يرجع اسم المنطقة الأثرية الشهيرة بالقرب من محافظة أسوان "فيلة" إلى الكلمة الإغريقية "فيلاي"، التي تعني "الحبيبة".
وقد عرفت في الأدب العربي باسم "أنس الوجود"، نسبة لأسطورة أنس الوجود بقصص التراث الشعبي "ألف ليلة وليلة"، أما الاسم المصري القديم والقبطي فهو "بيلاك"، ويعني الحد أو النهاية، لأنها كانت آخر حدود مصر في الجنوب.
وتشمل آثار فيلة العديد من المباني ذات الطراز المعماري الفريد، التي يعود تاريخها إلى العصر البطلمي، وأبرزها المعبد الذيشرع بطلميوس الثاني "فيلادلفوس" في بنائه، وتعاقب على إكماله ملوك البطالمة، ويبلغ طوله حوالي 19 مترا، والذي كان مكرسًا لإلهة المصرية "إيزيس" أم "حورس" رب الملكية.
وهو المعبد الذي يضم المنظر الشهير في الماميزي "حجرة الولادة"، حيث كان يتم الاحتفال بولادة حورس، والذي تظهر فيها إيزيس وهي ترضع ابنها حورس في الأحراش. وقد تم اكتشافه عام 1871م.
ظل المعبد يؤدي دوره حتى عهد الملك البيزنطي جستنيان الأول، والذي أمر بإغلاق كل المعابد الوثنية، حيث نقش كاهن يدعى "اسمت-اخوم" آخر نص هيروغليفي ويرجع ذلك إلى القرن الرابع الميلادي 394م. ثم تم تحويل المعبد إلى كنيسة وتم محو العديد من نقوش المعبد.
وقد تم نقل كل هذه الآثار من جزيرة فيلة الأصلية إلى جزيرة أجيلكيا القريبة، التي تبعد مسافة 500 متر عن جزيرة فيله الأصلية، خلال حملة اليونسكو لإنقاذ آثار النوبة، في الستينيات من القرن الماضي، لإنقاذ المواقع التي غمرتها مياه النيل في عملية بناء السد العالي بأسوان.
وأعيد تجميع معبد "إيزيس" في موقع يتميز بالمناظر الخلابة، ليتناسب مع الموقع الأصلي للمعبد في جزيرة فيله.
يتكون مجمع العبادة في "فيلة" من المعبد الرئيسي لإيزيس - وهو أكبر المعابد - بالإضافة إلى العديد من المعابد الأصغر المخصصة للآلهة الأخرى. وتعتبر معابد فيلة مثالاً جميلاً للعمارة المصرية القديمة، فهي مبنية على الطراز المصري التقليدي، ومزينة بنقوش هيروغليفية.
وقد بُني المعبد من الحجر الرملي، ويتكون من البوابة التي تتوسط الصرح الأول، وفي نهايته درجات سلم تؤدي إلى الصرح الثاني الأصغر حجما؛ ويقع بين الصرحين حجرة الولادة أو الماميزي، التي تحتوي على نقوش تحكي قصة هرب إيزيس إلى أحراش الدلتا لولادة حورس، ومناظر تظهر فيها وهي ترضع حورس.
وللمعبد بابان، الباب الرئيسي متوج بحلية يعلوها قرص الشمس المجنح ويؤدي إلى بهو تطل عليه ثلاث حجرات، وفي الجدار الشرقي من الحجرة الوسطى "قدس الأقداس" نقشت بعض المناظر الخاصة بتقديم القرابينورسوم تجمع بين إيزيس وأوزوريس، مثل المنظر الذي تفرد فيه إيزيس جناحيها خلف أوزوريس قائلة "سأحتضن جمالك". وقبل بلوغ قدس الأقداس يوجد صالتين، استخدمت الأولى ككنيسة.
أيضا، ظهرت الكثير من العناصر المعمارية في العصر اليوناني في المعابد لم تكن موجودة في المعابد المصرية مثل الستائر الجدارية من ضمن الظواهر اليونانية الرومانية الجديدة في المعبد هو أن الملك كان يترك الخراطيش فارغة، وذلك إذا لم يكتمل بناء المعبد فيكمله ما جاء بعده ويكتب اسمه في الخرطوش، مع وجود اسم الملك الذي سبقه بدون إزالته.
يضم الرواق الذي يسبق الصرح في الجانب الشرقي مجموعة من الأعمدة التي لا تشبه بعضها كما إنهم ليسوا مكتملين، أما في الجانب الغربي يوجد 35 عمود مكتملين. وقد شهد إضافات من بطليموس الثالث، ثم إضافات أخرى من عصور يتبريوس وبطليموس الثاني عشر.
أمّا الصرح، وهو مصدر الرهبة بالنسبة لزائري المعبد، فتوجد على بوابته التي شيدها بطليموس الثاني مناظر تمثل رقصات جنائزية. وعلى العتب العلوي مناظر لقرص الشمس المجنح والكورنيش المصري ثم منظر الجري بآنية الحس - وهي عملية تطهير الملك ولابد أن يقوم بها - كما يوجد تقديم قرابين للآلهة مختلفة منها آمون مين وإيزيس وحتحور. وسميت هذه البوابة بـ"بوابة فيلادلفوس" نسبة إلى الملك الذي شيدها.
أمّا "الماميزي" أو حجرة الولادة، والتي ترجع لعهد بطلميوس السادس، فقد انتشرت في العصر اليوناني، فكان كل معبد فيه بيت ولادة. مثلما عُثر في دندرة على حجرتين ماميزي. واكتسبت أهميتها من كونها مكان مولد حورس، ومنها يأتي شباب الملك، وتمثل اتحاد ايزيس وحورس معاً.
تضم الحجرة التي تتمتع بمدخل خاص إضافة إلى مدخلها من الصرح، نقوشا تمثل الآلهة ايزيس عندما خرجت لتبحث عن زوجها أوزيريس، وهيتترك ابنها مع الآلهة لترعاه وتربيه منهم حتحور؛ وكذلك منظر لحورس في أحراش الدلتا وهو ممثل بشكل طائر وهناك آلهة محيطة به للحماية، وعملية الاحتضان بين إيزيس وأوزيريس، وكذلك احتضان إيزيس لابنها حورس،وكذلك ايزيس وهي ناشرة أجنحتها،ومنظر لحورس بعلامات الطفولة متمثلة في الجسد العاري وخصلة الشعر الجانبية.