي العربي ومكافحة التنظيمات الإرهابية والدفاع عن استقلال الدول العربية وحماية سيادتها الوطنية، والذود عن وحدة ترابها الوطني وسلامة أراضيها ضد أي اعتداء.
جاء ذلك في قرار بعنوان (صيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب وتطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب)، في ختام أعمال القمة العربية العادية الثانية والثلاثين، التي استضافتها مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.
وشدد القادة على الحق الثابت للدول الأعضاء في صد أي اعتداء على مجتمعاتها ومواطنيها أو مؤسسات الدولة والأجهزة الحكومية، وكذلك حقها في اتخاذ جميع الإجراءات واستخدام كافة الوسائل التي تحول دون تعرضها لأي تهديدات واعتداءات تشكل خطرًا على أمنها وسلامة مجتمعاتها، وذلك وفقًا لميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي.
وأعرب القادة العرب عن إدانته الحازمة لكل أشكال الإرهاب وبمختلف صوره وممارساته ومظاهره، ورفضه الثابت لأي توجه كان لربط الإرهاب بأي دين أو حضارة أو أمة وإذ يؤكد من جديد رفضه التام لأي شكل من أشكال الدعم الصريح أو الضمني للمنظمات الإرهابية أو المنظمات المتطرفة، وإدانته الحازمة للعمليات الإرهابية بكل أشكالها وصورها.
ودعا القادة العرب إلى تكثيف الجهود وتعزيز التنسيق مع المجتمع الدولي ومنظماته الدولية والإقليمية في مواجهة الإرهاب وعلى نحو خاص في مجالات تجفيف منابع تمويل الإرهاب، وظاهرة سفر الإرهابيين الأجانب والعمل على الحد من تنقلهم بين الدول وإيجاد ملاذات آمنة لهم، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة التي تحول دون استخدام الإرهابيين لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وإدانة كل أشكال العمليات الإجرامية التي تشنها التنظيمات الإرهابية في الدول العربية.
وندد مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة بكل الأنشطة التي تمارسها تلك التنظيمات المتطرفة، والتي ترفع شعارات دينية أو طائفية أو مذهبية أو عرقية وتعمل على التحريض على الفتنة والعنف والإرهاب، والتأكيد على القيم الإنسانية السمحاء للعقيدة الإسلامية التي تصون كرامة الإنسان وتنبذ التمييز على أساس العرق أو اللون أو اللغة أو الجنس أو المعتقد.
واعتبر المجلس مكافحة الإرهاب حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان لما للإرهاب من آثار مدمرة على قدرة المواطنين على التمتع بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتثمين الجهود العربية التي أدت في هذا السياق إلى تمرير قرار آثار الإرهاب على التمتع بحقوق الإنسان في كل من مجلس حقوق الإنسان الدولي واللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم العربية.
وحث المجلس الدول العربية التي لم تصادق على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب والاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب والاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات إلى التصديق عليها، وإيداع وثائق التصديق لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
ودعا المجلس الدول العربية التي لم تصادق على الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب للنظر في إتمام إجراءات التصديق عليها، بما يتماشى مع نظمها القانونية الوطنية.
كما حث القادة العرب الدول الأعضاء على تعزيز تعاونها في إطار الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، وذلك للعمل على نحو جماعي لحرمان التنظيمات الإرهابية من استخدام وسائط التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في بث دعايتها التي تروج للكراهية والفتنة.
وأكد القادة العرب أهمية مواصلة تحديث قاعدة البيانات الخاصة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب، والقائمة العربية الموحدة للتنظيمات والكيانات الإرهابية (القائمة السوداء لمنفذي ومديري وممولي الأعمال الإرهابية ودعوة الدول العربية على تغذيتها بالبيانات المطلوبة).
كما دعا القادة العرب الدول الأعضاء إلى سن التشريعات والقوانين واتخاذ الإجراءات والتدابير لتجريم الفكر المتطرف والتكفيري؛ لخطورته في تغذيته للإرهاب وإثارة النزعات الطائفية، والطلب إلى الأمانة العامة تعزيز التنسيق مع الجهات العربية المعنية لمكافحة الإرهاب ومواصلة تعاونها مع المنظمات الإقليمية والدولية ذات الصلة.
