انطلقت مساء الثلاثاء الماضي، فعاليات الحدث السينمائي الفرنسي الأهم (مهرجان كان السينمائي) في نسخته السادسة والسبعين، في إطار من الأجواء الاحتفالية بصناع الأفلام والنجوم والسينما أيضًا. ليصبح جنوب فرنسا مرة أخرى مركزًا لعالم السينما وجديدها، ففي الأيام المقبلة ستزدحم شوارع الكروازيت بأشهر الأسماء في صناعة السينما لعرض مشاريعهم الجديدة، بما في ذلك عودة مشاهير هوليوود المخضرمين من بينهم المخرج مارتن سكورسيزي، وهاريسون فورد، وروبرت دي نيرو، وآخرين.
وخلال حفل الافتتاح، الذي لم يستغرق وقتًا طويلًا، قامت الممثلة الفرنسية كيارا ماستروياني، ابنة النجمة كاثرين دينوف – التي تتوج صورتها غلاف ملصق المهرجان الرسمي هذا العام، إلى خشبة مسرح قصر المهرجانات لتقديم لجنة تحكيم المسابقة الرسمية التي يرأسها المخرج السويدي روبن أستلوند.
وقال أستلوند خلال كلمته الافتتاحية: "أردت أن أتحدث عن الجانب الفريد للسينما وهو أننا جميعًا نشاهده معًا. نحن نجلس في غرفة واحدة معًا، ونشاهد محتوى واحدًا". ثم تذكر المخرج السويدي التجمع حول شاشة التلفزيون مع والديه عندما كان طفلًا، وقال مازحا إن العرض التلفزيوني الوحيد الذي تشاهده أي أمة - أو أي عائلة - هو مسابقة الأغنية الأوروبية.
تلاه صعود الممثلة الأمريكية أوما ثورمان إلى المسرح لتكريم النجم مايكل دوجلاس، الذي حصل على السعفة الفخرية تقديرًا لجهوده في صناعة السينما. ورحبت ثورمان بدوجلاس خلال كلمتها، قائلة: "إنه فنان فريد من نوعه كمنتج ونجم سينمائي مبدع، هذا الإرث قد ميز بشكل لا يمحى شكل السينما الأمريكية نفسها. واختتمت: "نجم إلى الأبد، وفنان مضيء".
واستقبل الضيوف دوجلاس بحفاوة بالغة لدى صعوده خشبة المسرح، وقال في خطاب قبوله الجائزة: "هذا يعني الكثير بالنسبة لي، لأن هناك المئات من المهرجانات السينمائية في جميع أنحاء العالم، ولكن هناك مهرجان كان واحدًا فقط". ثم تساءل بدهشة: "ستة وسبعون سنة؟".
وعاود دوجلاس تذكر المرات العديدة التي حضر خلالها المهرجان خلال ٥٠ عامًا، كممثلًا، ثم بعد سنوات الجائحة وكذلك الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة، مضيفًا بأن "تجربة هذا المهرجان هي تذكير بما هو عليه العالم الإيجابي، وكيف يمكن لصناعة السينما أن رفيعة الشأن".
في سياق آخر، حظي النجم جوني ديب، بالصخب الإعلامي الأكبر خلال حفل الافتتاح، كون فيلمه الجديد "Jeanne du Barry" الذي عرض في افتتاح المهرجان، هو أول أعماله منذ ٣ سنوات، بعد معركة قضائية طويلة بينه وبين زوجته السابقة أمبر هيرد.
فهناك من عارض فكرة وجوده في المهرجان وطالب بمقاطعة الحدث بسبب ما وصفوه سوء السلوك، وهناك البعض الآخر الذي احتفى به على السجادة الحمراء لدرجة أن أحد الجماهير المصطفة خارج قصر المهرجانات، كتب لافتة: "نحن نحب جوني ديب".
أما داخل المسرح فالوضع كان مثيرًا للحماسة بعد عرض فيلمه، فلقد حصل جوني ديب على تحية من الضيوف لمدة ٧ دقائق. وفي اليوم التالي ظهر ديب في المؤتمر الصحفي للحديث عن أزمته الحالية والمقاطعة التي يتعرض لها من جانب هوليوود، قائلًا: "لا أشعر بمقاطعة هوليوود لأنني لا أفكر في هوليوود".
وتابع ديب خلال المؤتمر الصحفي الذي تأخر على موعده ٤٠ دقيقة بسبب زحمة السير، قائلًا: "إنه وقت غريب ومضحك حيث يحب الجميع أن يكونوا على طبيعتهم، لكنهم لا يستطيعون ذلك. يجب أن يتماشى مع الشخص الذي أمامهم. إذا كنت تريد أن تعيش تلك الحياة، أتمنى لك الأفضل". كما رفض ديب فكرة أن مهرجان كان يمثل "عودته" إلى السينما؛ موضحًا: "لقد حصلت على عودتي السابعة عشر، على ما يبدو. ما زلت أتساءل عن كلمة "عودة "، أنا لم أذهب إلى أي مكان".
وحظى فيلمه "Jeanne du Barry" للمخرجة ماوين، بتقييمات متوسطة تصل إلى مقبولة من جانب النقاد، قائلين أنها لم تكن العودة المنتظرة لجوني ديب في السينما. وكتبت صحيفة التلغراف في مراجعتها للفيلم: "قد يكون ديب الممثل الأقل ملاءمة للعب دور الملك. صحيح أن لغته الفرنسية ليست رديئة للغاية، لكن جاذبيته الملكية غير موجودة. إن ديب ليس أول منبوذ من هوليوود يعمل في أوروبا، ولكن سيكون من المبالغة القول إن هذا يبدو وكأنه الشرارة الأولى لعودة مجيدة".
أما موقع "إندي واير" فكتب: "على الرغم من أدائه بالكامل بالفرنسية وإعطائه وقتًا طويلًا على الشاشة، إلا أن النجم الأمريكي يترك انطباعًا ضئيلًا بشكل غريب، حيث يقدم انعطافة خافتة وصامتة تقلل من سمعته الواسعة بطرق رائعة في كثير من الأحيان".
وأشار موقع "هوليوود ريبوتر"، إلى أن اختيار جوني ديب في الدور قدم بعض الإثارة المبكرة ثم تثاءب في الغالب. مع ديب يخرج ما يبدو وكأنه مجموعة من عشرة سطور بالفرنسية المحترمة، بينما يظل صامتًا بخلاف ذلك. أداؤه ليس سيئًا، وكذلك ماوين في دور البطولة، لكن كلاهما، مثل الفيلم، نادرًا ما يندفع نبضنا بسرعة تجاهه".