ماكس هيرز؛ أو هيرز باشا كما أطلق عليه المصريون؛ هو مهندس معماري ومصمم مبانٍ، مجري المولد والأصل وُلد لعائلة يهودية فقيرة ودرس العمارة في بودابست وفيينا.
وجاء «هيرز» إلى مصر زائرًا عام 1880، حيث عُين عام 1881 بوزارة الأوقاف تحت رئاسة المعماري يوليوس فرانز باشا، رئيس مصلحة الأوقاف في عهد الخديو توفيق، وفي العام التالي - 1882 - تقلّد «هيرز» منصب مدير المتحف العربي أو دار الآثار العربية بالقاهرة، الذي عُرِف بعد ذلك باسم المتحف الإسلامي، وقد أهله نشاطه الملحوظ وسمعته الطيبة في خدمة العمل المدني للحصول على لقب «بِكْ» عام 1885، كما أدت إنجازاته التي حققها بعد توليه منصب رئيس لجنة حفظ الآثار العربية عام 1901، إلى حصوله على لقب «باشا» عام 1912.
عمل «هيرز» على إنقاذ العشرات من المباني الإسلامية التاريخية عن طريق إعادة بنائها وترميمها، وكذلك عن طريق دراسة ما لم يتمكن من إنقاذه منها وتوثيقه بالتصوير والرسم والقياس والوصف الدقيق قبل هدمه وعلى سبيل المثال أعاد هيرز بناء مئذنتي مسجد المؤيَّد وترميم مسجد الأقمر بشارع المُعِزّ وكذلك مسجد المارداني الذي أعاده لبهائه القديم بعد أن كان قد تحول إلى خرائب مهدّمة كما امتدت بصماته إلى عمارة الجامع الأزهر ومجموعة السلطان برقوق.
غير أن ذروة جهود «هيرز» ودُرّة أعماله التكميلية والترميمية قد استأثر بها ميدان القلعة بعد أن تصدى لترميم جامع السلطان، وكذلك بعد إتمامه تشييد جامع الرفاعي عقب وفاة مصممها الأصلي المهندس حسين باشا فهمي.
ألّف «هيرز» أول دليل شامل لدار الآثار العربية، وهو مجلد ضخم تجاوز ستمائة صفحة، وهذا الدليل الأول هو الذي اعتمدت عليه فيما بعد كل الكتب التي صدرت عن المتحف الإسلامي.
ولم تُحرَم الآثار القبطية من جهود «هيرز» إذ تولت لجنة حفظ الآثار العربية برئاسته ترميم كنائس أبوالسيفين وأبوسرجة والسِتّ بربارة.
غادر «هيرز» مصر في صيف عام 1914 ليقضيه في أوروبا بسبب تداعيات الحرب العالمية الأولى، غير أنه غامر وعاد إلى مصر في أكتوبر من نفس العام لتضطره الإدارة الإنجليزية إلى الاستقالة من كل المواقع التي شغلها والتوقيع على طلب كتابي لمغادرة البلاد نهائيًا، وبمغادرته مصر أفَل نجم لجنة حفظ الآثار العربية وانحسر نشاطها على نحوٍ ملحوظ وظل مقصورًا على بعض المشروعات المحدودة بسبب ضعف التمويل والإدارة إلى أن تم حلّها رسميًا عام 1953.
وإلى جانب الدور التاريخي الذي لعبه «هيرز» في سياق استعادة رونق القاهرة الإسلامية كان له نشاط ملحوظ في تصميم عدد من العمائر الحديثة وبنائها ومن أشهر أعماله: فيلّا عائلة زُغيب بالقاهرة، وهي الفيلّا التي تبرّع بها مالكوها لتكون مقرًا لمتحف الفن الحديث بالقاهرة حتى هُدِمَت عام 1963، كذلك تولى «هيرز» تصميم مسكنه الشخصي الفخم الذي عُرِف باسم فيلّا هيرز بشارع الشيخ بركات بمنطقة قصر الدوبارة، وصمّم أيضًا مباني بنك الائتمان المصري بشارع عبدالخالق ثروت، وقصر نيستور جاناكليس بميدان الخديو إسماعيل «ميدان التحرير حاليًا».
وتوفي "هيرز" عام 1919، في مدينة زيوريخ خلال رحلة لمهمة عمل لم يمهله القدر لإتمامها ودفنته أسرته بمدينة ميلانو الإيطالية التي كانوا قد نزحوا إليها.