منذ اندلاع الحرب الأهلية الإثيوبية، فى تيجراى فى شهر نوفمبر من عام ٢٠٢٠، تسببت فى نزوح وهروب عشرات الآلاف من اللاجئين إلى شرق السودان، وبعد اندلاع الحرب بين الجيش السودانى وميليشيات الدعم السريع، فاقمت الأزمة من معاناة اللاجئين القادمين من تيجراى هربا من الحرب التى وضعت أوزارها قبل ستة أشهر باتفاق بريتوريا بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تيجراي.
ويواجه لاجئو تيجراى رعبا جديدا، بعد الفرار من القتل والدمار فى شمال إثيوبيا، ولاذوا بالفرار إلى مخيمات اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فى شرق السودان، بينما أصبحوا هدفا لعصابات الاختطاف والاتجار بالبشر.
وكشفت صحيفة الجارديان البريطانية فى تقرير لها، عن اختطاف اللاجئين ونقلهم عبر الصحراء وتعذيبهم من أجل الحصول على فدية- فى صناعة وحشية تقدر بملايين الدولارات.
ويروى "سيلاسي"– الذى ترك تيجراى إلى شرق السوادن واشتغل ببعض المهن - تفاصيل رحلة اختطافه التى بدأت عندما أخذه بعض الأشخاص قالوا إنهم مزارعون ووعدوه بالعمل الزراعي.
وقال "سيلاسي" وفقا لتقرير الجادريان المنشور منتصف مايو الجاري، إن "هذه المرة بعد أن استقل سيلاسى ولاجئين آخرون الشاحنة، تم اقتيادهم إلى عمق الصحراء، حيث التقى ما يسمى بالمزارعين بشركاء مسلحين ببنادق عندها فقط "أدركنا أننا تعرضنا للاختطاف"، كما يقول.
وقالت الصحيفة البريطانية إنه من هناك تم تهريب اللاجئين شمالا، إلى الحدود الليبية وبيعهم لعصابة أخرى وعلى مدار العام التالي، تم احتجاز سيلاسى مع لاجئين آخرين من الصومال وإريتريا وإثيوبيا، وتعرضوا للتعذيب يوميا ونقلوا بين سلسلة من المستودعات الضيقة الخالية من الهواء فى الصحراء.
وأضافت "رفض المُتجِرون إطلاق سراح "سيلاسي" حتى دفعت أسرته فدية قدرها ٦٠٠٠ دولار (٤٨٠٠ جنيه إسترليني) وبعد أن تم الدفع له، بدلا من إطلاق سراحه، باعته العصابة ببساطة لآخرين، طالبوا بمبلغ إضافى قدره ٢٠٠٠ دولار، بعد أن تم دفعه، تم نقله مرة أخرى إلى مجموعة أخرى من الخاطفين، الذين طلبوا نفس المبلغ"، وأكد سيلاسي: "لم أكن أعتقد أننى سأخرج حيا".
وأشارت الصحيفة إلى أن تجربة سيلاسي، - الذى غير اسمه لدواع أمنية - ليست فريدة من نوعها حيث قال نشطاء وآخرون من تيجراى إن المتجرين يستغلون الناس فى معسكرات اللاجئين التى تديرها الأمم المتحدة والحكومة السودانية فى جنوب شرق السودان، وتؤوى ٧٠ ألف شخص فروا من تيجراي.
وتابعت "الجارديان" أن اللاجئون هم أحدث ضحايا صناعة الاتجار بالبشر الواسعة والوحشية فى الصحراء، والتى يُعتقد أنها تساوى مئات الملايين من الدولارات سنويا، والتى تمتد عبر أفريقيا وتحاصر أولئك الفارين من الحروب والاضطهاد السياسى والصعوبات الاقتصادية، وأولئك الذين لا يستطيعون دفع الفدية التى تطلبها العصابات ليس لديهم أمل فى الإفراج عنهم.
وأوضحت أنه منذ اندلاع النزاع بين الجيش السودانى وميليشيات الدعم السريع منتصف أبريل الماضي، تضاءلت المساعدات وبدأ اللاجئون فى مغادرة المخيمات بحثًا عن الطعام والمأوى، مما عرض كثير منهم لمزيد من الأخطار، وقال أحد العاملين فى المجال الإنسانى إن مسألة سلامة لاجئى تيجراى قد أثيرت مع الأمم المتحدة، لكن لم يتم اتخاذ أى تدابير للمساعدة، مضيفا "لنكون صادقين، لم يرغبوا فى سماع ذلك شعرت وكأنهم يغضون الطرف عن بعض قضايا حماية اللاجئين الواضحة".
ويقول لاجئون من تيجراي، الذين اختطفوا قبل الصراع الحالى فى السودان، إنهم نُقلوا إلى مستودعات فى بلدات بالصحراء الليبية، حيث تم احتجازهم مع آلاف آخرين، وأكدوا أن المُتجِرين الذين يطالبون بالدفع يجلدون ضحاياهم وأحرق البعض بالسجائر، ويقول سيلاسى إن معذبيه غطوه بالماء وصعقوه بالصدمات الكهربائية، وأضاف: أثناء وجودى فى أحد المستودعات، استيقظت مرتين لأكتشف أن الشخص النائم بجانبى قد مات، لقد رأيت الكثير من الجثث".
وتقول امرأتان ورجل من تيجراى إنهما تعرضا للاعتداء الجنسى من قبل خاطفيهما فى السودان وليبيا، وأكدوا أن جميع النساء تعرضن للاغتصاب فى المستودع قبل مُتجِرين ليبيين وإريتريين، وأوضحت المرأة "لقد أخذونا فى أى وقت يريدون، وتعرضت للاغتصاب عدة مرات كانوا يهددون بجعلنا حوامل إذا لم ندفع".
ويروى شخص آخر يدعى "كيشي" لصحيفة "الجارديان" تجربته المروعة فى الاختطاف قائلا أنه اختطف من مخيم تونيدبة فى يونيو ٢٠٢١ وتعرضت للضرب عندما أخبرتهم أنه لا يمكننى الاتصال بتيجراى لأن الشبكة مغلقة هناك، مضيفا أنه احتجز فى غرفة بلا نوافذ فى مكان ما بمنطقة الكفرة بجنوب شرق ليبيا، وقد تركته هذه التجربة أعمى جزئيا بعدما ترك لمدة تسعة أشهر فى الظلام دون أن يرى الشمس.
وأكدت صحيفة الجارديان البريطانية أن العديد من اللاجئين تمكنوا من الفرار من المستودعات الصحراوية وهم الآن فى طرابلس، وأكد سيلاسى أنه حتى بعد الخلاص من عصابات الاختطاف ليس فى مأمن من أى خطر، بسبب نقص الوثائق، وهو الوضع الذى يجعل اللاجئين عرضة لمداهمات الشرطة الليبية، التى تحتجزهم وتطلب رشاوى مقابل إطلاق سراحهم، وهى تكتيكات مماثلة لتلك التى يستخدمها المهربون، لذلك هم يعيشون تحت الأرض.