وحثوا الدول العربية على تجريم السفر للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية الموجودة خارج الحدود الوطنية والمشاركة في الأعمال القتالية، ووضع التشريعات الوطنية الملائمة لملاحقتهم قضائيا، واعتبار تزوير وثائق الهوية والسفر واستعمالها للانتقال لمناطق النزاع ظرفا مشددا في القوانين الوطنية.
كما طالب قادة الدول العربية بالامتناع عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم الصريح أو الضمني الى الكيانات أو الأشخاص الضالعين في الأعمال الإرهابية، ورفض كل أشكال الابتزاز من قبل الجماعات الإرهابية من تهديد أو قتل للرهائن أو طلب للفدية.
وأكدوا أهمية مواصلة تنسيق المواقف العربية في المنظمات والمؤتمرات الإقليمية الدولية التي تشارك فيها الدول العربية بشأن مكافحة الإرهاب، واستمرار دعم التعاون القائم بين جامعة الدول العربية والمنظمات الإقليمية والدولية والوكالات المتخصصة المعنية بمكافحة الإرهاب.
وأشاروا إلى أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي من أجل التوصل إلى اتفاقية شاملة تتعلق بالإرهاب الدولي، حتى تكون أداة فعالة للتصدي للإرهاب.
وأبرزوا أهمية دعم التعاون القائم بين منظومتي جامعة الدول العربية والأمم المتحدة وتنفيذ البرامج المشتركة في التعاون القانوني والقضائي في مجال مكافحة الإرهاب، وفق مخرجات الاجتماع الدوري بين المنظومتين.
ورحب القادة العرب بنتائج اجتماع كبار المسؤولين بين جامعة الدول العربية وهيئة العمل الخارجي الأوروبي، الذي عقد عبر تقنية الفيديو كونفرانس بتاريخ 2022/11/30، في إطار التعاون المشترك بين الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وهيئة العمل الخارجي في الاتحاد الأوروبي في مجال التعاون القانوني والقضائي في مكافحة الإرهاب.
كما رحبوا بنتائج الاجتماع السادس للجنة تسيير ومتابعة البرنامج الإقليمي للدول العربية المنع ومكافحة الجريمة والارهاب والتهديدات الصحية وتعزيز نظم العدالة الجنائية، بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان (2016-2022)، وذلك خلال الفترة من 13 إلى 15 ديسمبر 2022 بمدينة القاهرة.
ورحب القادة العرب كذلك بتولي جمهورية مصر العربية الرئاسة المشتركة للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب خلال أعمال الاجتماع الحادي والعشرين للجنة التنسيقية للمنتدى الذي عقد بالقاهرة يوم 2023/5/4، ودعوة الأمانة العامة لبحث سبل التعاون مع المنتدى والاستفادة بخبراته ومن مخرجاته لتعزيز العمل العربي المشترك لمكافحة الإرهاب.
ورحبوا أيضا بالتوقيع على إطار العمل الإقليمي للدول العربية للفترة بين (2023 و2038) بين جامعة الدول العربية، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
ودعت القمة العربية الدول الأعضاء لتعزيز التعاون مع المنظمات والوكالات الدولية؛ للاستفادة من برامج المساعدة الفنية المتاحة لبناء القدرات الوطنية لمواجهة خطر حيازة الارهابيين لأسلحة الدمار الشامل ومكوناتها وتعزيز أمن المطارات والموانئ والحدود.
ودعا القادة العرب أيضا الدول الأعضاء إلى تزويد الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بتقارير شاملة حول المبادرات الوطنية التي تقوم بها لمواجهة الإرهاب، بما في ذلك نتائج أعمال المؤتمرات والندوات التي تنظمها حول مكافحة الإرهاب والمنظمات المتطرفة، ومواصلة موافاة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بما يتوفر من صور وأفلام وثائقية ومطبوعات تبرز مآسي وآلام ضحايا الأعمال الإرهابية لعرضها خلال فعاليات اليوم العربي للتوعية بآلام ومآسي ضحايا الأعمال الإرهابية في المنطقة العربية، ودعوة الدول العربية ومؤسسات العمل العربي المشترك إلى أحياء هذا اليوم وموافاة الأمانة العامة بالمبادرات التي تقوم بها في هذا الشأن.